وبحسب ما أفادت به وسائل الإعلام الإيرانية، جاءت محافظات زنجان، وجهارمحال وبختياري، وأصفهان في المراتب التالية، بمعدل نفقات شهرية يبلغ نحو 25 مليون تومان للأسرة.
أما محافظة سمنان فقد سجلت أدنى معدل إنفاق شهري للأسرة، بنحو 12.8 مليون تومان. كما كانت محافظات كرمان، وأذربيجان الغربية، وإيلام من بين المحافظات ذات الإنفاق الأدنى على مستوى البلاد.
وفي وقتٍ سابق، صرحت مريم رضا بور، المديرة العامة لمكتب السكان والقوى العاملة واقتصاد الأسرة في مركز الإحصاء الإيراني، لصحيفة "تعادل" بأن السكن وما يتعلق به يشكل ما يصل إلى 57 في المائة من نفقات الأسر الإيرانية.
غير أن موقع "خبر أونلاين" نقل عن حسين أحمدي، الخبير في اقتصاد السكن، قوله إن هذه النسبة تتجاوز 70 في المائة في بعض شرائح الدخل المنخفضة.
ووفقاً لتقرير سابق لموقع "خبر أونلاين"، فإن تكاليف السكن في سلة النفقات للأسر الحضرية تجاوزت 43 في المائة.
ارتفاع كبير في نفقات الأسر الإيرانية
أوضحت رضا بور في حديثها لصحيفة "تعادل"، استناداً إلى بيانات "مسح الدخل والنفقات الأسرية"، أن المتوسط السنوي لنفقات الأسرة الحضرية في عام 2024 بلغ نحو 270 مليون تومان، أي زيادة بنسبة 30 في المائة مقارنة بالعام السابق.
وأشارت إلى أن من هذا المجموع، 63 مليون تومان (نحو 24 في المائة) خُصصت للنفقات الغذائية والتبغية، في حين بلغت 200 مليون تومان (نحو 77 في المائة) للنفقات غير الغذائية.
كما نقلت وكالة "مهر" في 29 مايو/أيار 2025 عن تقرير حول "أوضاع نفقات الأسرة الإيرانية"، أن السكن يستحوذ على 42.2 في المائة من النفقات الشهرية، مضيفة أن الأسر المالكة لمنازلها في وضعٍ أفضل، في حين تواجه الأسر المستأجرة أو الممولة بالديون ضغطاً مالياً متزايداً.
وتشكل نفقات الغذاء حوالي 25 في المائة من مجموع النفقات الشهرية للأسر الإيرانية، تليها نفقات الصحة والعلاج (9 في المائة)، والنقل والاتصالات (8 في المائة)، ثم الأثاث والملابس والأحذية (3 في المائة) تقريباً.
العمال الإيرانيون يكافحون من أجل البقاء
صرحت سمية غلبور، رئيسة الاتحاد العام لجمعيات العمال في إيران، اليوم الخميس، بأن الوضع المعيشي للطبقة العاملة يمر بأزمة حادة، منتقدة عجز الحكومة عن ضبط التضخم وتلبية حقوق العمال.
ويأتي هذا الانتقاد في وقتٍ أعلن فيه أحمد ميدري، وزير العمل، خلال العام الجاري، معارضة الحكومة المتكررة لزيادة الحد الأدنى للأجور.
وبحسب تقرير "إيران إنترناشيونال"، قال أحد الناشطين العماليين: "الوزير والحكومة لا يملكان أي مبرر منطقي. فهم لا يواجهون الاحتجاجات اليومية الواسعة فحسب بالصمت، بل إن الحكومة نفسها ترفع باستمرار أسعار الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والغاز، وتقلّص دعم الخبز والدواء، وتفرض رسوماً على التعليم والعلاج، مما يزيد أعباء المعيشة".
وأضاف: "إذا كانت سياسة الحكومة في السابق تجميد الأجور، فهي الآن تعتمد سياسة خفض الأجور فعلياً".
وأشار هذا الناشط إلى أن العديد من الشركات تمتنع عن دفع المكافآت والمزايا القانونية للعمال، بل إن بعضها يقتطع أقساط التأمين من الرواتب دون تحويلها إلى مؤسسة التأمين الاجتماعي، مما يحرم العمال من حقهم في الدواء والعلاج.
كما أوضح أن الشكاوى العمالية تتزايد يومياً، لكن وزارة العمل والهيئات الحكومية لا تستجيب لها أو تصدر قرارات لصالح أصحاب العمل، معتبراً أن هذه السياسة بمثابة منح امتيازات لأرباب العمل على حساب العمال.
حالياً، يبلغ الحد الأدنى للأجور الشهرية للعمال الخاضعين لقانون العمل أقل من 11 مليون تومان، ومع احتساب المزايا يبلغ نحو 15 مليون تومان.
وأكدت غلبور أن التضخم في أسعار المواد الغذائية وصل إلى نحو 64 في المائة، بينما التضخم العام يتراوح حول 48 في المائة، مضيفة أن الحد الأدنى للأجور لا يغطي تكاليف المعيشة المقدرة بين 40 و50 مليون تومان للأسرة المكونة من شخصين إلى ثلاثة، ما يعني أن العمال اليوم يواجهون صعوبة حتى في البقاء على قيد الحياة.
وقد صرّح حميد حاج إسماعيلي، خبير سوق العمل، لموقع "خبر أونلاين" بأن الخط النسبي للفقر في إيران تجاوز 55 مليون تومان شهرياً، استناداً إلى البيانات الميدانية والتحليلات الاقتصادية.
وكتبت وكالة "إيلنا" أن التضخم الجامح وارتفاع الأسعار واللااستقرار الاقتصادي جعل حياة ملايين العمال معركة يومية من أجل البقاء، مشيرة إلى أن الأسر العمالية تفتقد إلى الأمن الوظيفي، وأن سلة المعيشة تزداد اضطراباً يوماً بعد يوم، دون وجود خطة حكومية لإصلاح الأجور بما يتناسب مع خط الفقر الفعلي.
أما وكالة "مهر" فقد دعت الحكومة إلى "إعادة بناء التصور العام حول الوضع الاقتصادي"، محذّرة من أن تحسين المؤشرات الاقتصادية لن يؤدي إلى استقرار اجتماعي أو نفسي ما لم تُستعد ثقة المجتمع بالحكومة.
وفي ظل السياسات الفاشلة للنظام الإيراني داخلياً وخارجياً خلال العقود الأخيرة، فإن التضخم المتفاقم أثّر بشدة على حياة المواطنين، خاصة الفئات محدودة الدخل، لتشهد أسعار السلع الأساسية قفزات غير مسبوقة.