وبالنسبة لكثير من المواطنين الإيرانيين، يُعتبر أنصاري رمزًا آخر للفساد البنيوي في نظام الحكم.
وكتب أنصاري في رسالته أن بنك "آينده" "تألق في بداياته، متفوقًا على سائر البنوك"، لكن هذا المسار "توقف نتيجة قرارات وسياسات فُرضت من خارج إرادة البنك".
وأضاف هذا الرجل المقرب من مجتبى خامنئي، نجل المرشد الإيراني، علي خامنئي: "خلال السنوات السبع الماضية، لم تتوفر أي أرضية لازدهار البنك وتطوره، بل جرى توجيهه نحو مسار أوصلنا إلى الوضع الذي نعيشه اليوم".
واعتبر أنصاري أن تنفيذ المشاريع الضخمة مثل مجمع "إيران مال" ، والعشرات من الإنجازات الأخرى، تمثل نتيجة "لبناء وإعمار" بنك "آينده"، واصفًا إياها بأنها "تراث ثمين" سيُحكم عليه "بإنصاف وإعجاب من قِبل أهل المعرفة والخبراء"، مؤكدًا أنه سيُقدّر في المستقبل أيضًا.
وفي ختام رسالته، كتب أنصاري أنه يملك "ضميرًا مرتاحًا وقلبًا مطمئنًا"، شاكرًا الله على "توفيق" سنوات عمله في بنك "آينده".
كم كلّف "ضمير أنصاري المرتاح" الشعب الإيراني؟
أعلن البنك المركزي الإيراني، في بيانٍ صدر يوم الخميس 23 أكتوبر (تشرين الأول)، أن دخول بنك "آينده" في عملية "التصفية والإصلاح" أصبح ضروريًا بسبب: الخسائر المتراكمة البالغة 550 ألف مليار تومان، والسحب الزائد بقيمة 313 ألف مليار تومان، ونسبة كفاية رأس المال السلبية التي وصلت إلى 600 في المائة، والاختلال الحاد في السيولة، وعدم استرداد 80 في المائة من القروض الممنوحة.
وأما صحيفة "هم میهن" الإيرانية فقد أشارت في اليوم نفسه إلى الوضع الكارثي للبنك، موضحةً أن نسبة القروض غير المسددة- وهي مؤشر أساسي لقياس أداء البنوك- يجب ألا تتجاوز 5 في المائة في البنوك السليمة.
ولكن التقارير المالية لبنك "آينده" أظهرت أنه حتى نهاية يونيو (حزيران) من هذا العام، أُدرج نحو 98 في المائة من القروض الكبرى، أي ما يعادل 120 ألف مليار تومان، ضمن فئة القروض غير المسددة، وهو ما يعني عمليًا شلل دورة السداد بالكامل داخل البنك.
غضب شعبي واسع بسبب علاقة أنصاري بنجل خامنئي
أثارت رسالة أنصاري، إلى جانب خبر دمج بنك "آينده" في بنك "ملي" الحكومي، ردود فعل غاضبة على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار العديد من المستخدمين إلى العلاقات الوثيقة بين أنصاري ومجتبى خامنئي، معتبرين أن البنية الحاكمة في النظام الإيراني هي السبب الجذري في تفشي الفساد المالي.
وكتب مستخدم باسم رضا نعيمي على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، وهو يعيد نشر قائمة بأسماء عشرات من "شركاء علي أنصاري في الاحتيال المصرفي" لبنك "آينده": "منذ البداية كان واضحًا، من خلال تسجيل 100 شركة لمشروع (إيران مال)، ومنح قروض لهذه الشركات، لم يكن سوى غملية خداع كبرى".
وكتب مستخدم آخر باسم "من إيران"، في إشارة إلى دمج البنكين: "ديون واختلاسات بنك آينده، التي يقف خلفها علي أنصاري ومجتبى خامنئي، ستُسدد الآن من أموال الشعب الإيراني، عبر بنك ملي".
وكتب مستخدم ثالث، متسائلًا: "لماذا لا تجبرون شريك مجتبى خامنئي على دفع الخسائر من جيبه؟ لماذا تحمّلون الشعب الإيراني الفقير خسائر بنك آينده، التي أغنت علي أنصاري؟".
ووصفت الأكاديمية الإيرانية، مهسيما بويـافرد، حل بنك آينده بأنه "رمز لفشل مزيج من الفساد البنيوي، وسوء الإدارة في القطاع الخاص، وضعف الرقابة الحكومية".
وكتب مستخدم آخر: "أنصاري أصدر بيانه وكأنه عمل بنزاهة طوال حياته، وكأن حلّ بنك آينده جاء ظلمًا! منذ سبع أو ثماني سنوات منح أكثر من 70 ألف مليار تومان من القروض لشركات وهمية يملكها هو وأتباعه، ولم تُسترد أغلبها، ما سبّب خسائر تتجاوز 300 ألف مليار تومان... ومع ذلك يتحدث وكأنه مظلوم".
كما كتب حساب باسم "مردمَك" (الناس) منتقدًا ازدواجية تعامل الحكومة مع المواطنين والفاسدين: "افعلوا مع ممتلكات علي أنصاري ما فعلتموه مع الكوخ الصغير لآسية بناهي".
من هي آسية بناهی؟
توفيت آسية بناهی، البالغة من العمر 61 عامًا، في مايو (أيار) 2020 في مدينة كرمانشاه بعد أن اعتدى عليها عناصر البلدية أثناء هدم منزلها المتواضع في حي فدك.
ونقل موقع منظمة حقوق الإنسان الإيرانية عن أحد أقاربها أن عناصر البلدية رشّوا وجهها برذاذ الفلفل مرارًا، رغم صراخها بأنها تعاني مرضًا في القلب، ولم يلتفت أحد لاستغاثتها، قبل أن تُنقل قسرًا إلى معسكر، حيث فارقت الحياة.