فيديو ابنة شمخاني: صراع داخل النظام على جثة خامنئي

نشر مقطع فيديو لزفاف ابنة علي شمخاني في الفضاء العام لم يكن صدفة. ففي بلدٍ تخضع فيه أصغر معلومة أو صورة لرقابةٍ أمنيةٍ صارمة، فإن تسريبًا كهذا لا بد أن يكون ذا هدفٍ سياسي واضح.
نشر مقطع فيديو لزفاف ابنة علي شمخاني في الفضاء العام لم يكن صدفة. ففي بلدٍ تخضع فيه أصغر معلومة أو صورة لرقابةٍ أمنيةٍ صارمة، فإن تسريبًا كهذا لا بد أن يكون ذا هدفٍ سياسي واضح.
هذا التسريب هو إشارة إلى صراع السلطة داخل النظام الإيراني، وجزء من المنافسة الخفية على مرحلة ما بعد خامنئي؛ صراعٌ بات يمتدّ اليوم إلى ساحات الفضيحة والتصفية الإعلامية المتبادلة.
فقر الشعب وبذخ الحكام
الفيديو الذي التُقط في فندق "إسبيناس بلاس" بطهران يُظهر نظامًا يعتقل الآلاف ويقمعهم بسبب خصلة شعرٍ تظهر من رأس امرأة، لكنه في المقابل يحتفل في قمة البذخ والاستهتار. تأتي هذه المشاهد في وقتٍ يرزح فيه الإيرانيون تحت وطأة التضخم والفقر وانعدام الثقة.
وبالتالي فالقضية لا تتعلق بحفل زفافٍ فحسب، بل هي رمزٌ للفجوة العميقة بين فقر عامة الناس وثراء أصحاب السلطة. هذه المرة رأى الناس بأعينهم ما كانوا يعرفونه منذ زمن، لكن لم يسبق أن شاهدوه بهذا العُريّ والوضوح: انهيار السلطة من داخلها.
المال.. السلطة.. المافيا
أقيم هذا الحفل في 18 أبريل (نيسان) 2024، حيث تصل كلفة ليلة الزفاف إلى نحو أربعة مليارات تومان، وتبلغ تكلفة تزيين مدخل القاعة بالورود خمسين مليون تومان.
عائلة شمخاني مُدرجة منذ زمن في قوائم "المافيا الاقتصادية" للنظام الإيراني: حسين شمخاني، نجل علي شمخاني، يُعد من أبرز عناصر شبكات الالتفاف على العقوبات والتجارة النفطية، وقد فُرضت عليه عقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا. أما وكالة "بلومبرغ" فقد وصفته بأنه "ملياردير نفطي" ووسيطٌ بين طهران وموسكو في نقل المعدات العسكرية.
أما والده، علي شمخاني، فقد ردّ على موجة الانتقادات قائلًا: "يا أولاد الحرام، ما زلت حيًّا!"، وهي جملة مقتبسة من الفيلم الشهير "بابيون" الذي عُرض مدبلجًا في إيران.
النظام في صورته الحقيقية
لطالما حكم النظام الإيراني المجتمع بشعارات "الدين والعفاف والبساطة"، لكنه يرى اليوم وجهه الحقيقي في المرآة. إن فيديو زفاف شمخاني ليس مجرد وثيقة مصوّرة، بل مرآةٌ تعكس جوهر البنية الحاكمة؛ نظامٌ قام على ركيزتين: الكذب الأيديولوجي والرياء الأخلاقي، وهو اليوم يهدمهما بيديه.
شمخاني ليس مجرد شخص، بل رمزٌ لمنظومةٍ تحترق بصراع مافياتها الداخلية. التسريبات المتكررة ما هي إلا جزءٌ من معركة داخلية للبقاء في زمن ما بعد خامنئي. غير أن الضحية في كل ذلك هي حياة الناس وثقتهم، وليس نظاما ينجو بعد انهيار الثقة.
ستار لم يعد موجودًا
كان النفاق يعمل طالما هناك ستارٌ يستره. أما اليوم، فكل تسريب يجعل هذا الستار أرقّ، والحقائق أكثر انكشافًا. نشر هذا الفيديو لم يعمّق فقط الهوة بين الشعب والسلطة، بل كشف أيضًا أن صراع العصابات الحاكمة على الخلافة وصل إلى ميدان الإعلام والرأي العام.
في بلدٍ يعدّ فيه "السفور" جريمة، بينما تعدّ "الوقاحة" فخرًا، لم يبقَ شيءٌ يُخفى. ربما قال شمخاني: "ما زلت حيًّا"، لكن ما لم يعد حيًّا هو الثقة؛ ومع موتها، ينهار النظام من الداخل.