وأفادت بعض وسائل الإعلام الإيرانية بأن متجر "جين وست" في شارع فرشته بالعاصمة طهران أُغلق يوم السبت 11 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بعد إقامة حفل قبل ذلك بيوم واحد فقط، الجمعة 10 أكتوبر، وانتشار مقاطع فيديو عنه، وذلك بأمر من الشرطة.
وذكر موقع "آسيانيوز إيران" أن هذه الخطوة لا تبدو مجرد رد فعل مؤقت، بل هي جزء من حملة أوسع تهدف إلى "زيادة السيطرة على الفضاء الاجتماعي، ومكافحة استعراض الثروة، وتطبيق القوانين بشكل أكثر صرامة".
ويخشى كثير من أصحاب الأعمال من تأثير هذه السياسة الجديدة على معيشتهم، وصحة المواطنين النفسية، وحياتهم الاجتماعية.
الضغط الاقتصادي على المواطنين واستخدام القمع
تصاعدت ضغوط النظام الإيراني على أصحاب الأعمال والمواطني،ن في الأسابيع الأخيرة، بسبب مخالفتهم لقانون الحجاب الإجباري، والرقص، وتقديم المشروبات الكحولية. ومن بين هذه الأحداث، بعد نشر فيديوهات لحفل "قهوة- بارتي" في جزيرة كيش على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلن المدعي العام في "كيش" فتح تحقيق واعتقال منظمي الحفل.
وأوضحت إحدى صاحبات المقاهي، التي شهدت تدخل السلطات في مثل هذه الاحتفالات لـ "إيران إنترناشيونال"، أنه في بعض الحالات كانت السلطات تفرض كفالات مالية ضخمة على المعتقلين- بغض النظر عن وضعهم المالي- وتمنعهم من العمل. وأضافت أن التركيز الأكبر يكون على التجمعات الترفيهية للشباب و"جيل زد"، حيث تتعامل القوات الأمنية بصرامة أكبر مع هذه الفعاليات.
وقد وصفت السلطات الإيرانية هذه الاحتفالات دائمًا بأنها "مخالفة للآداب الإسلامية" و"انتهاك للمعايير"، ويبدو أنها قلقة من أن يحذو أصحاب الأعمال بعضهم حذو بعض في تنظيم مثل هذه الفعاليات.
وفي الأشهر الأخيرة، ظهرت مقاطع فيديو لأصحاب عدة مقاهٍ في "دزفول" و"قم" على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهرون فيها اعتذارهم أمام المسؤولين، أحيانًا بشكل يشبه الاعتراف القسري، بسبب إقامة حفلات مع الرقص والموسيقى، أو يطلبون من زبائنهم الالتزام بالحجاب لتجنب الإغلاق.
وأكد أحد موظفي المقاهي في طهران لـ "إيران إنترناشيونال" أن "السلطات تحاول من خلال الضغط على أصحاب الأعمال وتهديدهم بالإغلاق، جعل الناس يتحولون إلى أدوات لقمع أنفسهم".
الإغلاق كأداة ضغط سياسي
تشير الأدلة إلى أن النظام الإيراني يستخدم إغلاق الأعمال التجارية أيضًا للانتقام من المعارضين.
وتفيد المعلومات، التي وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، بأن ما لا يقل عن حالتين تم فيهما إغلاق أعمال مواطنين بسبب نشاطهم السياسي أو نشاط أقاربهم، بهدف ممارسة الضغط عليهم بأوامر من جهات حكومية في طهران.
ولم تكن هذه الممارسة جديدة؛ ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، بالتزامن مع الاحتجاجات الشاملة في موجة "المرأة، الحياة، الحرية"، أغلقت إدارة الأماكن التجارية في عدة مدن كردستانية، مثل إيلام، وكرمانشاه، وروانسر وسنندج متاجر أصحاب أعمال شاركوا في الإضراب.
وأكد أحد موظفي المقاهي في "مشهد"، لـ "إيران إنترناشيونال"، أن النظام الإيراني يعتقد أن الإغلاقات والاعتقالات ستمنع باقي المطاعم والمقاهي من تنظيم الفعاليات، لكن هذه الأحداث تتزايد يومًا بعد يوم، وفي النهاية، حتى الإغلاق لم يعد فعالًا، والاحتفالات تستمر بعيدًا عن أنظار السلطات. وأضاف: "العملاق خرج من مصباحه السحري ولن يعود إليه".
ماذا يقول المواطنون؟
تتسم وسائل التواصل الاجتماعي، مثل "إكس" و"إنستغرام" بوفرة روايات المواطنين عن إغلاق الأعمال التجارية والضغط الاجتماعي على النساء للالتزام بالحجاب الإجباري.
وترى مجموعة من النساء أنه يمكن القول إن الحجاب الإجباري أُلغِي في إيران فقط، إذا تمكنت النساء من الظهور بحرية بالملابس التي يخترنها في المدارس والجامعات وأماكن العمل والمرافق الحكومية، وأن تكون الوثائق الرسمية بلا قيود الحجاب.
وتقول نساء أخريات إن الحجاب لم يُلغَ، بل إن الحكومة عاجزة بسبب شجاعة النساء في مخالفة القانون وخوفها من احتجاجات المواطنين جراء الضغوط الاجتماعية والأوضاع المعيشية الصعبة.
وفي بلد يمتلك ثقافة طويلة في المقاهي، مع نقص في المساحات الترفيهية والحرية الاجتماعية، تعتبر المقاهي من الأماكن القليلة التي يلتقي فيها الشباب ويتنفسون بعض الحرية.
وقد يؤدي الضغط على المقاهي والمطاعم فيما يخص الحجاب والقيود على النساء إلى شرارة احتجاجات جديدة ضد النظام في إيران.