ومع حلول 18 أكتوبر (تشرين الأول) وانتهاء مهلة القرار 2231، فُعّلت من جديد العقوبات الأممية ضد النظام الإيراني. وبينما بدأت دولٌ عدة في تطبيقها تباعًا، تبنّى مسؤولو طهران موقفًا دفاعيًا وإنكاريًا، متشبّثين ببيانات سياسية صادرة عن موسكو وبكين.
وخلال الأيام الأخيرة، من أميركا الشمالية إلى أوروبا وأوقيانوسيا، انطلقت موجة من إعادة فرض العقوبات ضد طهران. ومع ذلك، يحاول المسؤولون الإيرانيون، ومن بينهم وزير الخارجية، عباس عراقجي، التقليل من أهمية ما يحدث. فقد كتب عراقجي، يوم الجمعة 17 أكتوبر، على منصة "إكس": "إن إيران ملتزمة فقط بتعهداتها في إطار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية"، مضيفًا أن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيكون خاضعًا للقوانين الداخلية. كما وصف إعادة فرض العقوبات عبر "آلية الزناد" بأنها "غير قانونية" و"مدفوعة من بعض الحكومات المعزولة".
ولكنّ الواقع يناقض تمامًا ما تدّعيه طهران. ففي الأيام الأخيرة، أعادت الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا رسميًا تفعيل عقوبات مجلس الأمن على إيران. كما أعلن الاتحاد الأوروبي في بيانٍ له، أنّ تسع دول غير أعضاء به، هي ألبانيا، البوسنة والهرسك، آيسلندا، مولدوفا، الجبل الأسود، مقدونيا الشمالية، النرويج، صربيا، وأوكرانيا، انضمّت إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد النظام الإيراني.
وجاء في البيان أنّه بعد إعادة فرض العقوبات والقيود النووية على إيران من قِبل الأمم المتحدة، قرر مجلس الاتحاد الأوروبي إعادة جميع العقوبات المعلّقة بموجب الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة 2015). وتشمل هذه العقوبات حظر استيراد النفط والغاز والمنتجات البتروكيميائية الإيرانية، ومنع بيع معدات الطاقة والمعادن النفيسة والألماس والبرمجيات الصناعية الحساسة.
وحتى الدول الأوروبية خارج الاتحاد تسير على النهج نفسه، ما يوسّع دائرة عزلة النظام الإيراني يومًا بعد يوم. وحتى دول، مثل تركيا والعراق، التي تحتفظ بعلاقات اقتصادية وثيقة مع طهران، لا تستطيع مقاومة ضغوط النظام المالي الدولي، وتضطر إلى تنفيذ القيود.
وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من أنّ روسيا والصين وصفتا رسميًا إعادة العقوبات بأنها "غير قانونية"، فإنّهما لم تتخذا أي إجراء اقتصادي فعلي لمواجهتها. ويعتقد المحللون أنّ هذين البلدين ليسا مستعدين للتضحية بأسواقهما الغربية الواسعة من أجل علاقات محدودة مع إيران.
وهكذا، فإنّ دعم موسكو وبكين للنظام الإيراني يبقى رمزيًا وإعلاميًا أكثر من كونه فعليًا. ومرة أخرى، يجد النظام نفسه في حلقة من الوهم السياسي، يظنّ فيها أن مجرّد "عدم الاعتراف بالعقوبات" كفيل بإبطال آثارها.
ولكنّ الحقيقة واضحة: مع تنفيذ العقوبات على نطاق واسع من شمال أوروبا إلى أوقيانوسيا، يغرق النظام الإيراني في عزلة دولية غير مسبوقة. والدعم اللفظي من الصين وروسيا لا يشكل درعًا في وجه الضغط العالمي، ولا مخرجًا من الأزمة الاقتصادية. ما يُروَّج له في طهران تحت شعار "المقاومة" ليس سوى سرابٍ من العجز وإنكار الواقع.