وكتبت "إيلنا" في تقريرها الصادر يوم الأربعاء 8 أكتوبر (تشرين الأول)، عن القرى المحيطة بالبحيرة: "القرى التي بدأت بيوتُها الطينية تخلو واحدًا تلو الآخر، وسكانها الذين عاشوا يومًا ما جنبًا إلى جنب في ودٍّ وسلام يزرعون الأرض ويحيونها، يقفون اليوم أمام خيارين صعبين: الرحيل إلى مكان مجهول لا يعرفون فيه أحدًا، أو البقاء في أرض أصبح كل نفسٍ يُستنشَق فيها وسط الهواء المحمّل بالملح مؤلمًا".
وقال أحد المزارعين: "بعض جيراننا أصيبوا بأمراض تنفسية ومزمنة بسبب العواصف الملحية".
وقبل ساعات من صدور هذا التقرير، وصف محمد رضا عارف، النائب الأول للرئيس مسعود بزشكیان، "إنقاذ وبقاء بحيرة أرومية" بأنه أهم قضية وطنية في البلاد، وقال في 7 أكتوبر (تشرين الأول): "لا سبيل أمامنا سوى التوافق بين النخب، والاستفادة من آراء الأكاديميين، ومشاركة المنظمات الشعبية والبيئية لإنقاذ هذه البحيرة".
وفي 1 أكتوبر، حذّر رئيس مجلس إدارة اتحاد صناعة المياه في إيران من أن وضع البحيرة "يقترب من أسوأ حالاته"، مضيفًا أن "العواصف الملحية" بدأت بالفعل.
وقال رضا حاجي كريم إن عمليات إخلاء المحافظات المجاورة لبحيرة أرومية قد بدأت، مشيرًا إلى أن العواصف وارتفاع درجات الحرارة نتيجة انعكاس أشعة الشمس على الملح من أبرز تداعيات الجفاف، ما يجعل الحياة في المنطقة "شبه مستحيلة".
ووصف هذه التطورات بأنها "بداية الكارثة"، مضيفًا: "اليوم، بحيرة أرومية أشبه بمريض في قسم الطوارئ يلفظ أنفاسه الأخيرة".
وأكد عارف لاحقًا أن على الحكومة "تحمل مسؤولياتها بالكامل تجاه قضية إنقاذ البحيرة"، موضحًا أن "المنظمات البيئية فقدت حافزها للمشاركة بسبب تعاملات أمنية سابقة معها".
وأشار إلى أن تغيّر المناخ، والاستخدام المفرط للمياه في أعالي وسفوح السدود والخزانات، والتوسع غير المدروس في الأراضي الزراعية، وحفر الآبار غير المرخصة، كلها عوامل ساهمت في تسريع جفاف البحيرة.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية وبيانات علمية حديثة انخفاض حجم مياه بحيرة أرومية بأكثر من 98 في المائة مقارنة بعام 1995، ما يؤكد أن "البحيرة المحتضرة" باتت واقعًا.
ويُعدّ جفاف المسطحات المائية في إيران- من بحيرة أرومية إلى نهر زاينده رود وهور العظيم وأنزلي- مثالًا واضحًا على الأزمة البيئية ونقص الإدارة العلمية في النظام الإيراني.
وفي 7 أغسطس (آب)، أعلن ثمانية نشطاء مدنيين معتقلين في سجن طهران الكبير دخولهم في إضراب عن الطعام احتجاجًا على ما وصفوه بـ"تجفيف متعمّد لبحيرة أرومية من قبل النظام الإيراني خلال السنوات الماضية".
كما قال الباحث البيئي محمد درويش في 24 يوليو: "حين نحصل على 14 بالمائة من الأمطار الإضافية ومع ذلك تبقى البحيرة جافة، فهذا يعني أنهم لا يسمحون بدخول قطرة ماء واحدة إليها، سواء أمطرت السماء أم لم تُمطر".
يُذكر أن بحيرة أرومية أُدرجت منذ سبعينيات القرن الماضي ضمن محمية المحيط الحيوي التابعة لليونسكو، وكانت موطنًا لأنواع فريدة من الطيور وتؤدي دورًا حاسمًا في تنظيم المناخ الإقليمي.
لكن خلال العقود الثلاثة الماضية، تقلّصت مساحة البحيرة من ستة آلاف كيلومتر مربع إلى أقل من 500 كيلومتر مربع، وانخفض حجم مياهها إلى أقل من واحد في المائة من مستواها الأصلي.