البرلمان الإيراني يصوّت على حذف أربعة أصفار من العُملة الوطنية

صوّت نواب البرلمان الإيراني، يوم الأحد 5 أكتوبر (تشرين الأول)، على مشروع تعديل قانون "النقد والبنك"، الذي ينصّ على حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية.
صوّت نواب البرلمان الإيراني، يوم الأحد 5 أكتوبر (تشرين الأول)، على مشروع تعديل قانون "النقد والبنك"، الذي ينصّ على حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية.
كما أُلزم البنك المركزي بتوفير الترتيبات التنفيذية اللازمة لبدء الفترة الانتقالية خلال عامين من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ.
ويأتي هذا القرار في وقت تُعدّ فيه العملة الرسمية "الريال الإيراني" حاليًا من بين أقلّ العملات قيمة في العالم.
وقد بدأ تراجع قيمة الريال (10 ريالات تعادل تومان واحدًا) منذ قيام ثورة 1979، وتفاقم مع اندلاع الحرب الإيرانية- العراقية، ثم لاحقًا بفعل العقوبات الاقتصادية المرتبطة بالأنشطة النووية للنظام الإيراني.
وإلى جانب إيران، تُعرف عملات كلٍّ من عُمان والسعودية وقطر واليمن أيضًا باسم "الريال". وفي السنوات الأولى بعد ثورة عام 1979، كان الريال الإيراني ثاني أقوى ريال بعد الريال العُماني.
وفي وقت سابق، أشار عدد من الخبراء الاقتصاديين في إيران إلى أن تجارب الدول التي نجحت في حذف الأصفار تُظهر أن تحقيق نتائج فعّالة يتطلب أولاً السيطرة على التضخم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
الحلم القديم للإصلاحيين في النظام الإيراني
سعى المديرون الاقتصاديون في النظام الإيراني، ومعظمُهم من التيار الإصلاحي (باستثناء غلام رضا مصباحي مقدم)، منذ سنواتٍ إلى تحقيق حلمهم بحذف الأصفار من العُملة الوطنية وتغيير اسمها.
وطُرح موضوع تغيير الوحدة النقدية، وحذف الأصفار لأول مرة، خلال حكومة الرئيس الإيراني الأسبق، هاشمي رفسنجاني، عام 1993. في ذلك الوقت، كان المديرون الاقتصاديون في الحكومة يدركون جيدًا أن التغييرات الاقتصادية، التي كان هاشمي يسعى إلى تطبيقها، ستُحدث اضطرابًا في اقتصاد البلاد، وهي تغييرات بلغت ذروتها التاريخية في معدّل التضخم عام 1995. ومع ذلك، بقيت فكرة عام 1993 معلّقة.
وخلال عقد التسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي، طُرح موضوع تغيير اسم الوحدة النقدية الرسمية، وحذف الأصفار مرارًا في الخطابات ووسائل الإعلام. وفي عهد الرئيس الأسبق أيضًا، محمود أحمدي نجاد، ومع تدفّق العائدات النفطية الهائلة، ظل الموضوع مهملاً.
وأجرى البنك المركزي الإيراني عام 2007 دراسات حول المسألة. ومع حلول عامي 2009 و2010، حين بلغ التضخم في البلاد ذروته من جديد، خاصة بعد الموجة الجديدة من العقوبات، عاد النقاش حول تغيير اسم العملة الرسمية وحذف الأصفار منها. غير أن البنك المركزي لم يتخذ أي إجراء عملي عام 2010.
وبعد انسحاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي، في فترة ولايته الأولى، بدأ التضخم، الذي كان قد انخفض إلى خانة الآحاد في الولاية الأولى لحسن روحاني، بالارتفاع مجددًا.
وفي أغسطس (آب) 2019، أعدّت حكومة روحاني مشروع القانون، الذي صادق عليه البرلمان الإيراني لاحقًا، وكان ذلك أول إجراء عملي في هذا المجال. وبعد عدة أشهر، وتحديدًا في مايو (أيار) 2020، صوّت البرلمان لمصلحة مشروع حكومة روحاني، لكن مصادقة البرلمان قوبلت برفض من مجلس صيانة الدستور.
ومع بداية حكومة الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، تراجع الموضوع مجددًا إلى الهامش، إلى أن تولّت حكومة مسعود بزشکیان السلطة، في نهاية يوليو (تموز) 2024، بعد مصرع رئيسي، في حادث تحطم طائرته، فأعادت إحياء الملف في يناير (كانون الثاني) 2025.
حذف الأصفار.. مؤشر انهيار الاقتصاد
على مرّ التاريخ، كان حذف الأصفار من العُملة الوطنية محاولة فاشلة في الغالب للتقليل من تبعات الأزمات الاقتصادية. فبعد نحو عشرين عامًا من الأزمات التضخمية في الثمانينيات والتسعينيات، شهدت الليرة التركية انخفاضًا حادًا في قيمتها، ما دفع البلاد عام 2005 إلى حذف ستة أصفار من عُملتها الرسمية.
ورغم وجود بعض التجارب الناجحة القليلة، فإن حذف الأصفار في الدول النامية لم يُحدث عادةً تغييرًا ملموسًا في الواقع الاقتصادي. فإزالة الأصفار من العُملة الرسمية في الأرجنتين ورومانيا ويوغوسلافيا، وأشهرها في زيمبابوي، لم تُحسّن أوضاع هذه الدول الاقتصادية.
وفي زيمبابوي، أُزيلت الأصفار أربع مرات خلال ثلاث سنوات، ليُحذف في المجموع 25 صفرًا من عملتها، لكن حتى حذف 25 صفرًا لم يُعِد اقتصاد البلاد إلى مساره الطبيعي.
إن تغيير الوحدة النقدية الرسمية وحذف الأصفار، سواء أكان مؤثرًا أو غير مؤثر، يترتب عليه تكاليف باهظة أيضًا. فمع انخفاض قيمة الريال، أصبحت طباعة الأوراق النقدية وسكّ العملات المعدنية في إيران الحالية تُكلّف البنك المركزي مبالغ كبيرة سنويًا.
كما أن ضعف جودة الأوراق النقدية الحالية يجعل من الضروري تخصيص ميزانيات سنوية جديدة لإتلاف الأوراق التالفة وطباعة أوراق جديدة. وقد أسهمت طباعة الأوراق النقدية الكبيرة والشيكات النقدية إلى حدّ ما في تقليل هذه التكاليف، غير أن فترة التداول المتوازي لمدة عامين ستزيدها مجددًا.
وفي يناير الماضي، ومع اشتداد النقاش حول حذف الأصفار، انتقد المحافظ الأسبق للبنك المركزي الإيراني، طهماسب مظاهري، تنفيذ هذا المشروع، قائلاً: "مع معدّلات التضخم المرتفعة الحالية، فإن حذف أربعة أصفار من العملة الوطنية غير مجدٍ، ويجب حذف ستة أصفار على الأقل".
وأضاف: "إذا قررت الحكومة عدم طباعة أوراق نقدية كبيرة، فستنخفض قيمة الأوراق المتداولة إلى درجة قد لا توازي حتى تكلفة طباعتها".