في 29 سبتمبر (أيلول)، قُطعت الإنترنت وخدمات الاتصالات في أفغانستان بشكل كامل، لكن بعد مرور نحو 24 ساعة، لم تُقدّم طالبان أي تفسير رسمي لهذه الخطوة.
ووفقًا للتقارير، جاء هذا القرار لمنع الرقابة الدولية والحدّ من وصول الدول الغربية إلى الفضاء الإلكتروني داخل أفغانستان، وذلك بالتشاور مع طهران وموسكو.
وقالت المصادر إن زعيم طالبان يعتقد أن أفغانستان واقعة تحت "احتلال جوي ورقمي" من قبل الولايات المتحدة.
وأضافت أن آخوند زاده يسعى لجعل البلاد في "عزلة معلوماتية وخارج نطاق العالم" على غرار مناطق وزيرستان القبلية الجبلية في شمال غربي باكستان، التي كانت لعقود مركزًا للجماعات المسلحة مثل طالبان باكستان (TTP) وشبكة حقاني، وتعرضت مرارًا لهجمات الجيش الباكستاني وضربات الطائرات الأميركية.
وأفادت وسائل إعلام باكستانية في 30 سبتمبر أن السلطات أغلقت معبر تورخم الحدودي بعد انقطاع الإنترنت والاتصالات في أفغانستان.
وقال أحد المسؤولين المحليين في إقليم خيبر بختونخوا إن قطع الإنترنت تسبب في تعطيل العمل الإداري في الجانب الأفغاني، ما أدى إلى إغلاق المعبر مؤقتًا.
وأضاف: "المسؤولون الأفغان لم يتمكنوا من أداء أعمالهم بشكل طبيعي، ولهذا أُغلق المعبر".
كما أشارت وسائل الإعلام إلى أن بعض المسافرين الذين دخلوا أفغانستان أُعيدوا إلى باكستان بعد تعطل الأنظمة الحدودية.
وفي السياق نفسه، أعلن موقع "نت بلاكس" لمراقبة الإنترنت عالميًا أن مستوى الاتصال بالإنترنت في أفغانستان هبط إلى أدنى حد ممكن، حتى كاد يصل إلى الصفر في 29 سبتمبر (أيلول).
وبالإضافة إلى الإنترنت، قُطعت أيضًا خدمات المكالمات الهاتفية الداخلية في عموم البلاد.
الأمم المتحدة: قطع الإنترنت يزيد من هشاشة أفغانستان
وطالبت الأمم المتحدة بالحصول على تصريح خاص من طالبان لاستخدام الإنترنت ووسائل الاتصال، بعد الانقطاع الكامل للاتصالات وخدمات الهاتف المحمول.
وقال إندريكا راتواته، منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في أفغانستان، إن هذا الانقطاع أثّر على الأنشطة اليومية وتقديم المساعدات الحيوية، مضيفًا أنه يجعل بلدًا مثقلًا بالأزمات أكثر هشاشة.
وأكد أنه لا يوجد أي مبرر لمثل هذا الإجراء، محذرًا من أن عواقبه ستنعكس مباشرة على حياة الشعب الأفغاني.
وأوضح أن الأمم المتحدة تعاني من وضع «خطير للغاية» في مجال الاتصالات، خاصة وأن خطوط هواتفها الأرضية أيضًا تعطلت.
وتُعد أفغانستان، بعد عقود من الحروب، من أفقر دول العالم، وتواجه أزمة إنسانية طويلة الأمد تفاقمت بسبب الجفاف، والزلازل الأخيرة، وإعادة ملايين اللاجئين الأفغان من باكستان وإيران.
وكان أكثر من 100 منظمة مدنية وحقوقية قد وصفت في بيان مشترك بتاريخ 29 سبتمبر (أيلول) قرار طالبان بقطع الإنترنت عبر الألياف الضوئية بأنه «انتهاك لحقوق الإنسان»، مؤكدة أن طالبان تسعى عبر ذلك إلى إخفاء «جرائمها وقمعها وتمييزها الممنهج» عن أعين العالم.
شلل في النظام المالي والإعلامي والاتصالات
قال راتواته إن الأمم المتحدة اضطرت للانتقال إلى "الحد الأدنى من استمرارية الأنشطة الضرورية"، وأصبحت تعتمد على أجهزة الراديو للتواصل، كما قلّصت أعمالها، وتواصلت مع مزودي خدمات الأقمار الصناعية للحصول على نطاق ترددي أكبر.
وأشار إلى أن المنظمة لم تتلقَ أي تفسير رسمي من طالبان، بينما رجحت مصادر غير رسمية أن يكون الانقطاع "مؤقتًا".
وحذّر من أن هذا القرار أثّر أيضًا على النظام المصرفي والمالي، وأدى إلى إلغاء رحلات جوية دولية، إضافة إلى تعطّل مجموعات واتساب الرسمية، والأنظمة الإعلامية والاتصالات الداخلية لطالبان.
كما تعطلت الكاميرات الأمنية، وشبكات التلفزيون، والمطارات، وعدد من الخدمات الأخرى.
وكانت صحيفتا "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" قد أفادتا سابقًا بأن متحدثي طالبان أنفسهم باتوا خارج نطاق الوصول، وأن الرسائل المرسلة إليهم لم تُسلَّم.
وفي بعض الولايات الحدودية، اضطر المواطنون إلى التوجه نحو الحدود للحصول على خدمة الاتصال والإنترنت.
فقد لجأ بعض التجار إلى ذلك لمتابعة أعمالهم، فيما حاول آخرون التواصل مع أسرهم.
ونقلت "أفغانستان إنترناشيونال" عن سكان في ولايات هرات ونيمروز وبدخشان تمكنوا من استخدام شرائح إيرانية وطاجيكية للاتصال بأسرهم، أن غالبية الأفغان لم يكونوا يعلمون ما الذي حدث.
وابتداءً من الخامسة مساءً في 29 سبتمبر، توقفت جميع خدمات الاتصالات، بما في ذلك المكالمات الهاتفية العادية.
وأكد أشخاص تواصلوا مع القناة أنه لم يعد هناك أي وسيلة اتصال داخلية فعالة، وأن الشعب يعيش في حالة من العزلة والارتباك.
وقال بعض التجار وأصحاب الأعمال إنهم اضطروا للتوجه إلى معبر إسلام قلعة للاتصال عبر الإنترنت الإيراني ومتابعة شؤونهم.
وكانت مصادر في وزارة الاتصالات التابعة لطالبان قد أكدت في وقت سابق للقناة أن قطع الألياف الضوئية تم بأمر مباشر من زعيم الحركة.