وقال رشيد معلوف، خبير عسكري مقيم في اليمن، لـ"إيران إنترناشيونال": "يمتلك الحوثيون كميات كبيرة من الطائرات المسيّرة والصواريخ من أنواع مختلفة، لكنهم يعلمون أن هذا الصراع قد يستمر لسنوات. لذلك، يمتنعون عن الاستخدام الواسع اليومي لهذه الأسلحة للحفاظ على مخزونهم الاستراتيجي".
وأضاف أن عمليات الاعتراض الناجحة من قبل القوات الموالية للحكومة اليمنية على إرسال المعدات أثّرت على قدرة الحوثيين على الحصول عليها.
ويسيطر الحوثيون على معظم المراكز السكانية في اليمن منذ اندلاع الحرب الأهلية في 2014.
وأوضح معلوف: "على الرغم من أن الحوثيين يمتلكون مخزونًا كبيرًا حاليًا، إلا أنهم يوزعونه بعناية؛ ليس بسبب نقص فوري، بل لضمان الاستدامة على المدى الطويل في توقع صراع ممتد".
وفي محاولة لتعزيز فاعلية الصواريخ الباليستية مع إطلاق عدد أقل منها، لجأ الحوثيون مؤخرًا إلى استخدام القنابل العنقودية الإيرانية، مع استمرارهم في الهجمات الجوية بالطائرات المسيّرة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في 9 سبتمبر (أيلول) اعتراض خمس طائرات مسيّرة وصاروخين أرض-أرض أُطلقا من اليمن.
وقال البيان: "خلال الأشهر الأخيرة، وضمن التعاون بين أقسام القوة الجوية المختلفة، تم اعتراض عشرات الطائرات والصواريخ أرض-أرض أُطلقت من اليمن بنجاح".
بعد يوم واحد، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 12 قياديًا حوثيًا كانوا مجتمعين في اجتماع بصنعاء، مؤكدًا: "النظام الإرهابي الحوثي يعمل كذراع رئيسي للنظام الإيراني، الذي يوفّر التمويل والأسلحة اللازمة للقيام بأنشطة إرهابية ضد إسرائيل ودول أخرى".
في الهجوم الإسرائيلي على صنعاء، قُتل أحمد الرهاوي، رئيس وزراء الحوثيين، وعدد من الوزراء.
وبعد هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ضد إسرائيل، أعلن الحوثيون أنهم سيستهدفون الملاحة البحرية في مياه اليمن تضامنًا مع فلسطين.
وعلى الرغم من الهجمات المتكررة للحوثيين على إسرائيل خلال العامين الماضيين، تم اعتراض معظم الصواريخ والطائرات المسيّرة بواسطة منظومات الدفاع الجوي.
ومع ذلك، وقعت بعض الحوادث الاستثنائية، منها هجوم بطائرة مسيّرة أسفر عن مقتل إسرائيلي في تل أبيب العام الماضي، وهجوم صاروخي في مايو (أيار) بالقرب من أكثر مطارات إسرائيل ازدحامًا.
وردًا على ذلك، شنّت إسرائيل غارات جوية أسفرت عن عشرات القتلى، ودمرت أسطول الطيران المدني في اليمن، واستهدفت الموانئ والبنية التحتية للطاقة.
استمرار واردات الأسلحة من إيران
داني سيتيرونوفيتش، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق، قال لـ"إيران إنترناشونال" إن الحوثيين يواجهون تحديات لوجستية في إنتاج الأسلحة، ما يوضح تركيزهم على الهجمات بالطائرات المسيّرة.
وأضاف أن الطائرات المسيّرة تُصنع محليًا بشكل رئيسي، لكن الحوثيين ما زالوا يعتمدون على معدات مثل أنظمة تحديد المواقع الإيرانية.
وأشار إلى أن الحوثيين ما زالوا يستوردون الأسلحة من إيران، فهم لا يمتلكون القدرة على إنتاج الصواريخ، ويقومون بتهريب القطع من إيران وتجميعها في اليمن.
وذكر أن عبد الرضا شهلائي، القائد البارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري، متواجد في اليمن وينسّق عمل الحوثيين، وهو خاضع لعقوبات أميركية، مع مكافأة قدرها 15 مليون دولار مقابل معلومات عن نشاطاته وشبكاته.
وأضاف سيتيرونوفيتش: "دون الحصول على صواريخ من إيران، سيكون من الصعب على الحوثيين مواصلة الهجمات الصاروخية. إنتاجها في اليمن صعب جدًا وهم بحاجة إلى قطع إيرانية".
الحاجة إلى إيران
وأشار تقرير لمجلس العلاقات الخارجية بواشنطن إلى أن الاتصال بإيران يتيح للحوثيين الحصول على أسلحة أكثر تطورًا مما يمكنهم إنتاجها بأنفسهم، سواء في مجال الصواريخ أو الطائرات المسيّرة.
وأوضح التقرير أن دعم إيران عزز القدرات العسكرية للحوثيين، وساعدهم على تحقيق والحفاظ على تفوقهم العسكري في اليمن.
ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، استهدف الحوثيون أكثر من 100 سفينة تجارية دولية بصواريخ وطائرات مسيّرة، وأغرقوا سفينتين، واستولوا على سفينة واحدة، وقتلوا ثمانية بحارة على الأقل.
وقال بهنام بن طالبلو، خبير إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأميركية (FDD)، لـ"إيران إنترناشيونال": "على الرغم من قدرة الحوثيين على الإنتاج المحلي، كلما كانت القذيفة أكثر تعقيدًا، زاد احتمال اعتمادهم على المنظومات أو القطع الكاملة من طهران".
وأضاف: "أما المنصات الأرخص مثل الطائرات المسيّرة، فهناك احتمال أكبر لتطويرها محليًا تحت إشراف إيران".
واختتم بن طالبلو بالقول: "نظرًا للهجمات السابقة من الولايات المتحدة وإسرائيل على مواقع إطلاق وإنتاج وتخزين الصواريخ الحوثية، من الواضح أن هذا التنظيم الإرهابي حوّل استراتيجيًا الهجمات من الصواريخ الباليستية إلى الهجمات بالطائرات المسيّرة لأسباب تكتيكية واقتصادية".