يشار إلى أن علي عسكري مخرج شاب تألق فيلمه السابق "آيات أرضية" (بالتعاون مع مخرج آخر) في مهرجان كان، والآن يبدو فيلمه الجديد استمرارًا لذلك العمل بنفس الأجواء، ولكنه ربما أكثر شخصية. فأعماله، رغم عرضها في مهرجانات عالمية كبرى وتوزيعها تجاريًا في دول مثل فرنسا، لم تُتح لها فرصة العرض في إيران.
ويروي فيلمه الجديد قصة مخرج شاب عُرض فيلمه الجديد عالميًا، وهو يسعى بكل السبل لمشاركته مع الجمهور الإيراني.
ويبدو أن جزءًا من أحداث الفيلم - من التفاوض مع موظف وزارة الإرشاد إلى لقاءات مع قوات الأمن وطلباتهم للتعاون - يعكس ما يواجهه المخرج في حياته اليومية كمخرج مستقل في إيران.
يدور الفيلم حول تناقض أساسي: فيلم تم إنتاجه وعُرض عالميًا، لكن نظرة المسؤولين الضيقة تمنع عرضه داخل البلاد. الحوار الطويل بين المخرج وموظف وزارة الإرشاد في بداية الفيلم - المصور بكاميرا ثابتة من منظور موظف الإرشاد الذي لا نراه بل نسمع صوته فقط، على غرار الفيلم السابق - يتيح عرض جميع المشكلات، التي تبدو أحيانًا مضحكة، التي يواجهها المخرج أمام الجمهور.
يبدو أن المخرج، المنهك من كل شيء، يسخر من هذه المشكلات والقيود، ولا يجد سوى لغة السخرية لروايتها. لذا، فإن الفيلم، رغم واقعيته المبالغ فيها وسعيه للواقعية في كل الجوانب، هو كوميديا سوداء تحمل نظرة عبثية إلى العالم المحيط؛ حيث تمشي الفتيات بمظهر أكثر حرية في الشوارع لكنهن ممنوعات من دخول المؤسسات الحكومية، أو مخرج يصنع فيلمه داخل إيران بكل الطرق لكنه لا يُسمح له بأن يُعرض في بلده، وأغرب من ذلك مشهد شراء الكوكايين: حيث يرسل البائع المادة إلى المشتري عبر طائرة مسيرة.
كانت أفلام عسكري الأولى تنظر نظرة اجتماعية مباشرة إلى القيود، كما في "حتى الغد"، الذي صور بوضوح تناقض حياة فتاة شابة في بيئة اجتماعية مغلقة في إيران. أما "آيات أرضية" فقد قدم في 9 أجزاء مشكلات اجتماعية لطبقات مختلفة، والآن تصل "الكوميديا الإلهية" إلى هجاء كامل لمشكلات السينما المستقلة في إيران، تسعى للسخرية من كل شيء.
لكن وقوف المخرج على مسافة من موضوعه يُسبب مشكلات للفيلم. "الكوميديا الإلهية" ليست فيلمًا دافئًا، ولا يتحقق التواصل مع الجمهور بسهولة. أسلوب عسكري في أفلامه، الذي يتضمن نوعًا من التباعد، يحول أحيانًا دون فهم الشخصيات أو التعاطف معها. على الرغم من أن المخرج داخل الفيلم - وهو مخرج حقيقي، بهرام أرك - كان يمكن أن يبدو شخصية ملموسة، إلا أن أسلوب السرد يخلق مسافة بينه وبين الجمهور، مما يُتعب المشاهد أحيانًا في منتصف الفيلم، خاصة في مشاهد طويلة مثل لقاء الممثل المالك للسينما، التي كان يمكن أن تكون أقصر.
لقاء موظف الأمن مع المخرج في مقهى واقتراحه تصوير فيلم حسب الطلب يذكّر بلقاء سعيد إمامي مع مخرجين إيرانيين معروفين في فندق استقلال، وهو الآن جزء من تاريخ السينما الإيرانية المحظور.
تجدر الإشارة إلى أن السينما الرسمية، التي يرتبط الآن جزء كبير منها بميزانيات مراكز أمنية متنوعة، يُشار إليها صراحة لأول مرة في تاريخ السينما الإيرانية عبر "الكوميديا الإلهية"، التي تروي، بوعي أو دون وعي، مشهدًا يطلب فيه قاتل المثقفين (سعيد إمامي) من المخرجين صناعة أفلام للنظام.
وينتهي الفيلم بشكل هجائي مع ذات الموظف الأمني، حيث يبدو أن الأحداث القادمة ستغير كل شيء.