"مسارات التهديد".. كيف يشكل النظام الإيراني خطرا على أوروبا؟

تزايدت التحذيرات الأوروبية من سياسيات النظام الإيراني الهادفة إلى إثار القلاقل والأزمات داخل أوروبا، والتي تتخذ مسارات تهديد متعدة سياسيا وأمنيا وعسكريا.
تزايدت التحذيرات الأوروبية من سياسيات النظام الإيراني الهادفة إلى إثار القلاقل والأزمات داخل أوروبا، والتي تتخذ مسارات تهديد متعدة سياسيا وأمنيا وعسكريا.
مصدر أمني رفيع مرتبط بهياكل الأمن في الاتحاد الأوروبي حذر من أن نظام طهران أصبح "يقوم بدور متزايد وخطير" في "التهديدات الوجودية لأمن أوروبا".
وأفاد هذا المصدر الأمني المطلع، الذي لم يُكشف عن هويته، لمجلة "أويل برايس" المتخصصة في أخبار صناعة النفط والطاقة، بأن تصرفات النظام الإيراني "تم تأكيدها بوضوح في تقارير استخباراتية خلال الأشهر الماضية، خاصةً بالتنسيق مع روسيا وكذلك الصين وكوريا الشمالية، ولا يمكن لأوروبا السماح باستمرارها".
وتخشى أوروبا من تزايد خطورة البرنامج الصاروخي الباليستي لطهران، وقدرته على الوصول لأغلب المدن الأوروبية، حيث أفادت "أويل برايس" بأن معلومات حديثة من إيران أكدت نجاح اختبار صواريخ الوقود الصلب الجديدة بمدى 4200 كيلومتر وقدرة على حمل رأس نووي بوزن 700 كغم.
ويمكن زيادة المدى إلى 4700 كيلومتر إذا خُفف وزن الرأس إلى 450 كغم، ما يعني أن إيران ستكون قادرة عمليًا على استهداف معظم المدن الكبرى في أوروبا.
وأشارت المجلة إلى أن هذا السبب دفع الدول الأوروبية الثلاث لوضع شرط جديد لأي حوار حول الاتفاق النووي: وهو تحديد مدى صواريخ إيران بألف كيلومتر، وهو ما رفضته طهران صراحةً.
هذا القلق زاد بعد إعلان الترويكا الأوروبية تفعيل "آلية الزناد"، فيما سيبق وحذر موقع "نور نيوز" القريب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني من أن تفعيل "آلية الزناد" يمكن أن يُعدّ سيفًا ذا حدين، قد يضر بأمن أوروبا أكثر مما يضر بإيران.
تهديدات إرهابية
المخاوف الأوروبية لا تقتصر على البرنامج الصاروخي لكن الكشف عن التهديدات الإرهابية للنظام الإيراني في عدة دول أوروبية دفعتها لإطلاق تحذيرات واسعة واتخاذ إجراءات للحد منها.
ففي يوليو (تموز) الماضي قالت لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني إن إيران تُعد من "أشدّ وأخطر التهديدات الحكومية" للأمن القومي البريطاني، وأنها في مستوى التهديد الذي تمثله روسيا والصين.
وحذر من زيادة ملحوظة في رغبة طهران بتنفيذ "اغتيالات، تجسس وهجمات سيبرانية" داخل بريطانيا، وطالب الحكومة بـ"إعادة تقييم شاملة" لاستراتيجيتها تجاه طهران.
وأشار التقرير إلى أن النظام الإيراني أطلق في السنوات الأخيرة حملة شاملة لترهيب وتهديد شبكة "إيران إنترناشيونال" الإعلامية، وذلك عبر الضغط على عائلات الصحفيين داخل إيران، وتهديدهم بشكل مباشر، بهدف إيقاف نشاط الشبكة.
وبين يناير (كانون الثاني) 2022 و10 يوليو (تموز) 2025، تم كشف ما لا يقل عن 15 محاولة لاغتيال أو اختطاف داخل بريطانيا استهدفت معارضين أو منتقدين للنظام وعناصر يهودية/إسرائيلية، وقد أحبطت أجهزة الأمن هذه المؤامرات.
كما سلط التقرير الضوء على وجود شبكات مؤيدة لإيران داخل أوروبا، بما فيها إيطاليا، تعمل على ترويج وجهة نظر طهران، واستُخدم فيها مرتزقة وعناصر إجرامية لتنفيذ عمليات مدفوعة الأجر وحملات تضليل.
شبكات التجسس وتنديد غربي
وفي إيطاليا، كشفت تحقيقات في يوليو (تموز) عن شبكة تجسس إيرانية تدار من السفارة في روما تستهدف معارضين إيرانيين، عبر المراقبة والتهديد، تشمل تمويلًا من السلطات الإيرانية.
كما تم إحباط مخطط في ألمانيا لاستهداف أفراد يهود ومؤسسات في برلين، بالتعاون مع عملاء تابعين للحرس الثوري الإيراني.
وكشفت السلطات الأوروبية في إسبانيا وفرنسا وبريطانيا عن تفكيك شبكة تهريب تابعة لحزب الله، تعمل في مختلف أنحاء أوروبا في أبريل (نيسان) الماضي، حيث اعترضت كميات كبيرة من مكونات الطائرات بدون طيار. شملت أنظمة توجيه إلكترونية ومحركات ومراوح ومركبات كيميائية لتجميع الطائرات المسيرة.
وألقت السلطات الإسبانية القبض على مشتبه به في برشلونة، واتهمته بالحصول على ومحاولة شحن مواد يمكن استخدامها كسلاح.
كما اعتُقل رجل بريطاني-أذربيجاني مزدوج الجنسية في قبرص بتهمة تصوير قواعد عسكرية بريطانية وأميركية في 21 يونيو (حزيران) الماضي.
ويُعتقد أن المشتبه بهما على صلة بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بهدف جمع معلومات استخباراتية تستهدف قواعد عسكرية تابعة لحلف الناتو ومعلومات عن تحركات السفن عبر استخدام معدات تصوير احترافية وعدة هواتف، وكان المشتبه به يراقب قاعدة "أندرياس باباندريو" الجوية في منطقة "بافوس” الغربية منذ أبريل (نيسان) 2025.
ونددت ألمانيا و13 دولة حليفة يوم 31 يوليو (تموز) الماضي، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بما وصفته بتصاعد مؤامرات الاغتيال والخطف والإيذاء التي تحاك من أجهزة المخابرات الإيرانية ضد أفراد في أوروبا وأمريكا الشمالية.
وقالت الدول في بيان مشترك: "نحن موحدون في معارضتنا محاولات أجهزة الاستخبارات الإيرانية الهادفة إلى قتل وخطف وترهيب أشخاص في أوروبا وأمريكا الشمالية، في انتهاك صارخ لسيادتنا".
عدد المؤامرات
وقال المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات أنه من بين (218) مؤامرة إيرانية منذ عام 1979 حتى 24 أكتوبر 2024، وقعت (102) مؤامرة تقريبًا في أوروبا، حيث وقع أكثر من نصف هذه المؤامرات (54 حالة تقريبًا) بين عامي 2021 و2024. وقد ركزت هذه العمليات على استهداف المعارضين الإيرانيين (34 حالة)، والمواطنين والدبلوماسيين الإسرائيليين (10 حالات)، واليهود (7 حالات). ومن بين هذه المؤامرات الـ(54)، تضمنت (16) مؤامرة استخدام مجرمين لتنفيذ الهجمات.
وأوضح أن الاستخبارات الإيرانية استغلت أنظمة اللجوء الغربية لتكثيف عمليات التجسس على الأراضي الأوروبية، حيث حصل عملاء إيرانيون على حق اللجوء في بعض الدول الأوروبية واستغلوا الحماية الغربية لتنفيذ حملات دعائية ضد الغرب، ورغم حصولهم على صفة لاجئ، حافظوا على علاقات وثيقة بإيران.
كما يُشتبه في أن بعض العناصر من فيلق القدس وصلوا إلى بريطانيا متنكرين في زي مهاجرين على متن قوارب صغيرة، وهو رقم قياسي بلغ (10,000) شخص عبروا القناة الإنجليزية بهذه الطريقة خلال العام 2025.
يقول جيسون برودسكي، مدير السياسات في مجموعة "متحدون ضد إيران النووية": "الدول الأوروبية بحاجة لأن تكون أكثر يقظة. لدى إيران خطط طوارئ طويلة الأمد لتنفيذ عمليات إرهابية في الغرب".
وأضاف: "ستوظف إيران شبكات إجرامية لإثارة الإرهاب وتنفيذ العمليات، وعلى صناع القرار أن يوضحوا لطهران أن أي عمليات ستُعتبر عملًا حربيًا".