مسؤول سابق بالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: الجولة الثانية من الحرب مع إيران باتت وشيكة

حذّر جاك نيريا، المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، من أن جولة ثانية من الحرب بين إسرائيل وإيران باتت وشيكة.

حذّر جاك نيريا، المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، من أن جولة ثانية من الحرب بين إسرائيل وإيران باتت وشيكة.
وذكر مركز الأمن والشؤون الخارجية الإسرائيلي أن "المبالغات" التي يطلقها المسؤولون العسكريون والسياسيون في طهران بشأن الاستعداد لمواجهة إسرائيل، ليست سوى غطاء لـ "حاجة مذلة" إلى استئناف المفاوضات.
وقال نيريا، الذي يعمل الآن باحثًا أول في المركز نفسه، في مقابلة مع صحيفة "معاريف" إن حزب الله تلقّى خلال اليومين الماضيين تعليمات بالابتعاد عن استخدام الهواتف المحمولة، ما أثار الانطباع بأن "الحرب تقترب".
وأضاف: "الانتقام الإيراني يتشكل؛ فالإيرانيون لا يمكنهم التعايش طويلاً مع هذا القدر من الإهانة والهزيمة".
وأشارت "معاريف"، في تقريرها إلى المناورات العسكرية التي أجرتها إيران في 22 أغسطس (آب) الجاري، والتي تسببت في إغلاق مؤقت لجزء واسع من أجواء غرب البلاد.
وفي جانب آخر من المقابلة، تطرّق نيريا إلى الاتصالات الأخيرة بين إسرائيل وسوريا، قائلاً: "السوريون يسعون إلى الهدوء على الجبهة مع إسرائيل. وقد تمكنت دمشق، في ظل حكم الشرع، من كسر حلقة الضغط التي أحاطت بها إيران حول إسرائيل".
وبحسب قوله، فإن سقوط بشار الأسد هيّأ الظروف لانهيار حزب الله كقوة إقليمية، والآن ترى طهران في حكم الشرع هدفًا لإسقاطه.
طهران تسعى لتقوية "حلقة النار" والحدّ من قدرات الجيش اللبناني
ذكر مركز الأمن والشؤون الخارجية الإسرائيلي أن قيادة النظام الإيراني، بعد هزيمتها القاسية أمام تل أبيب في حرب الـ 12 يومًا، تسعى إلى تعزيز روابطها السياسية والعسكرية مع شبكتها من الوكلاء الإقليميين، المعروفة بـ "حلقة النار".
وكان أبرز تحرك لطهران عقب الحرب، إرسال علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، إلى العراق للقاء قوى متحالفة معها هناك.
كما جددت طهران تعهدها لشبكات حزب الله المتبقية في لبنان بمواصلة الدعم.
وبحسب التقارير، فإن إيران أمرت الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، بالتصدي لمحاولات الدولة اللبنانية استعادة سيادتها ونزع سلاح الحزب.
وأكد المركز أن طهران عازمة على منع الجيش اللبناني من اكتساب القدرة على مواجهة حزب الله، رغم نجاح الجيش مؤخرًا في نزع سلاح بعض المجموعات الفلسطينية الصغيرة داخل مخيمات اللاجئين.
وأشار إلى أن إيران تحاول تجنّب أي خطوة قد تدفع إسرائيل أو الولايات المتحدة إلى استئناف الضربات ضد أهداف داخل إيران أو ضد شبكاتها العسكرية والوكيلة.
ومع ذلك، يواصل الناطقون العسكريون والسياسيون الإيرانيون "المبالغة في التهديدات"، متحدثين عن الاستعداد لمواجهة إسرائيل بأسلحة أقوى.
وختم المركز تحليله بالتأكيد أن هذه التصريحات ليست سوى غطاء لـ "حاجة مذلة" إلى استئناف المفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتفادي تفعيل "آلية الزناد" ضد طهران.


عزا عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، محمد صدر، في حوار عبر الإنترنت، سقوط المروحية، التي كانت تقلّ الرئيس الإيراني السابق، إبراهيم رئيسي، إلى إسرائيل، مؤكدًا أنّ تل أبيب قد وجّهت "رسالة عملية" إلى النظام الإيراني عبر استهداف "رئيسي".
وقال صدر، يوم السبت 23 أغسطس (آب)، خلال مقابلة مع برنامج "سينرجي" على شبكة الإنترنت: "في اللحظة نفسها التي أُسقط فيها رئيسي قلت إن هذا من عمل إسرائيل. لأنني كنت أعلم، من خلال اتصالاتي مع حزب الله في لبنان، أن إحدى وسائل تبادل الرسائل بين حزب الله وإسرائيل تكون عبر الميدان العملي؛ أي من خلال تنفيذ عمليات لكي يستوعب الطرف الآخر الرسالة".
وشدّد في الحوار على أنّ القول بتورّط إسرائيل في الحادث الذي أدى إلى مقتل رئيسي ومرافقيه هو "تحليل شخصي" لا يستند إلى وثائق أو أدلّة.
ويُذكر أنّ محمد صدر هو ابن شقيق الإمام موسى الصدر، وصهر ياسر الخميني، نجل أحمد الخميني، حفيد مؤسس النظام الإيراني والمرشد السابق، آية الله الخميني. ويشغل عضوية مجمع تشخيص مصلحة النظام منذ عام 2017.
وقد شغل صدر منصب معاون الشؤون العربية والأفريقية في وزارة الخارجية في عهد الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، وكان أيضًا مستشارًا رفيعًا لوزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف، في حكومة الرئيس حسن روحاني.
وفي ردّه على المذيع، الذي أشار إلى أنّ التقرير الرسمي لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية نفى أي دور لإسرائيل في الحادث، قال صدر: "لقد قلت رأيي في كل مكان دون استثناء. إسرائيل أوصلت عبر الميدان رسالة مفادها: إذا أردتم الاستمرار فنحن أيضًا سنستمر".
روسيا تنقل المعلومات
في جزء آخر من المقابلة، قال محمد صدر إنّ تحليله المستند إلى معلومات متاحة له هو أنّ "الروس هم الذين سلّموا إسرائيل معلومات عن مراكز الدفاع الجوي الإيرانية".
لكنه سارع إلى التوضيح بأنّ "خيانة إسرائيل" لا تعني أن "الغرب صادق".
وأشار صدر إلى أن روسيا كانت من أولى الدول، التي اعترفت بإسرائيل بعد تأسيسها، ورأى أنّ "التحالف الاستراتيجي" الذي تتحدث عنه إيران مع موسكو "كلام فارغ".
وأضاف: "تركيا عضو في الناتو، والناتو خصم لروسيا، ومع ذلك سلّمت روسيا منظومة إس-400 لأنقرة، بينما نحن الذين نتحدث عن تحالف استراتيجي معها لم نحصل عليها. لطالما طُرح موضوع شراء مقاتلات سوخوي-35، ومع أنهم باتوا يملكون سوخوي-50، إلا أنهم لم يبيعوا لنا حتى سوخوي-35".
وختم قائلًا إنّ هذا لا يعني قطع العلاقات مع روسيا، "لكن يجب أن تكون علاقتنا بهم جادّة، وفي الوقت نفسه لا ينبغي أن نثق بهم. لأن روسيا في يوم الحسم، مثلًا في حال نشوب حرب مع أميركا، لن تقدّم لنا أي مساعدة".
ويُشار إلى برنامج "سينرجي" هو حوار مصوَّر يستضيفه محمد حسين رنجبران، المذيع والمنتج في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني والمدير السابق للعلاقات العامة فيها، وهو حاليًا مستشار لوزير الخارجية. وقد انطلق البرنامج في مطلع الصيف، وقد بُثّت ثلاث حلقات منه حتى الآن عبر منصة "أبارات".
شبهة تورّط إسرائيل في سقوط مروحية "رئيسي"
ليست هذه المرة الأولى التي يُطرح فيها موضوع تورط إسرائيل في سقوط مروحية "رئيسي" ومرافقيه له أثناء عودتهم من أذربيجان.
فقد أشار الخبير في الشؤون الخارجية، فؤاد إيزدي، الضيف الدائم على وسائل الإعلام المقربة من الحكومة الإيرانية، وخاصة التلفزيون الرسمي "صدا وسيما"، قبل الإعلان عن مصرع رئيسي، إلى ما سماه "وجود الصهاينة والموساد" في جمهورية أذربيجان، وأعرب عن أمله في أن "تقوم الجهات المختصة بالتحقيق في الأمر".
كما قال مجتبی موسوي، شقيق مهدي موسوي، رئيس فريق حماية رئيسي، في مقابلة مع موقع "إيران 24" إنّ شقيقه كان "معارضًا بشدة" لرحلة الوفد الحكومي إلى الحدود الأذربيجانية، لكن أمام إصرار مكتب الرئيس قام بمهمته.
وأضاف أنّه كان من المقرر أن يتوجه الوفد الحكومي إلى بلوشستان، إلا أن البرنامج تغيّر فجأة، ولم يكن لدى شقيقه الوقت الكافي لدراسة الوجهة الجديدة، وهو ما "أزعجه كثيرًا".
وأشار موسوي أيضًا إلى قلق شقيقه من وجود "قاعدة إسرائيلية في أذربيجان" و"إشراف إسرائيلي على المنطقة".
أما النائب في البرلمان الإيراني، كامران غضنفري، فقد قال: "المسؤولون لا يرون من المصلحة الإعلان بأن أميركا وإسرائيل، بالتعاون مع نظام علييف في أذربيجان، اغتالوا الرئيس، وينسبون الأمر إلى كتلة سحابية كثيفة استهدفت المروحية الوسطى فقط!".
إلا أنّ هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة أصدرت بيانًا نفت فيه بشكل قاطع أي فرضية تتعلق بـ "الاغتيال أو التخريب"، ووصفت هذه التكهنات بأنها "بعيدة عن الحقيقة". كما حذّرت وسائل الإعلام والمسؤولين من التصريحات "غير المهنية والعاطفية وغير المسؤولة"، ودعت القضاء للتدخل "منعًا لأي شبهة".
ومع ذلك، عادت الشكوك حول أسباب سقوط مروحية رئيسي إلى السطح، خاصة بعد مقتل الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصرالله، في الغارات الإسرائيلية على مقر الحزب في بيروت.
فبعد أسبوعين تقريبًا من مقتل نصرالله، ظهرت امرأة على الهواء في القناة الأولى الإيرانية قُدّمت على أنها "ناشطة في محور المقاومة"، وقالت نقلًا عن سكان الضاحية الجنوبية: "كثير من الناس بعد استشهاد نصرالله كانوا يقولون: ربما لو ردّدنا على استشهاد أمير عبداللهيان (وزير الخارجية الإيراني السابق) أو أخذنا بثأر إسماعيل هنية (رئيس حركة حماس)، لكان السيد حسن لا يزال بيننا. لا أقول إن هذا صحيح أو خاطئ، لكن هذا ما أسمعه من الجميع".

أفادت وكالة "تسنيم" التابعة للحرس الثوري، بأن جولة جديدة من المفاوضات بين إيران ودول "الترويكا" الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) ستُعقد يوم الثلاثاء 26 أغسطس (آب) في جنيف بسويسرا، لبحث ملف طهران النووي وموضوع رفع العقوبات.
وذكرت الوكالة، يوم الاثنين 25 أغسطس، نقلاً عن مصدر مطّلع أن نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، مجيد تخت روانجي، سيترأس الوفد الإيراني في هذه الجولة من المحادثات، فيما سيشارك من جانب ألمانيا وفرنسا وبريطانيا نواب وزراء الخارجية.
وأضاف المصدر أنّ جدول أعمال المفاوضات سيتناول القضايا النووية وموضوع رفع العقوبات.
وكان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قد أجرى في 22 أغسطس الجاري اتصالاً هاتفيًا مع نظرائه في الدول الأوروبية الثلاث، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، لبحث احتمالية تفعيل "آلية الزناد"، وقد تقرر في هذا الاتصال أن تتواصل المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني.
تكهنات حول البرنامج النووي وآلية العقوبات
تصاعدت في الأيام الأخيرة التكهنات بشأن مستقبل البرنامج النووي الإيراني، وإمكانية تفعيل دول "الترويكا" الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) آلية الزناد، وكذلك ردّ طهران المحتمل على ذلك.
ومع اقتراب الموعد القانوني لانتهاء مفعول قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، وازدياد احتمالات تفعيل الآلية، كثّفت طهران وحلفاؤها تحركاتهم الدبلوماسية لمواجهة هذا السيناريو من الناحية القانونية.
وفي 23 أغسطس الجاري، أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بحثا فيه تطورات الملف النووي والتحركات الأوروبية الأخيرة، إضافة إلى تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تهديدات بالخروج من معاهدة " NPT"
من جانبه، أشار أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، يوم 22 أغسطس الجاري، إلى احتمال تفعيل "آلية الزناد" من قِبل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، مؤكدًا وجود "خلافات بين الدول الكبرى حول كيفية استخدامها".
كما تحدّث عن احتمال انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، قائلاً: "إن هذا الاحتمال قائم دائمًا. والواقع أن المعاهدة لم تقدّم لنا أي فائدة تُذكر".
خلفية المفاوضات
قبل اندلاع الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يومًا، كانت قد جرت خمس جولات من المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، إلا أنّ إصرار المسؤولين الإيرانيين على مواصلة التخصيب داخل الأراضي الإيرانية أدّى إلى طريق مسدود.
أما المرشد الإيراني، علي خامنئي، فقد اتهم، يوم الأحد في 24 أغسطس، الولايات المتحدة بالسعي إلى "إخضاع الشعب الإيراني وإجباره على الطاعة"، مضيفًا أنّ "جوهر القضية هو عداء أميركا"، وأنّ مسائل مثل التفاوض المباشر معها "غير قابلة للحل".
وفي اليوم نفسه، كتب عالم الاجتماع الإيراني المعتقل، سعيد مدني، رسالة من سجنه في دماوند انتقد فيها السياسات النووية للنظام الإيراني، واعتبر أن مشروع تخصيب اليورانيوم الذي استمر نحو 30 عامًا "لم تكن له أي جدوى حقيقية منذ البداية ولا يزال كذلك".

أفادت صحيفة "التلغراف" البريطانية بأن بعض مسؤولي النظام الإيراني، بقيادة علي لاريجاني، مستعدون لتقليص مستوى تخصيب اليورانيوم بشكل كبير، في محاولة لمنع عودة عقوبات الأمم المتحدة من جانب بريطانيا ودول غربية أخرى.
ونقلت الصحيفة، يوم الأحد 24 أغسطس (آب)، عن مسؤولين في النظام الإيراني قولهم: "إن طهران تميل إلى التراجع عن موقفها المتشدد، لتجنب المزيد من الهجمات من إسرائيل والولايات المتحدة، وأيضًا للحيلولة دون تفعيل آلية الزناد".
وبحسب التقرير، فإن لاريجاني، الذي عُيّن مؤخرًا أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، يقود جهود إقناع القيادة بخفض مستوى تخصيب اليورانيوم من 60 إلى 20 في المائة.
وكانت هناك تكهنات بأن مستوى تخصيب اليورانيوم في إيران يقترب من 90 في المائة، أي عند عتبة إنتاج السلاح النووي، وهو ما أثار مخاوف دولية واسعة بشأن نوايا طهران.
وكان مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، لورنس نورمان، قد ذكر، في شهر يونيو (حزيران) الماضي، أن عدة مصادر مطلعة تعتقد أن إيران ربما بدأت بالفعل تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 90 في المائة في منشأة "فوردو".
وستُعتبر العودة المحتملة إلى نسبة 20 في المائة تراجعًا ملحوظًا مقارنة بقدرات إيران الحالية، لكنها لا تزال أعلى بكثير من سقف 3.67 في المائة المحدد في الاتفاق النووي السابق (2015).
وقال مسؤول إيراني رفيع للصحيفة البريطانية: "إن لاريجاني يحاول إقناع النظام الإيراني بخفض مستوى التخصيب لتجنب حرب جديدة؛ حيث يخشى أن يؤدي عدم التراجع أو عدم الاستجابة لمطالب الغرب إلى أزمة كبيرة للنظام نفسه".
وأضاف أن جهود لاريجاني تواجه معارضة قوية من مؤسسات وشخصيات مرتبطة بالنظام والحرس الثوري، لكن يبدو أن علي خامنئي يميل إلى الموافقة على هذا التوجه، والدخول مجددًا في تواصل مع القوى الغربية.
ما هي "آلية الزناد" ولماذا تعود للواجهة؟
كانت دول "الترويكا" الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) قد هددت بإعادة تفعيل "آلية الزناد" ضد إيران، وهو ما يعني فرض عقوبات الأمم المتحدة تلقائيًا، ما لم تبدأ طهران المفاوضات النووية قبل نهاية أغسطس الجاري.
وينتهي بند "إعادة فرض العقوبات تلقائيًا" بالاتفاق النووي السابق في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ما يدفع الأوروبيين للتحرك بسرعة قبل انتهاء المهلة. وبعد هذا الموعد، لن تُفرض أي عقوبات جديدة إلا بقرار من مجلس الأمن، وهو ما قد تعرقلـه روسيا أو الصين بحق النقض "الفيتو".
وأجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في 22 أغسطس الجاري، محادثات هاتفية مع نظرائه الأوروبيين؛ لبحث تجنب عودة العقوبات، وتم الاتفاق على لقاء هذا الأسبوع.
وتصاعد القلق الأوروبي بعد أن علّقت طهران كل تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب حرب الـ 12 يومًا بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي، مما جعل المجتمع الدولي عاجزًا عن معرفة وضع برنامج إيران النووي ومخزون اليورانيوم لديها.
وكتبت "التلغراف" أن الضغوط الداخلية على خامنئي تكشف عن خلاف داخل النظام حول "كيفية التعامل مع الغرب"، وأن المرشد يواجه خيارًا مصيريًا بين الطموحات النووية وبقاء النظام.
"المصاصات" مقابل اللآلئ المتدحرجة
أشارت "التلغراف" إلى أن نهج لاريجاني الدبلوماسي اليوم يتناقض مع موقفه المتشدد سابقًا. ففي عام 2003، حين وافق فريق حسن روحاني على تعليق التخصيب مؤقتًا، كان لاريجاني (رئيس هيئة الإذاعة آنذاك) من أبرز المنتقدين قائلًا: "قدمنا لؤلؤة متدحرجة وأخذنا في المقابل مصاصة".
وقال أستاذ علوم سياسية إيراني للصحيفة إن نظام طهران يعيش مرحلة حرجة بين "إرضاء أنصاره في الداخل والتعامل مع الغرب"، معتبرًا أن النظام "يسعى للبقاء، وقد يعني ذلك تقليص التخصيب، ولو كخطوة لشراء الوقت فقط".
وأضاف: "في الماضي كانوا يسعون للتقدم. اليوم يحاولون فقط العودة إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل الهجمات الأميركية".

هاجم وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في مقال له، قُبيل انعقاد الاجتماع الطارئ لوزراء دول منظمة التعاون الإسلامي، سياسات إسرائيل، محذرًا دول المنطقة من الثقة بها، ودعا إلى تشكيل ائتلاف دولي ضدها، وتقديم مساعدة عاجلة لغزة.
وفي هذا المقال، الذي نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" الصادرة في لندن يوم الأحد 24 أغسطس (آب)، اتهم عراقجي إسرائيل باتباع سياسات "توسعية" في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا. كما دعا المؤسسات الدولية إلى ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين قضائيًا.
وانتقد وزير خارجية إيران نهج منظمة التعاون الإسلامي، معتبرًا أن الاجتماع المرتقب يجب أن يذهب "أبعد من مجرد إصدار بيانات وإبداء مواقف إدانة". داعيًا، في الوقت نفسه، إلى ممارسة أقصى الضغوط السياسية والدبلوماسية من خلال تشكيل ائتلاف دولي ضد إسرائيل.
ورأى عراقجي أن فرض عقوبات شاملة عسكرية واقتصادية على إسرائيل من جانب الدول الإسلامية يمثل "ضرورة لا تقبل الإنكار" في ظل الظروف الراهنة للمنطقة.
ومن المقرر أن يُعقد الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي، باقتراح من إيران، في 25 أغسطس الجاري بمدينة جدة في المملكة العربية السعودية.
وفي هذا المقال المعنون: "وهم إسرائيل الكبرى.. خطر وجودي وتهديد للسلام والأمن الدوليين"، أعرب عراقجي عن استيائه من تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين بشأن بروز شرق أوسط جديد، مؤكدًا أن "الطموحات النهمة" لإسرائيل لا تعرف حدودًا.
واتهم إسرائيل بالسعي إلى تنفيذ مشروع "إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات". وأضاف محذرًا أنه، في ضوء الهجمات الإسرائيلية على لبنان وسوريا، قد تكون السعودية ومصر والأردن والكويت والعراق أهدافًا محتملة لإسرائيل في المستقبل.
ويأتي هذا المقال في وقت كانت فيه قناة "إل. بي. سي. آي" اللبنانية قد نقلت في 30 يونيو (حزيران) الماضي، عن مصادر مطلعة، أن سوريا أحرزت تقدمًا في محادثات تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
كما شنّ وزير الخارجية الإيراني هجومًا على الولايات المتحدة والدول الغربية بسبب ما وصفه بـ "الصمت" تجاه إسرائيل، موجهًا كلامه إلى دول منظمة التعاون الإسلامي: "أي تردد أو تراخٍ أو وهم قائم على الثقة بالوعود المخادعة، مثل اتفاقات إبراهيم، سيؤدي إلى خسارة كبرى للأمة الإسلامية".
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد أعلن في 29 يونيو الماضي، أن بعض الدول أبدت رغبتها في الانضمام إلى اتفاقات إبراهيم وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
هذا وقد عبّر النظام الإيراني مرارًا عن استيائه من مسار تطبيع العلاقات بين الدول الإسلامية وإسرائيل.

وصفَ مسؤول أميركي سابق في مجلس الأمن القومي تهديدات رئيس تحرير صحيفة "كيهان"، حسين شريعتمداري، بإغلاق مضيق هرمز ورفع أسعار النفط بأنها "فارغة"، مؤكدًا أن السبيل الوحيد لكبح جماح طهران هو تفعيل "آلية الزناد" فورًا.
وكان حسين شريعتمداري، ممثل المرشد الإيراني في صحيفة "كيهان"، قد قال إن فرض قيود على الملاحة الغربية في مضيق هرمز قد يرفع سعر النفط العالمي إلى 200 دولار، ويُوجِه ضربة اقتصادية قاسية لأعداء إيران.
وصرّح شريعتمداري، مساء الجمعة 22 أغسطس (آب) الجاري، عبر التلفزيون الرسمي الإيراني: "بإمكاننا أن نفرض قيودًا على أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا في مضيق هرمز ونمنعها من العبور".
ووصف الرئيس السابق لقسم مواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل الإيرانية في مجلس الأمن القومي الأميركي، ريتشارد غولدبرغ، هذه التصريحات بغير الواقعية، قائلاً: "نظرًا لاعتماد الصين على مضيق هرمز لتأمين نصف احتياجاتها النفطية، فإن إغلاقه سيضغط على بكين بالدرجة الأولى، وفي الوقت نفسه سيكون بمثابة انتحار اقتصادي للنظام الإيراني".
وأضاف غولدبرغ أن التفعيل الفوري لـ "آلية الزناد" أو العودة التلقائية لعقوبات مجلس الأمن ضد طهران هو الخيار الوحيد المتبقي لمواجهة سياساتها، مؤكدًا أن الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي يجب ألا تتردد في اتخاذ هذه الخطوة على الفور.
ويأتي هذا السجال وسط تصاعد التوترات الإقليمية بشأن أمن الخليج ومسارات نقل الطاقة، فيما يرى خبراء غربيون أن تهديدات طهران بإغلاق مضيق هرمز تُستَخدم كأداة ضغط سياسي أكثر منها كخيار عملي.
ومن جانبها، تُبدي إيران قلقًا متزايدًا من احتمال لجوء الدول الأوروبية إلى تفعيل "آلية الزناد". ورغم استمرار المفاوضات مع الغرب، بدأت طهران بالفعل مشاورات داخلية للتحضير لاحتمال إعادة فرض العقوبات الدولية.
خلفية تاريخية: الألغام البحرية وحرب الناقلات
كرر رئيس تحرير صحيفة "كيهان، مرارًا، تصريحات مشابهة وجدت صدى واسعًا داخل إيران. لكن نوايا طهران في إغلاق مضيق هرمز خضعت للتجربة سابقًا وانتهت بخسائر فادحة.
وفي عام 1984، وأثناء الحرب مع العراق، وعد علي أكبر ولايتي (وزير الخارجية آنذاك والمستشار الحالي للمرشد) بإغلاق المضيق. ورغم أن إيران لم تفعل ذلك، إلا أن تحركاتها فجّرت ما عُرف لاحقًا بـ "حرب الناقلات".
وبتهديد أمن المضيق، أدخلت إيران طرفًا ثالثًا في الصراع هو الولايات المتحدة؛ إذ دفعت عمليات زرع الألغام التي نفذها الحرس الثوري في المضيق بالبحرية الأميركية إلى التدخل لحماية الملاحة. وفي النهاية، وبعد تكبّد خسائر عسكرية واقتصادية جسيمة، تراجعت طهران عن موقفها عام 1987.
وفي أعوام 2008 و2011 و2012 و2018 و2019، عادت طهران لتهدد بإغلاق المضيق ردًا على الضغوط المتعلقة ببرنامجها النووي.
تهديدات أكثر جدية بعد الحرب الأخيرة
بعد الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، اكتسبت هذه التهديدات طابعًا أكثر جدية. ففي أول يوليو (تموز) الماضي، ومع نهاية الحرب، أعلن عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إسماعيل كوثري، أن البرلمان توصّل إلى قرار بإغلاق المضيق، مشيرًا إلى أن القرار النهائي بيد المجلس الأعلى للأمن القومي.
وفي الأول من يوليو الماضي أيضًا، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر أميركية أن إيران شرعت، بعد الضربات الإسرائيلية، في تحميل ألغام بحرية على سفن في الخليج، في خطوة اطّلع عليها جهاز الاستخبارات الأميركي منذ البداية. ومع تزايد احتمال تفعيل "آلية الزناد"، تسارع هذا المسار.
وفي 16 يوليو، أعلن رئيس قضاء هرمزغان، مجتبی قهرماني، توقيف ناقلة نفط أجنبية في بحر عُمان بتهمة "تهريب وقود"، موضحًا أن السفينة كانت تحمل مليوني لتر وقود مهرَّب. لكنه لم يحدد جنسية الناقلة أو الدولة التي ترفع علمها.
ومن جانبه، حذّر الدبلوماسي الإيراني السابق في الأمم المتحدة، كوروش أحمدي، من أن إغلاق المضيق سيستدعي ردًا فوريًا من مجلس الأمن، ويعود بالضرر المباشر على إيران، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستضع حتى الصين في مواجهة طهران، وهو ما يعادل "انتحارًا سياسيًا واقتصاديًا".
وتُظهر هذه السلسلة من التهديدات أن مضيق هرمز لا يزال يُستخدم كأحد أهم أوراق الضغط بيد النظام الإيراني، رغم إدراك خبراء الداخل والخارج على حد سواء لعواقبه الكارثية.