وقد أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، اتصالاً هاتفيًا، صباح يوم السبت، 23 أغسطس (آب)، بحثا فيه التطورات المتعلقة بالملف النووي الإيراني، والتحركات الأخيرة للدول الأوروبية، وكذلك موضوع التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأكد الجانبان، خلال هذا الاتصال، أن الدول الأوروبية الثلاث: فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لا تمتلك الأهلية القانونية ولا الأخلاقية لاستخدام آلية تسوية النزاعات المنصوص عليها في الاتفاق، بسبب تكرار خروقاتها لالتزامات الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة 2015)، وتماهيها مع الولايات المتحدة في الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية،
وأوضح عراقجي أن فكرة تمديد القرار 2231 هي مسألة لا بد أن يقررها مجلس الأمن بكامل أعضائه، وليس من حق الدول الأوروبية الثلاث أن تتخذ قرارًا بهذا الشأن.
وخلال وقت سابق، وفي السياق نفسه، كان المندوب الروسي الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، قد حذّر سابقًا من أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا تعتزم تفعيل "آلية الزناد" ضد إيران قبل نهاية شهر أغسطس الجاري. وهذه الآلية، المضمّنة في القرار 2231، تتيح إعادة فرض جميع العقوبات السابقة الصادرة عن مجلس الأمن ضد إيران، دون الحاجة إلى تصويت جديد.
وأعلن أوليانوف، عبر منصة "إكس"، أن الدول الأوروبية الثلاث نفسها منتهكة للقرار 2231 ولتعهداتها في الاتفاق النووي، ومِن ثمّ فهي من الناحية القانونية الدولية غير مؤهلة لتفعيل هذه الآلية. واستند إلى مبدأ "حسن النية" في القانون الدولي وإلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية عام 1970 بشأن جنوب أفريقيا وناميبيا، مؤكدًا أنه لا يمكن لأي طرف أن يخرق التزاماته، ثم يستفيد في الوقت نفسه من الحقوق المترتبة على الاتفاق نفسه.
ومن جانبه، شدّد عباس عراقجي، في حديث لوكالة "إرنا" الإيرانية، على أن تفعيل "آلية الزناد" سيُلحق أضرارًا اقتصادية جسيمة بإيران، لكنه "لن يكون نهاية المطاف". وقال: "لقد ناقشنا مع روسيا والصين منذ سنوات حلولاً وقائية، وإن كان نجاحها غير مضمون".
وبالتزامن مع ذلك، سجّلت الصين مذكرة لدى مجلس الأمن أعلنت فيها رفضها القاطع لتفعيل هذه الآلية. وأكدت بكين أن المأزق الحالي سببه عرقلة الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث لتنفيذ الاتفاق النووي، وليس تصرفات إيران. وحذرت من أن عودة العقوبات ستكون خطوة غير قانونية، مخالفة لروح الدبلوماسية، وقد تخلّف "عواقب كارثية وغير متوقعة".
ما هي "آلية الزناد" (سناب بك)؟
هي آلية نصّ عليها القرار 2231 لمجلس الأمن، تتيح لأي مشارك في الاتفاق النووي، في حال "عدم امتثال جوهري" من جانب إيران، إعادة فرض العقوبات السابقة لمجلس الأمن، دون الحاجة إلى تصويت جديد، وذلك بمجرد تقديم إخطار رسمي.
وفقًا للفقرة 11 من الملحق (ب) للقرار 2231، تعود العقوبات بشكل تلقائي بعد 30 يومًا من تقديم الإخطار، إلا إذا صوّت مجلس الأمن على قرار جديد بتمديد تعليق العقوبات، وهو أمر شبه مستحيل بسبب حق النقض (الفيتو) الذي يملكه الأعضاء الدائمون.
ما العقوبات التي ستعود؟
إذا فُعِّلت "آلية الزناد"، ستُدرج القضية النووية الإيرانية مجددًا ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يُخول مجلس الأمن باتخاذ إجراءات عسكرية ومدنية ضد الدول للحفاظ على السلم والأمن الدوليين:
- في المجال الأمني والعسكري: إعادة فرض الحظر الكامل على الأسلحة، ومنع تصدير واستيراد الأسلحة والمعدات والذخائر والتكنولوجيا العسكرية لإيران، وحظر أي شكل من أشكال التعاون العسكري معها.
- في المجال الصاروخي: حظر مطلق لأي نشاط يتعلق بالصواريخ الباليستية: إنتاجًا أو اختبارًا أو تطويرًا أو تزويدًا بقطع غيار، ومعاقبة أي تعاون دولي في هذا المجال.
- في المجال الاقتصادي: تجميد أصول كيانات اقتصادية رئيسة، مثل البنك المركزي الإيراني، والبنوك الحكومية، وصندوق التنمية الوطني ومؤسسات تابعة أخرى، وقطع شبه كامل لعلاقات إيران بالنظام المالي العالمي.
- في قطاع الطاقة: استهداف صادرات النفط والغاز والبتروكيماويات، ووقف الاستثمارات الأجنبية في مشاريع الطاقة الإيرانية، ومنع الشركات العالمية من التعاون مع إيران في هذا المجال.
- على صعيد الأفراد والكيانات: إعادة إدراج مسؤولين كبار من الحرس الثوري ووزارة الدفاع ومنظمة الطاقة الذرية وشركات مرتبطة بمكتب المرشد الإيراني، على لوائح العقوبات الأممية التي كانت قد أُزيلت في إطار الاتفاق النووي السابق.