علي أروحَي، المتخصّص في إدارة النظم البيئية الرطبة، قال في مقابلة مع موقع "خبر أون لاين" يوم الخميس 21 أغسطس (آب)، إن تغيّر المناخ وإقامة الصناعات المستهلكة للمياه مثل الصلب والبتروكيماويات تُعد من العوامل التي فاقمت جفاف "كارون"، لكنه أكّد أنّ السبب الجوهري يكمن في سوء الحوكمة والإدارة الفاشلة لموارد المياه، ما أدى إلى بناء السدود والتوسّع في الزراعات المستهلكة للمياه، وبالتالي تفاقم الأزمة.
وأشار إلى سدود مثل "كارون 3"، "كارون 4" و"غتوند"، إضافة إلى مشاريع نقل المياه إلى محافظات مثل أصفهان ويزد، فضلاً عن زراعة محاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه مثل قصب السكر والأرز في خوزستان، باعتبارها أبرز مسبّبات أزمة المياه في نهر كارون.
وأضاف أنّ تراكم الأملاح في خزان سد غتوند ضاعف ملوحة المياه بشكل كبير.
وشدّد على أنّ السدود ومشاريع نقل المياه غيّرت مجرى النهر بشكل جذري، وقلّلت من تدفّق المياه نحو المصب والأهوار، محذّراً بالقول: "في السنوات الماضية كان تصريف كارون يتراوح بين 500 و600 متر مكعب في الثانية، لكنه انخفض في بعض الأشهر إلى أقل من 100 متر مكعب".
تداعيات كارثية
وتطرّق أروحَي إلى الآثار البيئية لتراجع تدفّق "كارون" وما يخلّفه من روائح كريهة بفعل ركود المياه، قائلاً: "انخفاض جريان المياه يقلّل نسبة الأوكسجين الذائب، ما يرفع مخاطر نفوق الأحياء المائية واللافقاريات. كما أنّ نمو الطحالب والبكتيريا اللاهوائية يولّد روائح كريهة، ويؤدي الترسيب غير الطبيعي إلى تغيّر المواطن البيئية".
وأضاف: "غاز كبريتيد الهيدروجين يمكن أن يسبّب مشكلات تنفّسية وصداعاً، فيما تؤدي نوعية المياه الرديئة إلى تفاقم الأمراض الهضمية والمعدية. كما أن احتمالات تكاثر البعوض وظهور أمراض مثل الملاريا أو حمى الضنك واردة".
كما أن انخفاض الأوكسجين وزيادة ملوحة "كارون" يفاقمان موت الأحياء المائية ويدمران بيئاتها الطبيعية ويعرقلان هجرتها للتكاثر.
وفي هذا السياق، قال أروحَي: "أهوار شادكان والحويزة، التي تُعد موطناً للطيور المهاجرة، مهددة بسبب انخفاض المياه والتلوّث، وقد نفقد بعض الأنواع. إن أزمة كارون تضغط على السلسلة البيئية كاملةً من الأسماك إلى الطيور".
هجرة قسرية
كما حذّر هذا الخبير البيئي من موجات نزوح قسري في حال استمرار الوضع، قائلاً إن بعض فلاحي خوزستان اضطروا إلى مغادرة أراضيهم بسبب فقدان مياه الري وملوحة التربة. وفي ظل هذه الظروف، لم يعد بإمكان مربّي الماشية كسب رزقهم، ما يفاقم السخط الاجتماعي.
وأضاف أنّ انخفاض الإنتاج الزراعي وزيادة الاعتماد على استيراد الغذاء وفقدان اليد العاملة الماهرة، كلها تهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة، وقد تغيّر بنيتها الديمغرافية.
وبحسب قول أروحي، فإن جفاف الأهوار قد يؤدي إلى زيادة بؤر العواصف الغبارية، مما يشكل خطراً على صحة السكان.
ولتجاوز هذه الأزمة، شدّد على ضرورة الانتقال من إدارة قائمة على الاستهلاك إلى إدارة تركز على حفظ الموارد المائية، وضمان إيصال "الحق المائي" إلى نهر "كارون" والأهوار الواقعة عند مصبه.
ويقف "كارون" اليوم أكثر من أي وقت مضى كمرآة تعكس فشل حوكمة المياه في إيران، وفي حال غياب تدابير فعّالة، فإن "شريان خوزستان" سيتحوّل إلى بؤرة دائمة للأزمات.