وحذّر الموقع من أن ما يخشاه قادة النظام الإيراني ليس العقوبات أو التصريحات، بل أن يواجهوا خصماً يمتلك قوة حقيقية ويملك في الوقت نفسه العزم والجدية على استخدامها ضدهم.
وفي تحليل نُشر يوم الأربعاء 20 أغسطس (آب)، تناول الموقع الاستراتيجيات التي يستخدمها النظام الإيراني لخداع الغربيين ودفعهم إلى قبول مطالبه، موضحاً أن قادة النظام برعوا في فنون الصبر والمماطلة وانتهاز الفرص، وأنهم بانتظار اللحظة المناسبة لتوجيه الضربة.
وبحسب الموقع، فإن النظام رغم ضعفه لم يتلقَّ ضربة قاضية بعد، ولذلك طالما بقي في السلطة فإن الغرب وإسرائيل وحلفاءهما العرب المعتدلين سيظلون عرضة للخطر.
ويرى قادة النظام الإيراني أنهم في حالة اختبار دائم لخصومهم، ويؤمنون بأن مرور الزمن والإصرار سيقودهم في النهاية إلى النصر.
ووفقاً للمقال، فإن الاختلاف في النظرة إلى التفاوض بين الإيرانيين والغربيين يعكس هذه الرؤية.
فبالنسبة للغربيين، التفاوض يعني التسوية والوصول إلى نتيجة رابحة للطرفين؛ كلاهما يحقق مكاسب ويخرج أقوى من طاولة التفاوض.
أما بالنسبة للإيرانيين، فإن التفاوض لا يحدث إلا عندما يكون أحد الطرفين قد انتصر مسبقاً، وعندها يفرض المنتصر شروطه، وعلى الخاسر أن يقبل بها.
وأضاف الكاتب أن النظام الإيراني يعتبر استعداد القادة الغربيين للتفاوض قبل تحقيق نصر حاسم علامة ضعف واعترافاً ضمنياً بأن الطرف المقابل يفتقر إلى الإرادة أو القدرة على فرض الشروط.
وهذه الذهنية تؤثر على تفسير أحداث مثل حرب الأيام الـ12؛ فمن وجهة نظر طهران، بما أن إسرائيل وأميركا لم تكن لديهما الإرادة أو القدرة على القضاء على النظام الإيراني، فهذا يعدّ نصراً بحد ذاته.
وأوضح موقع "أخبار اليهود"، وهو وكالة أنباء وخدمة إخبارية تركز على الأخبار المتعلقة باليهود وإسرائيل، أن مسؤولي النظام ينظرون إلى الاتفاقيات الموقعة على أنها "أدوات مؤقتة" لا "التزامات ملزمة"، وقد يوقّعون على وثائق "لإرضاء الآخرين"، لكنهم نادراً ما ينوون تنفيذها.
ومن هذا المنطلق، تُعتبر الاتفاقيات في نظر قادة النظام مجرد خطوة على طريق تحقيق النصر النهائي، لا تسوية متبادلة. وفي الثقافة السياسية الإيرانية، التسوية نوع من الإهانة، بل مصير أسوأ من الموت.
الخوف الوحيد للنظام
وأشار الكاتب إلى سياسات طهران الرامية للتأثير على الغرب في المفاوضات النووية، قائلاً إن النظام الإيراني "غالباً ما يُظهر نفسه ودوداً ومتفهماً"، وهو بارع في "إظهار الصدق والود لتجريد الغربيين من أسلحتهم".
ويُستَخدم هذا النهج أيضاً في الرسوم الكاريكاتورية السياسية والسخرية الإعلامية التابعة للنظام لتعزيز صورة "إيران المنتصرة".
فخلال مفاوضات الاتفاق النووي، سخر الإعلام الحكومي من قادة أميركا، بمن فيهم جون كيري وباراك أوباما. وقد صُوِّر كيري بساق مكسورة وعكازات ضخمة لإبراز ضعفه، بينما رُسمت بشرة أوباما أكثر سواداً للتأكيد على "العيوب".
وحذّر الموقع من أنه رغم الضربات المؤثرة التي وجهتها إسرائيل وأميركا خلال حرب الأيام الـ12، فإن طهران تعتبر "الزمن" حليفها؛ تنتظر حتى يفقد الغرب الاهتمام ويتراجع. وإذا حدث ذلك، فإن النظام الإيراني يمكن أن يعود مجدداً مدججاً بالسلاح النووي وموارد جديدة ليهدد أميركا وإسرائيل وحلفاءهما العرب السنّة. على الغرب أن يدرك هذا "الفارق الثقافي والاستراتيجي".
ووفقاً للمقال، فإن الحل المستدام الوحيد هو دعم الشعب الإيراني للتحرر من النظام. وإلا فإن لعبة طهران الطويلة قد تنجح في النهاية في إنهاك أعدائها الثلاثة الرئيسيين: أميركا والغرب، إسرائيل، والعالم العربي السنّي.
وأضاف الموقع: "ما نراه نحن مستحيلاً، يبدو في نظر طهران أمراً قابلاً للتحقيق بالكامل".