وأفاد تقرير "نيويورك تايمز" بأن أجهزة الاستخبارات الإيرانية استخدمت الرسائل الفورية ووسائل التواصل الاجتماعي لاستقطاب هؤلاء الأشخاص، وحثّتهم على تنفيذ مهام تخريبية، وحتى التخطيط لمحاولات اغتيال.
وذكر التقرير أن هذه العمليات، التي تصاعدت بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) وفق إدارة الأمن الداخلي الإسرائيلي "شين بت" والشرطة، تُعد جزءًا من حرب خفية مستمرة منذ عقود بين إيران وإسرائيل.
البداية بـ"المال السهل"
وأشار تقرير نيويورك تايمز إلى بعض القضايا التي نُظر فيها في المحاكم العلنية المتعلقة بالتعاون الأمني مع النظام الإيراني.
ولاديزلاف فيكتورسون (31 عامًا) وأنيا برنشتاين (19 عامًا) من تل أبيب، هما من بين المتهمين الذين استقطبهم أحد عناصر الاستخبارات الإيرانية أولًا عبر رسالة في "تلغرام".
وكانت مهمتهما في البداية كتابة شعارات مناهضة للحكومة على جدران حيّهما، ومقارنة نتنياهو بهتلر، مقابل 600 دولار. لكن الطلبات تصاعدت لاحقًا لتشمل تخريب أعمدة الكهرباء بالحمض، وإحراق السيارات، وتصنيع عبوات يدوية، وأخيرًا محاولة اغتيال أستاذ إسرائيلي مقابل 100 ألف دولار.
وتم توقيف الزوجين في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، ويواجهان الآن في محكمة تل أبيب تهم الاتصال بعنصر أجنبي، التخريب، وإحراق الممتلكات عمدًا.
وأوضحت السلطات أن أكثر من 40 إسرائيليًا أُلقي القبض عليهم خلال العام الماضي في قضايا مشابهة، ويشملون يهودًا متدينين وعلمانيين، ومهاجرين، وعربًا إسرائيليين، وإسرائيليًا مولودًا في إيران، وجنديًا، وحتى مراهقًا يبلغ من العمر 13 عامًا.
وكان أكبر المتهمين موتي مامان (70 عامًا)، الذي حُكم عليه في أبريل (نيسان) 2025 بالسجن عشر سنوات. ووفقًا لائحة الاتهام، فقد نقلته أجهزة الاستخبارات الإيرانية مرتين إلى إيران للتخطيط لاغتيال سياسي إسرائيلي.
مهام صغيرة ومكافآت محدودة
وأظهرت لوائح الاتهام أن معظم المهام شملت إحراق سيارات، ونقل أسلحة أو أموال مخبأة، وشراء معدات اتصالات، وكانت المكافآت غالبًا بالعملات المشفرة وتقتصر على بضعة آلاف من الدولارات.
من الأمثلة، جندي أذربيجاني يهودي مهاجر كان مكلفًا بتصوير مساره اليومي قرب قواعد عسكرية حساسة، واستئجار شقة تطل على ميناء حيفا. بينما كان اثنان آخران مكلفين بتركيب كاميرات قرب منزل وزير الدفاع، لكنهما تراجعا بعد رؤية سيارة شرطة.
وتشير الحملات الإعلامية في الراديو والشبكات الاجتماعية إلى أن "المال السهل" قد يؤدي إلى "غرامة باهظة" وسنوات سجن طويلة.
ويؤكد خبراء الأمن الإسرائيلي أن إيران تسعى من خلال هذه العمليات ليس فقط للتخريب، بل لزرع الشك والانقسام في المجتمع.
شالوم بن حنان، مسؤول سابق في شين بت، وصف الطريقة بأنها "جاسوسية كلاسيكية"؛ تبدأ بمكافأة صغيرة ومهمة بسيطة، ثم تتصاعد المخاطر تدريجيًا.
لكن "نيويورك تايمز" تشير إلى أن تجنيد الإسرائيليين يظل محدودًا أمام نفوذ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية داخل دوائر السلطة في إيران، والذي أثمر عن ضربات جوية إسرائيلية لمواقع نووية وأمنية إيرانية، ومقتل مسؤولين عسكريين وعلماء.
وقال بعض المحامين إن الأدلة المباشرة على جنسية عناصر الاستخبارات الإيرانية لم تُقدم، وأن كثيرًا من الاستجوابات جرت دون حضور محامٍ أو تسجيل رسمي.
وأشار محامي برنشتاين إلى أن موكلته اعتقدت أنها تعمل لصالح معارضين سياسيين داخليين، بينما تؤكد الشرطة وشين بت وجود أدلة كافية على تدخل إيران في هذه العمليات واستقدام هؤلاء الأفراد، معتبرةً أن هذه الاعتقالات رد على محاولة طهران إثارة الفوضى داخل إسرائيل.