وكتبت "واشنطن بوست"، يوم الأربعاء 6 أغسطس (آب)، أنه في ربيع هذا العام، عندما قررت منصة "ديوار" طرح أسهمها في بورصة طهران، تدخل الحرس الثوري ومنع هذا الإجراء.
ووفقًا لمصادر، كان سبب معارضة الحرس هو "المواقف الصريحة والمستقلة" لحسام آرماندهي، رئيس مجلس إدارة الشركة، وانتقاداته للنظام. وتم الكشف عن هذا الأمر في رسالة داخلية نشرها آرماندهي الأسبوع الماضي.
كان آرماندهي قد صرح العام الماضي في مقابلة مع بودكاست "طبقة 16" قائلاً إنه في إيران، كلما جنيت المال، تظهر فجأة منظمة أو مؤسسة أو جهة شبه حكومية تلقي بنفسها في وسط اللعبة لتأخذ حصة من أموالك.
ووفقًا لمصدرين مطلعين من الشركة، تعرضت "ديوار" في الماضي لضغوط من السلطات الأمنية لتسليم بيانات المستخدمين الخاصة، لكنها قاومت هذه الطلبات قدر الإمكان.
كما أفاد مسؤولو الشركة أن "ديوار" قاومت خلال السنوات الأخيرة ضغوطًا لبيع أسهمها لشركات مرتبطة بمؤسسات حكومية.
وصرح مديرو شركات تكنولوجية أخرى في إيران سابقًا في مقابلات أن مثل هذه الطلبات شائعة، وشعر العديد من الشركات أنه ليس لديها خيار سوى الامتثال.
ونقلت "واشنطن بوست" عن مديري القطاع الخاص وخبراء اقتصاديين وسياسيين إيرانيين أن تدخل الحرس الثوري في كواليس الاقتصاد الإيراني أصبح سلوكًا شائعًا.
وعلى الرغم من أن الحرس الثوري يُعرف كلاعب مؤثر في الاقتصاد بفضل حيازته الكبيرة للأسهم في صناعات البناء والاتصالات والنفط وغيرها من القطاعات، فإن منعه طرح الأسهم الأولية لـ"ديوار" يظهر أن هذه المؤسسة تستخدم نفوذها وقوتها الاقتصادية حتى تجاه الشركات التي لا تملك فيها أي حصة.
في أواخر يوليو (تموز)، كشف آرماندهي عبر حسابه على "لينكد إن" عن رسالة من الحرس تتعلق برفض تأهيله، موضحًا أن هذه المؤسسة عارضت خطته لطرح الأسهم الأولية للشركة.
كانت الرسالة مؤرخة في 10 يونيو (حزيران)، وأُرسلت من مسؤول أمني إلى أحد مسؤولي بورصة طهران.
وكتب آرماندهي في منشور آخر: "حتى مع كل هذه الضغوط، لم أفقد الأمل ولا أنوي الهجرة أو ترك ديوار".
واحتج إحسان جيت ساز، مساعد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الحكومة الإيرانية, في 4 أغسطس (آب) عبر منشور على "إكس" باستخدام "هاشتاغ ديوار"، مشيرًا إلى أنه إذا لم يكن للمؤسس الحق بالبقاء في شركته، فلن يستثمر أي مستثمر في الاقتصاد الرقمي بثقة.
وتوفر "ديوار" منصة لشراء وبيع السلع المستعملة والبحث عن إيجار المنازل، ووفقًا لتقرير شركة استثمار سويدية في عام 2023 ومصادر مطلعة، لديها حوالي 38 مليون مستخدم نشط.
ونقلت "واشنطن بوست" عن أربعة مصادر مطلعة وصفت "ديوار" بأنها شركة "مربحة للغاية".
ووفقًا لمعلومات من موقع الشركة الأم لـ"ديوار"، تمتلك مجموعة من المستثمرين الأجانب، بما في ذلك شركات أوروبية، 15 بالمائة من أسهم الشركة.
وظهرت مؤشرات مشكلات "ديوار" مع بورصة طهران حتى قبل الكشف عن الرسالة الداخلية.
وقال حسين أفشين، نائب رئيس الشؤون العلمية والتكنولوجية في الحكومة ، في مايو (أيار) في مقابلة مع صحيفة "شرق" إن "ديوار" "لا تواجه أي مشكلة للقبول في البورصة"، لكنه أضاف أن "مؤسسة أمنية لديها بعض القلق المشروع".
وافترض أحد مديري الشركة الأم لـ"ديوار" في يونيو، وفي مقابلة مع "شرق"، أن "مؤسسة شبه حكومية أو تابعة لها" تسعى للسيطرة على الشركة.
وهذا التوجه للسيطرة على الشركات الرقمية ليس أمرًا جديدًا. فقبل حوالي عامين، طالب حسين شريعتمداري، مدير صحيفة "كيهان" وممثل علي خامنئي، في افتتاحية الصحيفة بأن تُوضع ملكية المنصات الإلكترونية "تحت سيطرة النظام الحاكم".
ووفقًا لـ"واشنطن بوست"، تنازلت عدة منصات خاصة كبيرة عن أسهمها لشركات مرتبطة بالنظام الإيراني، لكن "ديوار" وبعض الشركات الأخرى لا تزال مستقلة إلى حد ما.
وقال أمين سبتي، مدير معهد "إمباكت لاب" الرقمي الذي يدعم حرية الإنترنت في إيران: "في النهاية، يريد الحرس الثوري حصته".
وقارن هذا الأسلوب من الضغط بتكتيكات العصابات الإجرامية.
ووفقًا لقول الباحث في واشنطن علي الفونه: استخدم الحرس الثوري بعد نهاية الحرب الإيرانية-العراقية الاستخبارات المستقلة الخاصة به للقضاء على المنافسين التجاريين المحتملين.