جاء ذلك في بيان مشترك صدر عنهما من داخل سجن طهران الكبرى، احتجاجاً على رفض المحكمة العليا طلب إعادة محاكمة السجين السياسي بابك شهبازي المحكوم بالإعدام.
وكتب الاثنان في بيانهما المشترك، الذي نُشر الثلاثاء 5 أغسطس (آب) من سجن طهران الكبرى: "عندما يتغذى نظام بهذا القدر من الموت، فإن اسمه لا يعود جمهورية، ولا إسلامية؛ إنه آلة موت مقنعة بالدين".
وأكد قدياني ومحموديّان: "يجب إيقاف هذه الآلة القاتلة. يجب أن يُنزع حبل المشنقة عن عنق بلادنا. يجب أن يُبرهن أن هذه الجرائم التي يرتكبها النظام الإيراني اللاشرعي لم تعد مقبولة كما في السابق، بل علينا جميعاً أن نبذل جهدنا لجعل كلفة هذه الجرائم المنظمة على النظام باهظة".
وقد صدر هذا البيان احتجاجاً على الحكم بالإعدام الصادر بحق بابك شهبازي.
وبحسب المعلومات التي وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، فقد رفضت المحكمة العليا طلب إعادة المحاكمة الذي قدّمه السجين السياسي بابك شهبازي.
وقد اعتُقل شهبازي في يناير (كانون الثاني) 2024، وبعد أشهر من الحبس الانفرادي، أصدرت المحكمة الثورية برئاسة أبو القاسم صلواتي حكماً بإعدامه بتهمة "التجسس لصالح إسرائيل".
ووفق المعلومات الواردة إلى "إيران إنترناشيونال"، فقد قُدّم طلب إعادة المحاكمة لهذا السجين السياسي المحتجز في سجن طهران الكبرى إلى المحكمة العليا بتاريخ 2 أغسطس (آب)، ورُفض بعد ثلاثة أيام فقط، في 5 أغسطس، من قبل قاسم مزيناني، رئيس الفرع التاسع للمحكمة العليا.
وزاد الرفض السريع لطلب إعادة المحاكمة- في ظل الغموض الجدي الذي يحيط بملف القضية وضغوط الأجهزة الأمنية وطبيعة الاتهامات- من القلق إزاء الاستخدام السياسي لتهمة التجسس وغياب العدالة القضائية في إيران.
وخضعت عائلة شهبازي، منذ اعتقاله، لضغوط شديدة، وأبلغتها أجهزة الأمن التابعة للنظام الإيراني أنه في حال كشفهم عن خبر اعتقاله، فإن تنفيذ حكم الإعدام بحقه سيُسرّع.
الاعتقال والحكم بالإعدام
وبابك شهبازي من مواليد عام 1981 في نهاوند، متزوج وأب لطفلين. وقد اعتُقل في يناير (كانون الثاني) 2024، وبحسب مصادر مطّلعة، أمضى عدة أشهر في زنازين انفرادية بسجن إيفين، وكذلك في "بيوت آمنة" تابعة للأجهزة الأمنية.
وفي مايو (أيار)، أُدين من قبل أبو القاسم صلواتي، رئيس الفرع 15 من المحكمة الثورية بطهران، بتهمة "الإفساد في الأرض عبر التجسس لصالح إسرائيل"، وحُكم عليه بالإعدام. وقد تم تأييد هذا الحكم في يوليو (تموز) من قبل المحكمة العليا.
ويحتوي ملف شهبازي على نقاط وصفها محاموه وعائلته بأنها "غير موثقة" و"غير معقولة"؛ منها، على سبيل المثال، تفسير رسالته إلى فولوديمير زيلينسكي، رئيس أوكرانيا، على أنها "رسالة إلى إسرائيل"، أو الادعاء بأنه تلقى تدريباً من إسرائيل على استخدام برنامج "Word".
إن الاعتقال، والحكم بالإعدام، وسير الإجراءات القضائية المبهمة، كلها تسببت في ضغوط نفسية شديدة على عائلة شهبازي، ويعيش أطفاله، ابنته البالغة 18 عاماً وابنه البالغ 12 عاماً، في حالة نفسية غير مستقرة منذ اعتقال والدهم.
وفي البيان الذي صدر بعد ساعات من رفض طلب إعادة المحاكمة، كتب أبو الفضل قدياني ومهدي محموديان: "ما يجري ليس محاكمة، بل تواطؤ من نظام خامنئي لقتل إنسان. عندما يكون حبل المشنقة معلقاً في هذا البلد، فإننا نموت ببطء ونحن نرى ذلك بأعيننا".
وجاء في البيان أيضاً: "خلال العقدين الماضيين، شهدنا الإعدام مراراً. لم يكن ذلك عبر التلفاز أو الأخبار، بل على بعد خطوات منّا. أشخاص ضحكنا معهم، تنفّسنا بجوارهم، وعشنا معهم أياماً أو شهوراً، اقتيدوا إلى أماكن لا عودة منها. الموت للمعدوم ينتهي في لحظات، لكن لنا نحن السجناء، يبدأ من تلك اللحظات".
وأضاف قدياني ومحموديّان: "بابك شهبازي اليوم على حافة تنفيذ حكم الإعدام، وتنفيذه وشيك؛ ليس لتحقيق العدالة، بل لتنفيذ قرار اتُّخذ منذ لحظة اعتقاله. لم تُتبع أية إجراءات قضائية حقيقية. إنها قضية أمنية أخرى، بسيناريو مكتوب مسبقاً، تحقيقات مليئة بالضغوط، والتهديدات، والحرمان من النوم، ومحكمة صورية بقضاة لا يعرفون شرفاً ولا إنسانية. وهذه المرة، تحفة جديدة من السلطة القضائية التابعة لعلي خامنئي المتسلط والمهووس بالسلطة: رفض طلب إعادة المحاكمة، بعد أقل من 24 ساعة من تقديم اللائحة من قبل المحامين إلى المحكمة العليا".
وقال السجينان السياسيان: "رفض إعادة المحاكمة خلال أقل من 24 ساعة ليس مجرد انتهاك للعدالة، بل سخرية منها. في ملف بابك شهبازي، لا يوجد لا تحقيق دقيق ولا بحث عن الحقيقة؛ فقط عجلة في القتل. المسألة ليست بابك فقط؛ المسألة هي ترسيخ ثقافة قتل إداريّ، منتظم، وممنهج. عمليات قتل لا تستند إلى إثبات الجُرم، بل تُصمّم وفقاً لحاجة نظام يبحث عن ضحية؛ وإذا لم يجد، فإنه يصنعها. بابك ربما كان فقط "في الوقت المناسب، الشخص المناسب ليُقتل".
وفي متابعة البيان، كتب قدياني ومحموديّان: "هذه ليست محاكمة، بل عملية قتل منظّمة.
مخططة، وموجّهة، ومختومة بالختم النهائي للنظام، وعلى رأسه شخص لم يعد يكلف نفسه حتى عناء التظاهر بالعدالة: علي خامنئي. كل شيء يتم تحت ظل إرادته. عندما يريد العفو، يتحوّل المتهم باختلاس مئات وآلاف المليارات إلى رئيس البرلمان الإيراني أو إمام جمعة، وعندما يريد الإعدام، يُجهز حبل المشنقة قبل صدور الحكم. إعدام بابك شهبازي ليس إعدام شخص، بل رسالة؛ علي خامنئي يقتل ليحكم. إنه يقول لنا: انسوا العدالة، لأن الشيء الوحيد المهم هنا هو بقائي أنا".
وختم البيان: "بابك لا يزال حياً، وهذا يُضاعف من مسؤوليتنا. بدلاً من الحزن في اليوم التالي لإعدامه، يجب أن ندرك جميعاً أن من بقي من الذين واجهوا أحكاما كهذه ولا يزالون أحياء، فليس ذلك بفضل النظام، بل بفضل الضغط، والاحتجاج، وصمود الشعب. وأما الذين قُتلوا، فهم عار أبدي على جبين علي خامنئي، لا كقائد، بل كزعيم لعصابة إجرامية".