تومي تابرويل، السيناتور الجمهوري عن ولاية ألاباما، قدّم مشروع قانون لا يمنع الإيرانيين فقط من الدراسة في الجامعات الأميركية، بل يشمل أيضًا الصينيين، زاعمًا أن طلاب هذين البلدين – اللذين وصف حكومتيهما بـ"المعادية"– يُشكّلون تهديدًا للأمن القومي الأميركي، كما يشغلون مقاعد المتقدمين الأميركيين.
ويحمل مشروع القانون عنوان "قانون نزاهة تأشيرات الطلاب"، ويقترح إلى جانب حظر الطلاب الإيرانيين تحديد سقف لعدد الطلاب الدوليين المقبولين، وزيادة العقوبات المفروضة على مخالفة قواعد التأشيرة. وقال تابرويل يوم في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز": "نحن نريد أن نمنع دخول الإيرانيين إلى هذا البلد؛ أولئك الذين يأتون إلى هنا ليتعلّموا كيف يدمّرون الولايات المتحدة وحلفاءها. نحن نوفّر بأيدينا أسباب دمارنا".
يُذكر أن تابرويل عضو في لجان مجلس الشيوخ الأميركي المعنية بالتعليم والهجرة.
حتى قبل تقديم هذا المشروع، كان العديد من الطلاب الإيرانيين يواجهون صعوبات جدية لمتابعة دراستهم في أميركا.
"زانكو"، مهندس برمجيات مقيم في إيران (امتنعت "إيران إنترناشيونال" عن الكشف عن اسمه الكامل حفاظًا على سلامته)، قُبل مؤخرًا في برنامج دكتوراه في إحدى الجامعات الأميركية المرموقة، وكان من المقرر أن يبدأ دراسته في أغسطس (آب) 2024.
في العام الماضي، سافر زانكو إلى سفارة أميركا في إحدى الدول المجاورة لإجراء مقابلة التأشيرة؛ رحلة باهظة وصعبة، إذ لا توجد سفارة أميركية في إيران. أخبره ضابط الهجرة بأن ملفه في حالة "مراجعة إدارية"، وهي عملية تتطلب فحوصات أمنية واسعة.
وقد أجّل زانكو قبوله إلى أغسطس (آب) 2025، لكن حتى الآن لم يحصل على التأشيرة؛ وهو وضع يعيشه مئات الطلاب الإيرانيين الآخرين.
وقال زانكو لـ"إيران إنترناشيونال":"من الناحية النفسية والمهنية، من المحبط جدًا أن يُحدّد مصيري، رغم كفاءتي والتزامي، بعوامل سياسية خارجية". وأضاف: "هذا الوضع دمّر كل آمالي".
وقالت ليلى منصوري، محامية هجرة في الولايات المتحدة، لـ"إيران إنترناشيونال" إن الحصول على تأشيرة للإيرانيين أصبح في السنوات الأخيرة أمرًا بالغ الصعوبة.
وحذّرت من أنه حتى لو لم يُصوّت لصالح مشروع تابرويل، فإن الحكومة يمكنها عمليًا أن توقف إصدار التأشيرات من خلال تعليمات داخلية.
وأضافت: "يمكنهم ببساطة توجيه القنصليات بعدم الموافقة على الطلبات، تمامًا كما حصل في أول مرسوم لحظر السفر أصدره ترامب عام 2017".
كما أشارت إلى أن المتقدّمين من الذكور يخضعون لتدقيق أشد.
وأكدت منصوري أن الطلاب الإيرانيين أدّوا دورًا مهمًا في المجتمع الأميركي، وكان بإمكان الحكومة بدلًا من الحظر الكامل، أن تعتمد آليات تدقيق دقيقة.
وأضافت: "غالبية المتقدمين الإيرانيين أبرياء، وكل ما يسعون إليه هو حياة أفضل".
في السنة الدراسية 2022–2023، كان نحو 10,800 طالب إيراني يدرسون في الولايات المتحدة، وهو رقم ارتفع عن العام السابق لكنه لا يزال أقل من الذروة التي سُجّلت في 2017–2018 (حوالى 12,800 طالب).
وفي عام 2024، لم تُصدر سوى 2,166 تأشيرة دراسية للإيرانيين، ما يُمثّل انخفاضًا بنسبة 42 بالمائة مقارنة بالعام السابق، فيما بلغ معدل الرفض 41 بالمائة.
"عقوبة جماعية"
سيامك آرام، خرّيج جامعة شريف الصناعية وناشط في المجتمع العلمي الإيراني بأميركا، قال لـ"إيران إنترناشيونال" إن هذه القيود لا تحرم أميركا من مواهب إيرانية فحسب، بل تعزل جيلاً كاملاً من الإيرانيين.
وأضاف: "هذا المشروع نوع من العقاب الجماعي. لا يمكن له أن يُفرّق بين الشعب الإيراني والنظام القمعي الذي يحاولون مقاومته".
وأشار آرام إلى أن هذا المشروع، بشكل غير مقصود، يتماشى مع أهداف النظام الإيراني، مضيفًا: "علي خامنئي يسعى منذ سنوات إلى تقييد تفاعل الإيرانيين مع العالم الخارجي، خاصة في المجالات العلمية والثقافية".
وتطرّق هادي برتوي، رائد الأعمال الإيراني-الأميركي وأحد مؤسّسي موقع "Code.org"، إلى الجانب الإنساني من هذه الأزمة.
ففي 30 يونيو (حزيران)، كتب عبر حسابه على منصة "X" (تويتر سابقًا) أن هو وشقيقه التوأم علي برتوي تلقّيا مئات الرسائل من طلاب إيرانيين أُلغيَت مستنداتهم المتعلقة بالهجرة رغم قبولهم في برامج دكتوراه في أميركا.
وقال برتوي، الذي هاجرت أسرته إلى أميركا بشكل قانوني عام 1984: "أثمن مورد تمتلكه إيران هو مواهبها، لا نفطها". وذكر أقاربه، مثل دارا خسرو شاهي المدير التنفيذي لشركة "أوبر"، كنماذج حيّة على أن قبول الطلاب الطموحين يمكن أن يؤدّي إلى خلق وظائف ونمو اقتصادي.
وأكد برتوي: "من المؤكد أن أميركا قادرة على إيجاد طريقة لحماية أمنها وحدودها، مع الحفاظ في الوقت ذاته على القيم والمُثُل التي جعلتها عظيمة".
ويأتي هذا الارتفاع المفاجئ في نسب رفض التأشيرات – والذي يحصل غالبًا بعد أشهر من "المراجعة الإدارية" – في سياق نهج أكثر تشدّدًا تتّبعه أميركا في سياسات الهجرة.
أما بالنسبة لطلاب مثل زانكو، فإن هذه التأخيرات وصمت المسؤولين، قد تعقّدت أكثر بعد تفعيل البند 212 (f) من قانون الهجرة الأميركي في ربيع هذا العام، وهو بند يُستخدم عادة في قضايا الأمن القومي. ويخشى كثيرون أن مشروع قانون تابرويل قد يُشكّل فعليًا حظرًا رسميًا ودائمًا على الطلاب الإيرانيين.
وحتى لحظة نشر هذا التقرير، لم ترد وزارة الخارجية الأميركية ولا مكتب السيناتور تابرويل على طلب "إيران إنترناشيونال" للتعليق.