وأضافت شكدام، التي تعمل حاليًا محلّلة سياسية ومتحدثة باسم منظمة داعمة للدولة العبرية تُدعى "نحن نؤمن بإسرائيل"، أن النظام الإيراني لا يكتفي بخداع شعبه، بل يتعمد تضليل الغرب عبر ادعاء "المظلومية المُزيفة".
وأشارت أن النظام الإيراني "أتقن كيمياء تحويل المظلومية إلى أداة لبناء إمبراطورية".
وكتبت: "من الصعب ألا نُصاب بالدهشة أمام براعة نظام يرتدي قناع المظلوم بينما يحرك في الوقت نفسه منجل القمع". مضيفة أن هذه المظلومية لا تُعرض كواقعٍ مؤلم، بل تُصاغ كـ "مطرقة براقة" تُستخدم لتقطيع وتمزيق وتشتيت الخصوم.
وتابعت: "يكفي النظر إلى طريقة تصنيف البشر في إيران؛ هذا النظام يفرز الأفراد حسب العرق والمذهب والميول الجنسية. كل سمة هويّاتية تُستخرج وتُعرض ثم تُحوَل إلى شفرة تُستخدم لتمزيق نسيج المجتمع: كردي في مواجهة أذري، سُنّي ضد شيعي، امرأة في مواجهة رجل".
وتُحذّر شكدام من أن النظام الإيراني يدرك تمامًا أن السبيل الأنجع لإضعاف أمة هو بتمزيق روابطها أولاً وتحويل شعبها إلى قبائل متناحرة.
وقالت: "حين تُفكك كل الروابط التي تجمع شعبًا كأمة، لا يتبقى سوى الأيديولوجيا.. ولكن ليست أيديولوجيا نابضة بالحياة، بل عقيدة جامدة، باردة، تُفرض مثل لوحةٍ أحادية اللون على جسد حضارة نابضة بالألوان"، على حد تعبيرها.
وأضافت: "لقد بنى الملالي نظامًا لا يطالب فقط بالطاعة، بل بالمشاركة في القمع. غرفة صدى لا تنتهي، يُنتظر من المواطنين فيها أن يرددوا شعارات اليوم ويغضّوا الطرف عن العنف الذي يُشكّل أعمدة النظام".
وأشارت شكدام إلى أن النظام الإيراني "لم يكتفِ بخداع شعبه، بل مدّ خداعه إلى خارج الحدود". ووصفت الحكومة الإيرانية بأنها "محتالة محترفة" استطاعت أن تسحر الغرب برواية من المظلومية، لدرجة أن بعض أكثر العقول الغربية تنويرًا ابتلعوا هذا الطُعم.
وقالت إن "المثقفين الغربيين الغارقين في عقدة الذنب ما بعد الاستعمار" لا يرون في إيران ديكتاتورية دينية، بل "ضحية لسوء الفهم"، وشعبًا نبيلاً واقعًا تحت سطوة الإمبريالية.
وأضافت بسخرية: "لا شك أن طهران تضحك من هذا المشهد المثير للشفقة؛ فهي الجلاد والسجين في آن واحد، الظالم والمظلوم، وهذا بحد ذاته قمة البراعة في فنّ الدعاية".
وتابعت: "لقد أتقنت طهران هذه اللعبة منذ عقود، بنَسَجها روايات دقيقة ومحكمة مثل عنكبوت يصنع شباكه بصبر مدهش: خطاب هنا، مناورة دبلوماسية هناك، مشهد مسرحي مدروس لإثارة الغضب وجذب انتباه الإعلام الدولي".
وانتقدت شكدام المثقفين الشباب في الغرب، وخصوصًا في الجامعات المرموقة مثل كامبريدج وكاليفورنيا، الذين يتظاهرون بأنهم مناصرو العدالة، ويتبنون شعارات مأخوذة حرفيًا من الرواية الإيرانية الرسمية، دون وعي بأنهم مجرد "دُمى ناطقة".
وتساءلت: "كيف تمكّنت طهران من خداع من نشأوا على التنوير والعقلانية؟".
وترى أن الجواب يكمن في "غرورنا الأخلاقي"، فالغرب يحب أن يظن عن نفسه أنه أخلاقي، ويبحث دائمًا عن مشاهد البطولة، التي يظهر فيها كمخلّص للضعفاء.
وانتقدت الإعلام والدبلوماسيات الغربية، التي تنشغل ببيانات الإدانة والتحليلات العقيمة، بينما النظام الإيراني يُواصل تنفيذ خططه في الظل، ويمضي قدمًا في تفكيك أسس الانتماء الوطني داخل إيران.
وأكدت أن مأساة الشعب الإيراني تكمن في أن "الغرب، لرغبته بأن يكون عادلاً، كثيرًا ما نسي الفرق بين الشعب والنظام، بين السجان والسجين".
واختتمت شكدام مقالها: "يجب إسقاط الأقنعة وكشف الروايات الزائفة، ورؤية النظام الإيراني كما هو: لا ضحية، بل صياد؛ لا منارة مقاومة، ومصنع أكاذيب. إن لم نواجه أولئك الذين يرددون روايته عن حًسن نية أو غرور، فسنصبح شركاء في هذا السمّ الذي يُنخر ليس فقط إيران، بل في ضمير العالم الأخلاقي".