وقد أبدت الأسرة مرارًا شكوكها في خلفيات الجريمة، مشيرة إلى احتمال وجود "آمر آخر" وراء القتل.
وقال نوبان فشندي، محامي والدة وحيدة محمدي فر، في مقابلة مع صحيفة "اعتماد" يوم السبت 2 أغسطس (آب)، إن قرار العفو جاء بعد مراجعة دقيقة لوثائق القضية، وما وصفه بـ "الشكوك الجدية" لدى العائلة، بشأن الدوافع الحقيقية للجريمة، وهي شكوك- بحسب قوله- لم تلقَ ردًا واضحًا خلال جلسات المحكمة.
وأشار فشندي إلى تجاهل السلطات القضائية للأسئلة الجوهرية حول أسباب وطريقة وقوع الجريمة، مضيفًا: "إذا كان الدافع هو السرقة، فما علاقتها بهذا القدر من الوحشية؟". وأوضح أن دوافع المتهمين لا تتناسب أبدًا مع طبيعة الجريمة، ما يوجه الشبهات نحو احتمال وجود "آمر حقيقي" وراء الجريمة.
وأكد أن تنفيذ حكم الإعدام بالمباشر في الجريمة دون كشف المحرّض، لا يُعد فقط ناقصًا، بل قد يكون مضللاً، مضيفًا أن "القصاص قد يغلق باب الوصول إلى الحقيقة نهائيًا، في حين لا تزال هناك أسئلة كثيرة دون إجابة".
كما لفت إلى وجود تناقضات كثيرة في اعترافات المتهمين، وغموض في تفاصيل مهمة، مثل طريقة دخول المنزل، وأداة الجريمة، والمشاركة الدقيقة لكل متهم، وحتى ملابس مهرجويي في تلك الليلة التي لم تكن ملابس منزلية، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هناك موعد أو لقاء غير اعتيادي خارج المنزل.
كما أشار إلى منشور سابق لـ "محمدي فر" عبر "إنستغرام" تحدثت فيه عن تعرضها لتهديد من رجل يحمل سكينًا أمام باب منزلهما، بلهجة "غير إيرانية"، وهو ما لم يُؤخذ بجدية كافية في التحقيقات، بحسب قوله.
وأكد فشندي أن قرار العفو "ليس نتيجة ضعف أو عاطفة، بل خطوة واعية للحيلولة دون دفن الحقيقة"، داعيًا لمواصلة التحقيق لكشف من يقف حقًا وراء الجريمة.
وفي سياق متصل، أعلنت مونا مهرجويي، ابنة المخرج الراحل، عبر حسابها على "إنستغرام"، في مايو الماضي: "رغم صدور حكم الإعدام، نحن كعائلة لا نطالب بتنفيذه"، مستخدمة وسم "#لا_للإعدام".
ويُذكر أن العديد من الناشطين والمراقبين شككوا في الرواية الرسمية، معتبرين أن المنفذين ربما كانوا "مأجورين"، وأن الجريمة تحمل بصمات "القتل الممنهج"، على غرار "سلسلة الاغتيالات السياسية" في التسعينيات بإيران.
وقد قارن بعضهم مقتل مهرجويي وزوجته بتلك الاغتيالات التي طالت شخصيات بارزة مثل داريوش فروهر وزوجته، ومحمد مختاري، ومحمد جعفر بوينده وآخرين، والتي كانت تهدف إلى ترهيب المجتمع الثقافي والسياسي.
ويُذكر أن مهرجويي وزوجته قد قُتلا مساء السبت 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بطعنات متعددة داخل منزلهما بمحافظة البرز، شمال إيران.
وقال رئيس السلطة القضائية في محافظة ألبرز، حسين فاضلي هريكندي، يوم الأربعاء 14 مايو (أيار) الماضي، إنه تم إصدار لائحة اتهام بحق 4 متهمين، وأُحيلت القضية إلى المحكمة الجنائية الأولى في محافظة ألبرز.
ونشرت صحيفة "اعتماد" في ديسمبر (كانون الأول) 2023، بعد نحو شهر من الجريمة، نقلًا عن مصدر مطّلع، أن اثنين من المتهمين في هذه القضية طفلان لا يتجاوزان 14 أو 15 عامًا من العمر.
وعلى الرغم من أن بستاني منزل مهرجويي وُصف بأنه "الفاعل الأصلي للجريمة"، فإن كثيرين يعتقدون أن المتهمين الرئيسين في القضية قد تم استئجارهم من قِبل طرف أو أطراف أخرى. وشبّه البعض الحادثة بسلسلة الاغتيالات السياسية التي وقعت في إيران خلال تسعينيات القرن الماضي.
وأوضح فاضلي هريكندي أن المتهم الأول، ويدعى كريم، حُكم عليه بالإعدام مرتين لارتكابه جريمتي قتل عمد، إضافة إلى نحو 27 عامًا من السجن بتهم أخرى مثل السرقة. أما المتهمون الثلاثة الآخرون، فقد حُكم عليهم بالسجن لمدد إجمالية تصل إلى 77 عامًا، بتهم الشروع في القتل، والمساعدة في القتل، والضرب والجرح العمدي، والسرقة.
وقد صدر الحكم الابتدائي في 5 فبراير (شباط) 2024، لكن بعد اعتراض المتهمين، أُحيلت القضية إلى المحكمة العليا، التي طلبت إجراء تحقيقات إضافية.
وفي مارس (آذار) الماضي صدر الحكم مجددًا بالمضمون نفسه، وتم تأييده لاحقًا من المحكمة العليا، التي ثبتت حكم الإعدام مرتين بحق المتهم الأول، وأحكام السجن والجلد بحق المتهمين الآخرين.
وفي تقرير لها في مارس الماضي، ذكرت صحيفة "اعتماد" أن جميع أطراف القضية اعترضوا على الحكم الصادر بالإعدام، مشيرة إلى أن محامي أولياء الدم أثار احتمال وجود "آمر" دفع المتهمين لتنفيذ الجريمة. لكن القضاء أعلن أنه لم يتم العثور على أي دليل على وجود آمر، وأن المتهمين ارتكبوا الجريمة بدوافع شخصية.
بناء على ذلك، ألغت المحكمة العليا الحكم وأمرت بإعادة النظر في القضية. وبعد التحقيق مجددًا دون التوصل إلى أدلة تشير إلى وجود آمر، عُقدت الجلسات مجددًا واستُمع إلى دفوع المتهمين.
وبموجب الحكم النهائي، حُكم على "كريم"، المتهم الأول، بالإعدام مرتين. أما "ميروَيس"، أحد المتهمين الآخرين، فحُكم عليه بالسجن 34 عامًا و74 جلدة، بتهم الشروع في القتل، والسرقة المسلحة، والدخول والإقامة غير القانونيين. بينما حُكم على "إسكندر" بالسجن 33 عامًا والجلد، وعلى "داوود" بالسجن 8 سنوات. وفي فبراير (شباط) 2024، صدر حكم بالإعدام على المتهم الأول، وأحكام بالسجن والجلد ودفع الدية على المتهمين الثلاثة الآخرين. وفي مايو الماضي، أكدت محكمة البرز الحكم بالإعدام وأحالته للتنفيذ.
ويُشار إلى مهرجويي، أحد أعمدة السينما الإيرانية الحديثة، وُلد في ديسمبر (كانون الأول) 1939، وكان من رموز حركة "الموجة الجديدة" في السينما الإيرانية. حصل عام 2014 على وسام "فارس الفنون والآداب" من الحكومة الفرنسية، ومن أهم أعماله أفلام: "البقرة"، و"السيد هولو"، و"ساعي البريد"، و"دائرة مينا"، و"سنتوري"، و"هامون"، و"ليلى"، و"بري".