جاء ذلك خلال لقاء بزشكيان مع نشطاء سياسيين واجتماعيين في محافظة زنجان اليوم الخميس، حيث وصف الإيرانيين المقيمين في الخارج بأنهم "باعوا أنفسهم"، وقال: "الإيرانيون الذين باعوا أنفسهم يجلسون في الخارج ويطلقون التصريحات. إسرائيل جاءت وقصفتنا. قتلت نساء وأطفال الناس في سجن إيفين، ثم يظهرون في وسائل الإعلام ويتساءلون أين نُقل السجناء؟ وأين حقوق الإنسان؟".
وأضاف الرئيس الإيراني مهاجمًا منتقدي أوضاع حقوق الإنسان: "أيها العاجزون، أيها الجبناء، هل هذه هي حقوق الإنسان؟ أن يأتوا ويقصفوا ويقتلوا النساء والأطفال في السجن؟ لا يتحدثون أبدًا عن ذلك، بل يقولون لا توجد ديمقراطية في إيران، ولا يُعرف ماذا حدث للسجناء... ليخجلوا".
يشار إلى أنه قبل القصف الإسرائيلي لسجن إيفين، أطلقت عائلات السجناء ونشطاء مدنيون ومحامون تحذيرات متكررة، عبر الشبكات الاجتماعية ومراسلات رسمية، طالبوا فيها بإطلاق سراح السجناء السياسيين أو على الأقل منحهم إجازات مؤقتة وفقًا للقانون في ظل الظروف الحربية.
لكن هذه التحذيرات لم تلقَ أي استجابة، ولم تُتخذ أي تدابير لحماية السجناء أو تقليل أعدادهم داخل السجن.
وبعد الغارة الجوية الإسرائيلية، التي أفادت وسائل الإعلام الحكومية أنها أوقعت ما لا يقل عن 80 قتيلًا، ظهرت تقارير عدة تؤكد أن السجناء السياسيين كانوا في خطر مباشر.
وقد فسّر العديد من المحللين والنشطاء الحقوقيين هذا التجاهل المتعمد على أنه استخدام للسجناء كـ"دروع بشرية".
وعقب الهجوم، رفضت السلطات القضائية مطالب الأهالي والنشطاء الحقوقيين، ونقلت حوالي 3,000 سجين من سجن إيفين- منهم مئات السجناء السياسيين من النساء والرجال- بعنف إلى سجون قرجك ورامين، طهران الكبرى، قزلحصار كرج، وساحلي (قم المركزي).
كما نُقل عشرات السجناء من الأقسام الأمنية الخاصة في إيفين (مثل 209، 240، 241، و"2 ألف") إلى "بيوت آمنة" في طهران وكرج وقم، وبعضهم أُرسل إلى أقسام جديدة تم تحويلها إلى مراكز احتجاز أمنية.
على سبيل المثال، أحمدرضا جلالي، الطبيب الإيراني-السويدي المحكوم بالإعدام، لم يتواصل مع عائلته منذ الهجوم، ولا توجد معلومات مؤكدة عن مكان احتجازه.
كذلك عبّرت عائلات سجناء مثل بيجن كاظمي، أرغوان فلاحی، وعلي يونيـسي عن القلق الشديد بشأن مصيرهم في مراكز الاحتجاز.
وقد تمت عمليات النقل هذه وسط قيود أمنية مشددة، بالأصفاد والقيود الحديدية، وبحضور قوات خاصة مسلّحة كانت تصوّب بنادقها مباشرة نحو رؤوس السجناء.
وخلال الأسابيع الخمسة الماضية، كُشف عن أوضاع مزرية في السجون الجديدة: انعدام التهوية والتكييف، قلة النظافة، ملوحة مياه الشرب، الاكتظاظ الشديد، وانعدام الرعاية الصحية والدواء. بل وردت تقارير عن منع بيع البيض في متجر سجن قرجك للسجينات.
كما تم نقل العديد من السجناء السياسيين في قزلحصار وطهران الكبرى وقرجك إلى زنازين انفرادية بدلًا من الأقسام العامة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، هاجم أكثر من 100 عنصر من حرس السجن والأجهزة الأمنية جناح السجناء السياسيين في الوحدة الرابعة من سجن قزلحصار.
نُقل كل من مهدي حسني وبهروز إحساني إلى الحبس الانفرادي بعد هذا الهجوم، وتم إعدامهما في اليوم التالي. كما نُفي السجين السياسي سعيد ماسوري إلى سجن زاهدان بعد 25 عامًا من الاعتقال دون إجازة.
وبعدها بأيام، وردت معلومات إلى "إيران إنترناشيونال" تؤكد أن أكثر من 20 سجينًا سياسيًا، بعد تعرضهم للضرب وتقييدهم وتغطية رؤوسهم بأكياس، نُقلوا إلى زنازين انفرادية وهم مضربون عن الطعام.
ومن بين هؤلاء زرتشت أحمدي راغب، لقمان أمين بور، أكبر باقري، میثم دهبان زاده، سبهر امام جمعه، أحمد رضا حائري، أسد الله هادي، رضا محمد حسيني، أبو الحسن منتظر، علي معزي، آرشام رضائي، خسرو رهنما، رضا سلمان زاده، محمد شافعي، حمزة سواري، مصطفى زماني، وصلاح الدين ضیائی.
وذكر موقع "امتداد" أن الظروف القاسية ما زالت مستمرة في سجون طهران الكبرى وقرجك، مشيرًا إلى نقل أربع سجينات-سایه صيدال، معصومة عسكری، معصومة نساجي، وزهرة سرو- إلى الحبس الانفرادي دون تحقيق أو إخطار مسبق، فقط بسبب احتجاجاتهن.
ورغم التحذيرات الحقوقية، لم يقدم أي مسؤول إيراني توضيحات حول ظروف السجناء السياسيين. وقد اكتفى رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني إيجئي، بإعلان أن أكثر من 2000 شخص اعتُقلوا بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا، وأن بعضهم يواجه تهماً قد تؤدي إلى السجن المؤبد أو الإعدام.
وفي المقابل، تواصلت الإهانات من مسؤولين كبار مثل بزشكيان ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، في محاولة لتشويه الواقع وتضليل الرأي العام.
وفي ظل غياب أي معلومات رسمية عن أماكن احتجاز أو أوضاع السجناء السياسيين، طالب المدافعون عن حقوق الإنسان مرارًا بالكشف عن مصيرهم، وظروفهم القانونية والصحية.
وبعد مرور أكثر من شهر على الهجوم الإسرائيلي، لم تُتخذ أي خطوات لتحسين ظروف هؤلاء السجناء، بل تفاقمت الأوضاع، وشهدت تصعيدًا في العزل الانفرادي والتكتم التام.
وفي ظل التصريحات المهينة من مسؤولين كبار ضد الإعلام المستقل والنشطاء، يبدو أن النظام الإيراني ماضٍ في نهج الإنكار والانتهاكات.
وقد شددت منظمات دولية كمنظمة العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، والمقرر الخاص للأمم المتحدة، على ضرورة إيفاد فرق دولية لتفقد السجون، ووقف التعذيب والاحتجاز التعسفي، وضمان الاتصال بالعائلات، لكن هذه المطالب قوبلت بالتجاهل.
وإن لم تتخذ الأسرة الدولية موقفًا حازمًا أمام هذا القمع المتصاعد، فستسهم عمليًا في شرعنة سياسة اتخاذ السجناء السياسيين كرهائن واستغلالهم كورقة تفاوض.
وفي هذه اللحظة المفصلية، يجب أن يُسمع صوت السجناء السياسيين في إيران، وتقع المسؤولية على عاتق كل من يدّعي الدفاع عن الكرامة الإنسانية.
الصمت العالمي اليوم قد يُفسر غدًا كقبول ضمني باستخدام المواطنين الأبرياء أدوات في لعبة سياسية قمعية.