وخلال زيارته لمحافظة زنجان، الخميس 31 يوليو (تموز)، قال مسعود بزشكیان: "النخبة من يكرّس علمه لوطنه، لا من يتمنى مغادرة البلاد للعمل لصالح الآخرين. من عدم الرجولة أن أدرس في هذا البلد وأصبح من النخبة ثم أذهب لأخدم بلدًا آخر".
وكان بزشكیان قد انتقد في وقت سابق ظاهرة هجرة المواطنين إلى الخارج، واعتبرها مشكلة "تربوية" ناتجة عن النظام التعليمي في إيران.
وقال آنذاك: "نحن نربّي اليوم أطفالًا يفكر 90 في المائة منهم في الهجرة... ليس من الفخر أن أصبح نخبة وأذهب إلى أميركا لأقدّم علمي وإنجازي لهم".
وغالبًا ما يتجنب بزشكیان الإشارة إلى مسؤولية النظام الإيراني عن خلق مشاعر الإحباط وانعدام الثقة بين المواطنين، ويلقي العبء الأكبر لهجرة النخب على عاتقهم أنفسهم.
ويأتي ذلك في وقت تؤكد فيه التقارير تصاعد الغضب الشعبي، وتزايد رغبة المواطنين، خصوصًا الشباب والنخب، في مغادرة إيران.
وأعلن بهرام صلواتي، الباحث والمدير السابق لمرصد الهجرة الإيراني، في 10 يونيو (حزيران) أن 1 في المائة فقط من الطلبة الإيرانيين المهاجرين يعودون إلى البلاد.
بدوره، حذّر محمد جليلي، رئيس مركز استقطاب أعضاء الهيئة التدريسية في وزارة الصحة، في شهر أبريل (نيسان)، من أن موجة خروج أعضاء الهيئة التدريسية بلغ الجامعات الكبرى.
وفي سياق تصريحاته في زنجان، شدد بزشكیان على ضرورة تعزيز النظام التعليمي في البلاد، قائلًا: "نحن راحلون، لكن هؤلاء التلاميذ هم من سيبنون مستقبل إيران. علينا أن نُعِدّهم ليكونوا نموذجًا علميًا واقتصاديًا وصناعيًا وأخلاقيًا للعالم".
ورأى الرئيس الإيراني أن تحقيق العدالة التعليمية أمرٌ لا بد منه، مضيفًا: "لا ينبغي لنا القبول بأن تكون جودة التعليم أدنى في المناطق المحرومة. يجب تحديد معيار موحد لكل الصفوف والمدارس في البلاد".
وتابع قائلًا: "إذا كانت لدينا تقنيات، وفضاء افتراضي، وذكاء اصطناعي، فعلينا أن نوفر أفضل أساليب التعليم حتى لأبعد القرى".
لكن هذه التصريحات تأتي في ظل فشل الإدارة، واشتداد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي عطّلت النظام التعليمي، وتسببت بظهور تحديات متفاقمة، منها ارتفاع نسب التسرب المدرسي، وتعمق فقر التعلم، واستمرار تذمّر المعلمين، وتزايد التفاوت في فرص الوصول إلى الموارد التعليمية.
وأظهرت نتائج بحث نُشر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 أن نظام التعليم في إيران يواجه أزمة في الجودة، والعدالة، والشرعية.
ويُعدّ سعي النظام الإيراني لفرض أيديولوجيته على المؤسسات التعليمية من العوامل الرئيسية التي أضعفت استقلالية هذه المؤسسات، وضيّقت الأفق الفكري والثقافي في المدارس، وأدّت إلى تراجع ثقة المجتمع في فعالية هذا النظام.