في تقرير نُشر الثلاثاء 29 يوليو (تموز)، استندت "إن بي آر" إلى شهادات مهاجرين في طهران، وقالت إن السلطات الإيرانية شددت الإجراءات الأمنية بعد الحرب التي استمرت 12 يوماً، واستخدمت اتهامات مثل "جواسيس لإسرائيل" لتبرير الطرد الجماعي للأفغان، مع حرمانهم من حقوقهم الأساسية في السكن، والعمل، والخدمات المصرفية.
بركزاي، لاجئ أفغاني مقيم في طهران، والذي لم يُذكر اسمه الكامل حفاظاً على أمنه، صرّح أن زملاءه في متجر للملابس تغيّر سلوكهم تجاهه منذ أسابيع، قائلاً: "لم يعودوا ينظرون إلينا كالسابق. يعتبروننا أعداء ويقولون إننا جواسيس، وإن الحكومة على حق ويجب طردنا".
في 17 يوليو (تموز)، دعا خبراء من الأمم المتحدة إلى وقف عمليات الإعادة القسرية للاجئين من إيران وباكستان. ووفقاً لهؤلاء، فقد عاد أو أُعيد أكثر من 1.9 مليون أفغاني من هذين البلدين منذ بداية عام 2025، من بينهم أكثر من 410 آلاف طُردوا من إيران فقط منذ 23 يونيو (حزيران) الماضي.
قال بركزاي إن وتيرة الطرد ازدادت بعد الحرب الأخيرة، حيث روّجت إيران معلومات كاذبة تتهم الأفغان بالتجسس لصالح إسرائيل، لخلق قبول اجتماعي وسياسي لعمليات الطرد.
وأضاف: "لا يُسمح لنا بسحب أموالنا من البنوك، أو العمل. حتى من يوظف أفغانياً قد يُسجن أو يُغرّم. وأجبروا أصحاب العقارات على عدم تأجير منازل للأفغان".
الإذاعة الأميركية أشارت إلى أجواء الخوف الناتجة عن مداهمات الشرطة في الأماكن العامة.
وقال بركزاي: "رأيت الشرطة تعتقل رجالاً أفغان وتضرب النساء في محطة المترو. لم أجرؤ على الاعتراض لأنني كنت مهدداً مثلهم. الآن أتظاهر بأنني لست أفغانياً حتى لا يتعرف علي أحد".
وقالت "إن بي آر" إن آلاف الأفغان يُجبرون على مغادرة إيران يومياً عبر معبر "إسلام قلعة" الحدودي، سواء بالحافلات أو بشكل فردي.
ووفقًا لما نقلته قناة "CNN"، طردت إيران أكثر من 500 ألف أفغاني خلال 16 يوماً فقط.
من جانبه، قال عرافات جمال، ممثل مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في كابل: "كنا نستقبل 5 آلاف عائد يومياً، والآن وصلنا إلى 30 و40 و50 ألفاً في بعض الأيام. ما يُفاجئنا هو حجم وسرعة عمليات العودة".
أما سمیرا سید رحمان، مديرة قسم السياسات والدعم في منظمة "إنقاذ الطفولة"، فقالت إن بعض المرحّلين لم يكن لديهم سوى فردة حذاء واحدة عند وصولهم للحدود، لأنهم فقدوا الأخرى أثناء المداهمات.
وأضافت: "المحظوظون هم من استطاعوا جمع أغراضهم خلال ليلة واحدة. الآخرون عادوا بملابسهم فقط".
وقالت "إن بي آر" إن أفغانستان تواجه تدفقاً ضخماً للعائدين من إيران، باكستان، وطاجيكستان.
وعلّق عرافات جمال: "نحن نواجه الآن أزمة على ثلاث جبهات حدودية".
وفقاً لتقرير أممي صدر عام 2024، فإن أكثر من 23 مليون أفغاني بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
في الوقت نفسه، أوقفت الولايات المتحدة معظم برامج وزارة الخارجية ووكالة التنمية الدولية (USAID) في أفغانستان. وذكر تقرير "المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان" أن 22 برنامجاً بقيمة تفوق مليار دولار قد أُلغيت. وأفاد العاملون في الإغاثة بأن تقليص المساعدات الخارجية يضاعف من خطورة الأزمة.
حذّرت سمیرا سید رحمان قائلة: "كثير من العائلات في أفغانستان غير قادرة على إطعام أطفالها، والآن يُطلب منها استيعاب الملايين من العائدين".
وأضافت أن القطاع الخاص أيضاً غير قادر على توفير فرص عمل بسبب العقوبات المصرفية التي تعرقل الحوالات المالية.
وقالت "إن بي آر" إن المرحّلين من إيران إلى أفغانستان يواجهون مستقبلاً مجهولاً، وتعلّق رحمان: "لا يعرفون كيف يطعمون أسرهم، أو أين سيعيشون. إنهم خائفون".
كما أشارت "إن بي آر" إلى أن الظروف تزداد قسوة على النساء، اللواتي يُواجهن حكومة لا تسمح لهن بالعمل أو التعليم أو حتى مغادرة المنزل دون مرافق ذكر.
ومن بينهن "جمشيدي"، فتاة تبلغ من العمر 24 عاماً، لم يُكشف عن اسمها الكامل حفاظاً على أمنها. كانت قد تركت جامعة هرات بعد وصول طالبان إلى السلطة، وهربت إلى إيران. وعندما كانت على وشك التخرج من جامعة فردوسي في مشهد في تخصص العلوم السياسية، اضطرت إلى مغادرة البلاد بعد اندلاع الحرب مع إسرائيل.
تتوقع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أنه إذا استمر هذا الوضع، فقد يصل عدد الأفغان المُعادين من إيران إلى 3 ملايين شخص بحلول نهاية عام 2025.
في الختام، تعود "إن بي آر" إلى شهادة بركزاي، الذي لا يزال يحاول التخفي في إيران، قائلاً: "الحرب الحقيقية ليست بين إيران وإسرائيل؛ الحرب الحقيقية هي بين إيران واللاجئين الأفغان".