وأعدّ التقرير راؤول مارك غريشت، وهو ضابط استخبارات سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) مختص بالشأن الإيراني، وراي تقیه، الباحث في معهد مجلس العلاقات الخارجية والمستشار الأسبق في وزارة الخارجية الأميركية، خلال إدارة الرئيس الأسبق، باراك أوباما.
وأشار الكاتبان، في تحليلهما، إلى أن هذه الهزيمة- بخلاف حرب إيران مع العراق التي أدت إلى تقوية المؤسسات الثورية- تسببت في إضعاف كبير لمؤسسات النظام الإيراني، واهتزت معها مكانة المرشد علي خامنئي.
وبحسب المقال، فإن هذا الضعف فسح المجال أمام صعود جيل جديد من المتشددين غير المعروفين نسبيًا، معظمهم من القادة المتوسطين في الحرس الثوري الإيراني ومن تيارات مثل "جبهة الصمود" (جبهة بایداری).
ووصف الكاتبان هذا الجيل الجديد بأنه: "جيل لا يشعر بالحاجة لتبرير أهدافه أو معتقداته، يتركز نشاطه في الهياكل الأمنية والمتوازية، ويرى أن العنف ضد المواطنين الإيرانيين مشروع، ويؤمن بأمرين أساسيين: تصنيع القنبلة النووية، ومواصلة نهج قاسم سليماني في المنطقة".
وأضافا أن الشبكة التابعة لإيران من الميليشيات والجهات الوكيلة باتت أكثر هشاشة بعد أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأن المتشددين الجدد سيواصلون البرنامج النووي والحروب بالوكالة بأساليب أكثر خفية وتشتتًا.
كما حذر الكاتبان إسرائيل والولايات المتحدة من أن إيران ستتجه مستقبلاً إلى بناء منشآت نووية صغيرة داخل مبانٍ عادية بدلاً من المنشآت الضخمة تحت الأرض، إذا ما تمكنت من تحييد شبكة جواسيس "الموساد" داخل أراضيها.
وأكد الكاتبان أن "إيران بدأت موجة تطهير داخلية للقضاء على الجواسيس بهدف إزالة العقبات من طريق هذه البرامج. ورغم أن هذه الخطوة ستشل المشاريع النووية مؤقتًا، فإنها ستتيح في النهاية تنفيذ برنامج سري لن تستطيع إسرائيل وأميركا احتواءه".
تحدث كاتبا المقال أيضًا عن محاولات النظام الإيراني إثارة المشاعر الوطنية لدى عامة الشعب، وحثهم على التوحد ضد العدو الخارجي، إلا أن الكاتبين يعتبران هذه المحاولات فاشلة في استعادة الهوية الوطنية.
وأشار الكاتبان إلى القمع الوحشي الذي مارسه النظام الإيراني لقمع انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية"، وكتبا: "هذا العنف قطع الصلة بين المجتمع والحكومة بشكل لا يمكن إصلاحه. حتى القصف الإسرائيلي والأميركي لن يستطيع إعادة هذه الصلة".
ويرى الكاتبان أن العناصر الجديدة، التي عززت سلطتها في الحرس الثوري لا ترى أن عليها الارتباط بالمجتمع، بل تعرّف نفسها من خلال استعدادها لقمع الشعب بشكل كامل.
أسئلة حاسمة لـ "الموساد"
ينتهي التحليل بطرح سؤالين محوريين:
أحدهما موجه لـ "الموساد" الإسرائيلي: هل هناك في إيران من هم على استعداد لتعريض حياتهم وحياة أحبائهم للخطر لمنع طهران من الحصول على السلاح النووي؟
وثانيهما: هل تستطيع إسرائيل الحصول على ما يكفي من المعلومات عن النخبة السياسية الجديدة في إيران كي تتمكن من إضعافها؟
ويرى غريشت وتقيه أن الإجابة عن هذين السؤالين ستكون حاسمة في "سباق المعلومات الاستخباراتية القاتل" بين إيران وإسرائيل.
كما عبّر الكاتبان عن تشاؤمهما من فكرة "إصلاح النظام الإيراني من الداخل"، واعتبرا أن هذا النظام غير قابل للإصلاح؛ حيث أكد تقيه، في مقالاته الأخيرة، أن لا أحد من الفصائل داخل النظام يريد إجراء تغييرات هيكلية.
دور المجتمع الإيراني
وأبرز وجه مشترك بين هذين المحللين هو إيمانهما بالدور المحوري للمجتمع الإيراني في تغيير الحكم. فهما يعتقدان أن أي تحول سياسي في إيران يجب أن ينبع من الداخل، بينما يجب أن تقتصر أدوار القوى الخارجية- مثل أميركا وإسرائيل- على الضغط السياسي والعسكري الموجه، بهدف خلق ضعف هيكلي في النظام الأمني والسياسي الإيراني.