وفي ظل عجز النظام الإيراني عن تقديم أي حل عملي لأزمة المياه، يطرح السؤال نفسه: هل ستتوسع احتجاجات سبزوار لتشمل مناطق أخرى من إيران؟
أعلنت الحكومة عن تعطيل الدوام الرسمي يوم الأربعاء، في مشهد يُظهر بوضوح أن الأزمة شلّت البلاد، والمواطنون الذين بلغ بهم الغضب ذروته، باتوا في مواجهة نظام أثبت هذه المرة عجزه التام عن إدارة شؤون الدولة.
ما نشهده الآن هو نتيجة مباشرة لإنكار الأمس؛ عندما فُضّل الأمن القمعي على التنمية، وحين تنصلت الدولة من مسؤولياتها، وطلبت من المواطنين أن يتحملوا المسؤولية، أن يقتصدوا، أن يبقوا في منازلهم. هذا السرد المكرور لا يصمد اليوم في وجه أزمة غير مسبوقة.
وفي حادثة لافتة، أعلنت شركة المياه والصرف الصحي في طهران عن نيتها توزيع مياه معبأة على المواطنين، لكنها سرعان ما نفت الخبر بعد دقائق.
رضا سبهوند، عضو البرلمان الإيراني، حذّر من احتمال فرض تقنين شامل في طهران ومحافظات أخرى. ولكن، مثل هذه التحذيرات لم تعد تفاجئ أحدًا. إذ لطالما دقّ الناشطون البيئيون ناقوس الخطر، فتم قمعهم وسجنهم. والآن، بات النظام نفسه يتحدث بلغة التحذير، وكأن الأزمة سقطت من السماء.
وفي مواجهة موجة الحر الشديد، وصفت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم حكومة بزشکیان، قرار تعطيل الأربعاء بأنه "فرصة للتنفس"، في اعترافٍ مريرٍ بأن المواطنين باتوا عاجزين حتى عن التنفس.
واقترحت على الناس أن يستريحوا، وأن يسافروا، ويقضوا الوقت مع عائلاتهم- في خضم حرارة خانقة، وغياب الماء والكهرباء! وصفات عبثية كهذه لا تفعل سوى صبّ الزيت على نار الغضب الشعبي، خاصة أن المجتمع الإيراني يجلس فوق برميل بارود، وأي شرارة قد تُفجّره في وجه النظام.
تجدر الإشارة إلى أن الإيرانيين لا يستطيعون اليوم أن يعيشوا دون مولد كهربائي، وخزان مياه، أو منزل مكيّف. أما بقية الناس، فيُجبرون على الوقوف في طوابير طويلة مع أوعية بلاستيكية بحثًا عن قطرة ماء. وهكذا صُمّم الحكم في إيران: طبقة تحيا، والبقية تعيش بـ"القدر والمطر".
لكن الإنسان ليس حبة قمح أو شعير ليعيش بالقدر. الإنسان بحاجة إلى الماء... إلى الحياة.
والنظام الذي يعجز عن توفير الماء لمواطنيه، محكوم عليه بالسقوط. وأيامه معدودة.
حتى عيسى كلانتري، الرئيس السابق لمنظمة البيئة، حذر صراحة بقوله: "يجب أن نقلق على بقاء إيران نفسها". أما مسعود بزشکیان، الرئيس الحالي، فقد اعترف قائلًا: "إذا لم نتحرك الآن، فقد لا نجد غدًا أي حل ممكن".
هذه الاعترافات المتأخرة لا تُسقط المسؤولية عن النظام؛ فالحكومة لا تملك اليوم أي خطة واقعية لمعالجة الكارثة، والغد لا يبدو مختلفًا عن اليوم.