تصاعد غير مسبوق في القمع الرقمي بإيران.. واستخدام برامج تجسس ضد مدنيين

كشف تقرير جديد صادر عن مؤسسة "ميان" التي تتخذ من ولاية تكساس الأميركية مقرًا لها، عن قفزة كبيرة وغير مسبوقة في نطاق القمع الرقمي داخل إيران خلال النصف الأول من عام 2025.
كشف تقرير جديد صادر عن مؤسسة "ميان" التي تتخذ من ولاية تكساس الأميركية مقرًا لها، عن قفزة كبيرة وغير مسبوقة في نطاق القمع الرقمي داخل إيران خلال النصف الأول من عام 2025.
يحمل التقرير عنوان "القمع السيبراني في زمن الحرب وظهور برامج التجسس المرتزقة"، ويشير ليس فقط إلى التعرف على أولى ضحايا برامج التجسس مثل "بيغاسوس" من الإيرانيين، بل أيضًا إلى تغير نوعي في نمط المراقبة والقمع الحكومي، حيث تحولت المراقبة العامة إلى مرحلة هجومية، مركزة ومتقدمة من التجسس.
وبحسب التقرير، تم لأول مرة رصد ثلاث هجمات سيبرانية باستخدام أدوات مشابهة لـ"بيغاسوس"، اثنتان منها وقعتا داخل إيران، والثالثة في أوروبا. ويُعد "هانا نيومن"، عضو البرلمان الأوروبي، أحد ضحايا هذه الهجمات. وتشير الأدلة الفنية إلى أن هذه العمليات جرى التخطيط لها بتمويل ودعم تقني واسع النطاق، وهي قادرة على الوصول الكامل إلى بيانات المستخدمين الخاصة، والكاميرا، والميكروفون.
ومع اندلاع الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل، شهدت البلاد موجة من انقطاعات الإنترنت، وحظر تطبيقات المراسلة، وزيادة في الاعتقالات، خصوصًا في صفوف الأقليات القومية والدينية، والناشطات النساء. ووفقًا لبيانات التقرير، فقد ارتفعت طلبات الأفراد للحصول على المساعدة الأمنية الرقمية بنسبة تفوق 720 في المائة خلال النصف الأول من عام 2025.
ويوضح التقرير أن تركيز الأجهزة الأمنية على النساء والأقليات القومية والنشطاء المدنيين قد تصاعد بشكل غير مسبوق. ففي هذه الفترة وحدها، تم اعتقال ما لا يقل عن 60 امرأة، وصدر 19 حكمًا قاسيًا بالسجن والإعدام بحق ناشطات. كما تحولت محافظتا أذربيجان الشرقية والغربية إلى بؤرتين جديدتين للقمع الرقمي ضد الأقلية ذات الأصول التركية.
ويكشف تقرير "ميان" أن الهجمات السيبرانية لا تقتصر على الاختراقات التقنية فقط، بل تشمل أيضًا وسائل مثل "الهندسة الاجتماعية"، و"التصيّد الإلكتروني"، وانتحال هوية صحافيين دوليين، واستخدام المنصات للتلاعب بالخوارزميات ونشر خطاب الكراهية ودفع المستخدمين نحو الرقابة الذاتية. وفي إحدى الحالات الموثقة، تم انتحال هوية أحد صحافيي قناة "بي بي سي فارسي" لاستهداف مدير وسيلة إعلام فارسية أخرى.
وتعرضت منصات "إنستغرام"، وتليغرام"، و"إكس" للنصيب الأكبر من الهجمات. وفي حالة لافتة، تم تعطيل العديد من حسابات المغنيات، والعلامات التجارية المعنية بالنساء، ومنظمي فعاليات ظهرت فيها صور نساء دون حجاب. وأفاد التقرير بأن أكثر من 57 في المائة من الحسابات التي تم تعليقها كانت بسبب "عدم الالتزام بالحجاب الإجباري".
وبالإضافة إلى الداخل الإيراني، طالت الهجمات السيبرانية نشطاء إيرانيين مقيمين في دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وحتى سلوفينيا. ما يعكس اتساع البعد العالمي لتهديدات النظام الإيراني ضد المجتمع المدني.
ويخلص التقرير، الذي بُني على بيانات موثقة وتحليل مئات حالات الهجمات الرقمية في الأشهر الستة الأولى من عام 2025، إلى ضرورة تقديم دعم عاجل، متخصص ومنسق للمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء المدنيين والصحافيين الإيرانيين، أولئك الذين يقفون في الخطوط الأمامية للدفاع عن الحرية والكرامة الإنسانية والحقيقة.