ويتضمن هذا المشروع فرض عقوبات تشمل السجن، والمنع من الحقوق، والغرامات المالية على مستخدمي الفضاء السيبراني.
ومن بين الظروف المشدّدة في هذا المشروع، أن يكون ناشر المحتوى من "ذوي الشهرة، أو المهارة، أو المنصب، أو النفوذ"، أو من موظفي الحكومة ومسؤوليها.
كما ينصّ المشروع على أن "نشر المحتوى الكاذب باستخدام حساب مزيف أو من خلال روبوتات وأنظمة آلية"، إضافة إلى "تكرار المخالفة أو النشر في ظروف الأزمة أو الحرب أو تهديد الأمن القومي" كلها تُعدّ عوامل مشدّدة للعقوبة.
بموجب هذا المشروع، تُلزم وزارة الإرشاد بإنشاء منصة وطنية لتلقي البلاغات بشأن الأنشطة العامة في الفضاء السيبراني، وإرسال التنبيهات، وتحويل تقاريرها عن نشاط المستخدمين على شبكات التواصل إلى السلطة القضائية.
ويُشير المشروع إلى أن مؤثري الشبكات (الإنفلونسرز) الذين ينشرون محتوى "كاذبًا"، ستُطبّق عليهم عقوبات أشدّ بدرجة واحدة من العقوبات المنصوص عليها في المواد الأخرى، مثل المادة 12 التي تنصّ على السجن من الدرجة السادسة، وغرامة مالية من الدرجة الرابعة، والمنع من النشاط الإعلامي.
فعلى سبيل المثال، إذا نشر مؤثّر محتوى يُعتبر "إثارة للرأي العام"، فقد يُحكم عليه- بحسب درجة الجرم والظروف- بالسجن من الدرجة الخامسة (من سنتين إلى خمس سنوات) بدلًا من الدرجة السادسة (حتى سنتين).
تصعيد القمع بعد الحرب مع إسرائيل
يأتي تقديم هذا المشروع إلى البرلمان في ظل تصعيد النظام الإيراني للقمع بعد إعلان وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
فقد اعتقلت الأجهزة الأمنية للنظام الإيراني خلال الأسابيع الماضية ما لا يقل عن ثمانية من أفراد عائلات ضحايا احتجاجات عام 2022.
ويُعدّ هذا جزءًا من حملة قمع أوسع تستهدف النشطاء الاجتماعيين، والأقليات الدينية والقومية، ومواطنين آخرين، بعد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.
في 4 يوليو (تموز)، أعربت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة المستقلين في بيان عن قلقهم الشديد إزاء موجة جديدة من القمع وعمليات الإعدام في إيران بعد اندلاع المواجهات العسكرية بين النظام الإيراني وإسرائيل وإعلان وقف إطلاق النار.
وقد حذروا من أن الظروف التي تلت الحرب لا ينبغي أن تُستغل كذريعة لقمع المعارضين.
وفي 17 يوليو (تموز)، حذّرت عشرات المنظمات والنشطاء المدنيين في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وكبار مسؤولي حقوق الإنسان في المنظمة، من أن النظام الإيراني يستغل أجواء الحرب لتصعيد القمع الداخلي بشكل غير مسبوق، وأن تجاهل المجتمع الدولي لهذه التحذيرات يُمهد الطريق لمزيد من الجرائم.
وفي الرسالة التي وجهها الرئيس مسعود بزشكيان إلى محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني، ورد أن "مشروع قانون مواجهة نشر المحتوى الإخباري الكاذب في الفضاء السيبراني" قد تمّت الموافقة عليه في الحكومة بناءً على اقتراح وزارة العدل وبصفة "ذات أولوية قصوى" (عاجل جدًا).
وتُشبه هذه الخطوة التي يقوم بها النظام الإيراني ما فعلته روسيا بعد بدء غزوها لأوكرانيا.
ففي مارس (آذار) 2022، أقرّ البرلمان الروسي قانونًا يقضي بأن نشر "الأخبار الكاذبة العسكرية" يمكن أن يؤدي إلى عقوبة السجن لمدة تصل إلى 15 عامًا.
وتعتبر السلطات الروسية استخدام تعبير "غزو" أو "هجوم" لوصف دخولها إلى أوكرانيا جزءًا من هذا التجريم.
ويزعم النظام الإيراني أنه خرج منتصرًا من المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، وقد أكّد علي خامنئي في ثالث رسالة له بشأن الحرب على ضرورة "زوال" إسرائيل.
تصعيد الضغط على الأقليات الدينية
في هذه الأثناء، تصاعد الضغط خلال الشهر الماضي على الأقليات الدينية، خصوصًا اليهود والبهائيين.
ووفقًا لمصادر حقوقية، اعتُقل ما لا يقل عن 21 تحولوا للمسيحية في أواخر شهر يونيو (حزيران) في ست مدن إيرانية.
كما أفاد موقع "هرانا" الحقوقي أن قوات الأمن استدعت وحققت مع ما لا يقل عن 35 مواطنًا يهوديًا في طهران وشيراز بسبب تواصلهم مع أقارب لهم في إسرائيل.
وقد قال أحد كبار أعضاء الطائفة اليهودية في طهران لهذه الجهة الحقوقية إن هذه التحقيقات كانت "غير مسبوقة" وأوجدت مناخًا من الرعب لم يسبق له مثيل.
وقبل تقديم هذا المشروع، كان البرلمان الإيراني قد أعدّ وأقرّ مشروع قانون بعنوان "تشديد عقوبة التجسس والتعاون مع الدول المعادية".
ويُستخدم هذا المشروع لتوسيع رقعة القمع تحت غطاء "تشديد عقوبات التجسس والتعاون مع إسرائيل".