من بين هذه الأمثلة كان مقطع الفيديو الذي يُزعم أنه يُظهر لحظة قصف بوابة سجن إيفين، والذي نشرت عنه قناة "إيران إنترناشيونال" أيضًا تحقيقًا. بعد أن شكك مستخدمون على منصة "لينكدإن" لأول مرة في مصداقية الفيديو، قامت "إيران إنترناشيونال" بتحليل الفيديو واكتشفت أن الصورة الأصلية التي استُخدمَت كأساس لإنتاجه، قد نُشرت لأول مرة في الفضاء الإلكتروني الفارسي بتاريخ 9 مارس (آذار) 2024. وتبيّن أن عبارة "Camera 07" التي تظهر في الفيديو قد أُضيفت بشكل مصطنع لإعطاء الانطباع بأن الفيديو التُقط عبر كاميرات مراقبة قرب بوابة السجن.
ووفقًا لـ"نيويورك تايمز"، قبل ساعات من قيام القوات الإسرائيلية في 23 يونيو بقصف سجن إيفين في طهران، ظهرت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة الفارسية تحذّر من هجوم وشيك، وتحثّ المواطنين على تحرير السجناء. غير أن "إيران إنترناشيونال" أكدت أنها لا تستطيع التحقق بشكل مستقل من صحة هذه الادعاءات.
ونقلت الصحيفة عن باحثين قولهم إن "هذه العملية كانت جزءًا من حملة تضليل مخططة من قبل إسرائيل".
وبحسب هؤلاء الباحثين، فإن هذه الحرب المعلوماتية التي وصلت إلى مستوى غير مسبوق، بدأت حتى قبل اندلاع الهجمات، وتم استخدام الذكاء الاصطناعي فيها، مما سمح بانتشارها السريع والواسع.
ووصفت الصحيفة هذا التحول بأنه نتيجة للتطور التكنولوجي، حيث وسّع الطرفان المتحاربان نطاق الحرب النفسية باستخدام الذكاء الاصطناعي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي.
أمثلة على الحرب السيبرانية والمعلوماتية المتبادلة:
• أرسلت الجمهورية الإسلامية رسائل باللغة العبرية إلى آلاف الهواتف الإسرائيلية تحذرهم من أن الملاجئ لم تعد آمنة، بزعم أن قوات شبه عسكرية ستخترقها وتستهدف المدنيين.
• في المقابل، استخدمت حسابات على منصة "إكس" مرتبطة بإسرائيل، اللغة الفارسية لنشر رسائل تهدف إلى تقويض ثقة الإيرانيين بنظامهم الحاكم.
• من جهة أخرى، بثت جهات موالية للجمهورية الإسلامية فيديو لامرأة تم توليدها بواسطة الذكاء الاصطناعي، تزعم فيه أن الحياة في طهران تسير بشكل طبيعي، بينما كانت أجزاء من المدينة فعليًا شبه خالية.
حرب الروايات وقوة الدعاية غير المسبوقة
قال جيمس جي إف فارست، أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة ماساتشوستس، للصحيفة: "إنه بلا شك عصر جديد من حروب النفوذ. لم نرَ في التاريخ نمطًا دعائيًا بهذا الحجم".
أما ديفيد ميلر، ضابط الاستخبارات السابق والأستاذ السابق في الأكاديمية الدبلوماسية بوزارة الخارجية الأميركية، فقال:
"الكثير من المحللين يعتقدون أن الجيش الأميركي لا يزال غير مستعد لمثل هذه العمليات النفسية والمعلوماتية، التي قد تصبح هي السائدة في القرن الجديد".
أمثلة أخرى على التضليل:
• نُشر مقطع فيديو مزيف يُظهر دمارًا مزعومًا في مطار بن غوريون، لم يحدث في الواقع.
• تداولت حسابات يُعتقد أنها تابعة لإيران صورًا لحطام طائرات إسرائيلية وأميركية، وهي غير حقيقية.
• زعمت إيران أنها أسقطت 3 طائرات إسرائيلية من طراز F-35، وهو ما نفته إسرائيل دون تقديم دليل.
• ادعت وسائل إعلام إيرانية أنها أسرت طيارة إسرائيلية تُدعى "سارا أهرونوت"، لكن موقع "NewsGuard" كشف أن الصورة تعود لضابطة في البحرية التشيلية عام 2011.
سجلت "NewsGuard" ما مجموعه 28 حالة من المعلومات المضللة الصادرة عن إيران، تم نشرها من خلال مزيج من وسائل الإعلام الرسمية، ومواقع إلكترونية مجهولة، وحسابات وهمية، ومؤثرين تابعين لها على منصات "يوتيوب"، و"فيسبوك"، و"إكس"، و"تليغرام"، و"تيك توك".
ورغم كشف الكثير من هذه الحالات، فإن مقاطع الفيديو والمحتويات ما زالت منتشرة على الإنترنت وتمت مشاهدتها ملايين المرات. اليوم، يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج محتوىً مقنعًا، بترجمة دقيقة، يستهدف جماهير محددة بعناية.
وقال آخيا شاتز، مدير منظمة "FakeReporter" في إسرائيل: "الملفات الشخصية المزيفة أصبحت أكثر إقناعًا. اللغة العبرية المستخدمة أصبحت أكثر احترافًا، والمحتوى مُصمم بدقة ليناسب الجمهور المستهدف. حجم المحتوى المنشور غير مسبوق".