مَن هم السبعة الذين أسقطتهم "ضربة الفجر" الإسرائيلية؟ ومَن حلّ مكانهم؟

تعرض قادة عسكريون إيرانيون لضربة جوية إسرائيلية، فجر الجمعة 13 يونيو (حزيران)، ضمن عملية تحمل اسم "الأسد الصاعد"، استهدفت قلب العاصمة طهران، وبجانب هؤلاء، قُتل أيضًا شخصان بارزان يشرفان على البرنامج النووي، بالإضافة إلى أمين سابق لمجلس الأمن القومي الإيراني.

مَن هم هؤلاء القتلى وما أسماء من حلّوا محلهم؟

كتب بريت ماكغورك، المدير العام لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي بإدارة جو بايدن، تعليقًا ساخرًا، مساء أمس، جاء فيه: "إن الأشخاص الذين كان من المفترض أن ينسقوا الرد من النظام الإيراني (على إسرائيل) قد قُتلوا جميعًا”. ويعد هذا الوصف مختصرًا لما حل برأس الهرم العسكري في النظام الإيراني فجر ذلك اليوم.

وحتى الآن، تأكد مقتل سبعة من القادة العسكريين البارزين، وأهم المسؤولين عن الإشراف على البرنامج النووي في النظام الإيراني، وهم:

القائد العام للحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة، محمد باقري، وقائد القوة الجو- فضائية للحرس الثوري، أمير علي حاجي زاده، وقائد القاعدة المركزية "خاتم الأنبياء"، غلام علي رشيد، (وهذا يختلف عن القاعدة الاقتصادية خاتم الأنبياء)، وفريدون عباسي ومحمد مهدي طهراني، وكلاهما من المسؤولين الرئيسين عن الإشراف على البرنامج النووي الإيراني، والأمين السابق لمجلس الأمن القومي الإيراني، والمستشار السياسي للمرشد الإيراني، علي شمخاني.

وليس هؤلاء فقط ضحايا الهجوم، الذي وقع فجر يوم الجمعة 13 يونيو، إذ أفادت التقارير بأن عددًا أكبر من الضباط قد استُهدفوا خلال اجتماع تحت الأرض.

وعيّن المرشد الإيراني، علي خامنئي، قادة جددًا ليحلوا محل القتلى.. فمَن هم هؤلاء الأفراد وماذا كانت مواقعهم السابقة، وما أهمية هذه المناصب داخل بنية النظام الإيراني؟

القائد العام للحرس الثوري

يعد الحرس الثوري القوة العسكرية الرئيسة للنظام الإيراني، ويُعيّن قائده، مثل باقي القادة الكبار، من قِبل المرشد علي خامنئي. ورغم أنه من المفترض خضوع القائد العام للحرس الثوري لقيادة الأركان العامة للقوات المسلحة، فإن السلطة العليا له هي المرشد الإيراني نفسه.

ويشغل القائد العام للحرس الثوري عضوية بعض المجالس العليا، أهمها مجلس الأمن القومي الإيراني، بصفة قانونية. ورغم أن خامنئي يعيّن شخصيًا بعض قادة الفروع التابعة للحرس، فإن السيطرة على فروع الحرس- بما في ذلك القوات البرية والفضائية والبحرية وقوات القدس والباسيج- تقع إلى حد كبير على عاتق القائد العام.

ووُلِد حسين سلامي في كلبايغان بأصفهان، وتُوفيّ عن عمر 64 عامًا، وقد عُيّن بهذا المنصب في مايو (أيار) 2019، وأمضى قرابة ست سنوات في منصبه قبل مقتله أمس. أما محسن رضائي ويحيى صفوي ومحمد علي جعفري، فقد شغلوا المنصب لمدة 16 و10 و12 عامًا على التوالي.

وخلال فترة قيادة سلامي للحرس، وقعت أحداث متعددة في إيران والعالم؛ ففي نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، بعد سبعة أشهر من تعيينه، وقعت أحداث "نوفمبر الدامي"، ثم في يناير (كانون الثاني) 2020، اُغتيل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، من قبل الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، قام الحرس الثوري بهجوم على قاعدة "عين الأسد" الأميركية في العراق، وهو الهجوم الذي كشف ترامب لاحقًا أنه تم بالتنسيق الكامل مع الجانب الأميركي؛ لتجنب وقوع إصابات في صفوف الأميركيين.

وفي تلك الليلة نفسها، أسقطت دفاعات الحرس الثوري طائرة ركاب أوكرانية كانت تحمل 176 شخصًا. وفي 19 فبراير 2020، أُعلن تفشي وباء كورونا في إيران رسميًا.

وخلال تلك الجائحة، كشف سلامي في أبريل (نيسان) 2020، في فيديو دعائي، عن جهاز بمقر قيادة الحرس، أطلق عليه اسم "مستعان 110"، وزعم أنه قادر على "كشف فيروس كورونا".

وأصبح الفيديو سريعًا مادة للسخرية بين الإيرانيين. وبعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بقي سلامي قائدًا للحرس الثوري، وعاصر أحداثًا متعددة، منها استهداف عدد من قادته في دول المنطقة، وعمليتا "الوعد الصادق 1 و2"، ومقتل الرئيس الإيراني السابق، إبراهيم رئيسي، إثر تحطم طائرته.

وجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على سلامي؛ بسبب قمعه للاحتجاجات الإيرانية خلال أحداث "نوفمبر الدامي" 2019.

وبعد وفاة سلامي، عين خامنئي محمد باكبور، الذي يبلغ من العمر 63 عامًا، خلفًا له. وهو من مواليد مدينة أراك، كما خضع لعقوبات من قِبل الاتحاد الأوروبي- هو مثل سلامي- بسبب مشاركته في قمع احتجاجات 2019 أيضًا.

وقبل تعيينه قائدًا عامًا للحرس الثوري الإيراني، كان باكبور قائدًا للقوات البرية التابعة له، وقبل ذلك كان قائدًا لوحدة "الصابرين الخاصة"، وهي وحدة تُعرف رسميًا باسم "الوحدة المضادة للإرهاب"، وتشبه لواء المظليين 65 في الجيش الإيراني.

رئيس هيئة الأركان العامة

رغم أن القوانين غير المكتوبة تمنح قائد الحرس الثوري سلطة أكبر بين القادة العسكريين في إيران، فإن منصب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة أعلى مكانةً نظريًا، حسب هيكل النظام الإيراني.

ومن بين مهامه واختصاصاته- حسب قوانين النظام الإيراني-: وضع السياسات الدفاعية واستراتيجيات الدفاع الوطني، وتنسيق ومراقبة العمليات المشتركة بين الجيش والحرس وقوات الأمن في حالات الحرب أو الأزمات، وإدارة الأزمات الأمنية وتوجيه العمليات العسكرية ضد التهديدات الداخلية (مثل الاحتجاجات) أو الخارجية، والإشراف على المشاريع الاستراتيجية كتطوير البرامج الصاروخية والسيبرانية والنووية، وهو- كقائد الحرس الثوري- عضو في المجالس العليا، مثل مجلس الأمن القومي.

وشغل هذا المنصب 3 أشخاص، منذ استحداثه في يونيو 1988، وتعيين مير حسين موسوي (رئيس الوزراء آنذاك) أول رئيس له. وبعد تولي خامنئي منصب المرشد، عيّن حسن فيروز آبادي في المنصب حتى 2016، ثم خلفه محمد باقري (واسمه الأصلي محمد حسين أفشردي، شقيق القائد الباسيجي الراحل حسن باقري). وكان باقري في عمر سلامي نفسه عند مقتله. وقد عين خامنئي، عبد الرحيم موسوي خلفًا لباقري، الذي قُتل في الهجمات الإسرائيلية أمس.

وشغل عبد الرحيم موسوي عددًا من المناصب، ومنها: قائد الجيش، ونائب رئيس الأركان العامة، ونائب القائد العام للجيش، ورئيس أركان جيش النظام الإيراني.

موسوي والتصريحات المثيرة

أدلى رئيس هيئة الأركان العامة الجديد، عبد الرحيم موسوي، بعدة تصريحات، أثارت الجدل؛ حيث قال في برنامج "بدون تعارف" التلفزيوني أن أكبر أمانيه هو "تدمير إسرائيل"، وكان ذلك في عام 2018.

وفي العام نفسه، ذكر في خطاب أن "عمر الكيان الصهيوني (إسرائيل) لن يتجاوز 25 سنة إن شاء الله".

قائد القوة الجو- فضائية في الحرس الثوري الإيراني

أنشأ الحرس الثوري الإيراني قوته الجو- فضائية عام 2009، عبر دمج القوة الجوية للحرس مع وحدات الصواريخ. ومنذ تأسيس هذا الفرع كان أمير علي حاجي زاده يقود هذه القوات، حتى استهدافه في الهجوم الإسرائيلي الأخير فجر الجمعة 13 يونيو.

ولعب هذا الفرع دورًا محوريًا في تطوير البرنامج الصاروخي ثم الطائرات المُسيّرة للنظام الإيراني. وكان حاجي زاده مقربًا سياسيًا من رئيس البرلمان الحالي، محمد باقر قاليباف، ودعّمه بشكل مباشر وغير مباشر في انتخابات الرئاسة والبرلمان.

وفي سياق دعمه، كان أمير علي حاجي زاده يؤكد أن "قاليباف هو من جعل البرنامج الصاروخي للحرس الثوري يصل إلى هذا المستوى من التطور"، معتبرًا إياه المؤسس الفعلي للبرنامج.

حادثة الطائرة الأوكرانية

بعد أيام من إنكار الحرس الثوري إسقاط الطائرة المدنية الأوكرانية، في يناير 2022، ومقتل جميع ركابها، ظهر حاجي زاده على التلفزيون الإيراني الرسمي لتحمّل المسؤولية، لكنه لم يواجه أي ملاحقة قضائية من أجهزة النظام.

أدوار عسكرية بارزة

قاد حاجي زاده عمليات "الشهيد سليماني" (الهجوم على قاعدة عين الأسد الأميركية بالعراق)، وشارك بشكل محوري في عمليتي "الوعد الصادق 1 و2" ضد إسرائيل، ولم يُعلن عن خليفته حتى الآن من قِبل المرشد خامنئي.

مقر خاتم الأنبياء المركزي

يُعد هذا المقر أعلى مؤسسة عملياتية عسكرية في النظام الإيراني، وغالبًا ما يُخلط بينه وبين "مقر بناء خاتم الأنبياء". تأسس عام 1983 أثناء الحرب العراقية- الإيرانية لتحسين التنسيق بين القوات المسلحة، ثم توسعت صلاحياته بعد الحرب.

وتنحصر مهامه الحالية في تصميم وتنفيذ المناورات العسكرية الكبرى مثل "مدافعو سماء الولاية" و"ذوالفقار 1401"، وتعزيز الردع الدفاعي والتصدي للتهديدات الخارجية (خاصة إسرائيل).

وتولى قيادته غلام علي رشيد (72 عامًا)، المولود في مدينة دزفول، الذي قُتل في الهجوم الإسرائيلي الأخير. وشغل سابقًا مناصب: نائب رئيس أركان القوات المسلحة، ونائب دفاعي في مجلس الأمن القومي، وفُرضت عليه عقوبات من قِبل وزارة الخزانة الأميركية في نوفمبر 2019 كأحد المقربين من خامنئي.

خليفته

عيّن المرشد الإيراني علي شادماني خلفًا لرشيد، وهو أقل خبرة؛ حيث كان آخر منصب له نائب منسق في مقر خاتم الأنبياء.

المسؤولون عن البرنامج النووي الإيراني

قُتل اثنان من أبرز مسؤولي البرنامج النووي الإيراني، في الهجمات الإسرائيلية، فجر الجمعة، وهما:
* فريدون عباسي دواني: الذي كان يبلغ من العمر 66 عامًا عند مقتله، وخدم في الحرس الثوري بين 1987-2019 برتبة عميد، وكان عضوًا في البرلمان الإيراني (2020-2024) عن دائرة كازرون، ورئيس منظمة الطاقة الذرية (2010-2023) في حكومة الرئيس الإيراني الأسبق، أحمدي نجاد.

وقد ورد اسمه في القرار 1747 لمجلس الأمن 2007 كـ "عالم بارز بوزارة الدفاع ومرتبط بمعهد الفيزياء التطبيقية". نجا من محاولة اغتيال عام 2010 نُسبت لإسرائيل، واعتُبر من الشخصيات المحورية في عسكرة البرنامج النووي تحت إشراف محسن فخري زاده.

* محمد مهدي طهرانجي: خضع لعقوبات من قِبل الولايات المتحدة عام 2020 مع 4 آخرين؛ لاتهامه بالعمل في مشروع "أماد" النووي السري (بدأ عام 2003)، وتولى رئاسة جامعة آزاد الإسلامية (2018-2024) بتعيين من خامنئي، ورئيس جامعة شهيد بهشتي سابقًا، عضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية ومن داعمي "نمط الحياة الإسلامية".

وكان إحدى الشخصيات المشتبه بها منذ البداية في توجيه هذا البرنامج هو محسن فخري زاده؛ حيث ظهر اسم فخري زاده لأول مرة بعد وصول "لاب توب" يحتوي على معلومات سرية للنظام الإيراني إلى أيدي أجهزة الاستخبارات الغربية.

أسماء أخرى

ذكرت بعض المصادر مقتل 10 أفراد آخرين مرتبطين بالبرنامج النووي، منهم: أكبر مطلبي زاده، وأمير حسين فقهي، لكن لم تؤكد جهات موثوقة صلة هذين الاسمين بالبرنامج النووي.