ذكرت قناة "i24" الإسرائيلية، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي، أن إسرائيل لن تشن هجوماً على إيران ما دامت المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن مستمرة.
وكان علي خامنئي قد رفض صباح الأربعاء الخطة المقدمة من قبل الولايات المتحدة لطهران بشأن الاتفاق النووي.
وقد تم تداول تقارير عديدة خلال الأشهر الماضية عن استعدادات إسرائيلية محتملة لمهاجمة المنشآت النووية والبنى التحتية العسكرية الإيرانية.
وفي رده على التحذيرات الأميركية والإسرائيلية بشأن وقف التخصيب أو القيام بعمل عسكري، قال خامنئي: "هذان البلدان لا يستطيعان ارتكاب أي حماقة".


أفاد موقع "أكسیوس"، نقلًا عن مسؤول كبير في إيران لم يُفصح عن اسمه، أن طهران مستعدة لبناء إطار اتفاق نووي مع الولايات المتحدة على أساس فكرة "كونسورتيوم إقليمي لتخصيب اليورانيوم"، بشرط أن يكون هذا الكونسورتيوم داخل الأراضي الإيرانية.
و"كونسورتيوم التخصيب الإقليمي" يُعد أحد العناصر المحورية في المقترح الذي قدّمه ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى طهران يوم السبت 31 مايو (أيار).
ويمثل هذا المقترح محاولة للتوفيق بين موقف إدارة ترامب الرافض لتخصيب اليورانيوم في إيران، وإصرار طهران على مواصلة التخصيب داخل أراضيها.
وجاء تقرير "أكسیوس" في أعقاب تقارير متضاربة بشأن موقف الولايات المتحدة من التخصيب، وكذلك رد إيران على المقترح الأميركي.
وقال المسؤول الإيراني لـ"أكسیوس" يوم الثلاثاء 3 يونيو (حزيران): "إذا تم تشغيل الكونسورتيوم داخل حدود إيران، فيمكن النظر فيه. لكن إذا كان من المقرر أن يتمركز خارج البلاد، فسيكون مصيره الفشل بلا شك".
وتدل هذه التصريحات على أن طهران ربما لا ترفض مقترح ويتكوف رفضًا تامًا، بل تسعى للتفاوض على تفاصيله.
وكان موقع "أكسیوس" قد نشر يوم الاثنين 2 يونيو للمرة الأولى تفاصيل المقترح الأميركي المُقدّم إلى إيران.
ولم يُحدَّد في المقترح الموقع الدقيق لاستضافة كونسورتيوم التخصيب.
ما هو الإطار المقترح؟
ذُكر أن هذا الكونسورتيوم يمكن أن يضم الولايات المتحدة، وإيران، ودولًا مثل السعودية، والإمارات، وقطر، وحتى تركيا.
ويهدف الكونسورتيوم إلى توفير الوقود النووي للدول الساعية إلى تطوير برامج نووية سلمية، على أن تخضع أنشطته لرقابة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وسيسمح هذا المخطط للولايات المتحدة بالقول إن إيران لم تعد تخصب اليورانيوم منفردة، إذ تتم عمليات التخصيب ضمن كيان إقليمي متعدد الأطراف، وفي الوقت نفسه يمكّن إيران من الادعاء بأن خطها الأحمر بشأن التخصيب لم يُنتهك.
وأضاف "أكسیوس" أن التوصل إلى اتفاق بشأن الشروط التفصيلية التي يقبلها الطرفان يُعد تحديًا كبيرًا، فضلًا عن الصعوبات العملية في تنفيذ هذا الكونسورتيوم.
نظرة عامة على المقترح الأميركي
بحسب "أكسیوس"، فإن المقترح الأميركي يتضمن اتفاقًا نوويًا مبنيًا على إنشاء كونسورتيوم إقليمي للتخصيب، ويشمل النقاط التالية:
-لا يُسمح لإيران بتطوير قدرات تخصيب محلية تتجاوز الاحتياجات المدنية.
-بعد توقيع الاتفاق، يجب على إيران تقليص نسبة التخصيب مؤقتًا إلى 3 في المائة، وتُحدَّد مدة هذه الفترة خلال المفاوضات.
-يجب تعطيل منشآت التخصيب تحت الأرض لفترة يتفق عليها الطرفان.
-تُقيَّد التخصيبات في المنشآت فوق الأرض بالكمية اللازمة لإنتاج وقود المفاعل النووي فقط.
وذكر "أكسیوس"، نقلًا عن مصادر مطلعة، أن الولايات المتحدة لا تزال بانتظار رد رسمي من طهران على هذا المقترح في الأيام المقبلة.
كما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز» يوم الثلاثاء 3 يونيو (حزيران)، نقلًا عن مصادر إيرانية وأوروبية، أن إدارة دونالد ترامب قدّمت مقترحًا يسمح لإيران بمواصلة التخصيب بنسبة منخفضة لفترة مؤقتة.
وبموجب هذا المقترح، ستُسهّل الولايات المتحدة إنشاء مفاعلات نووية للطاقة في إيران، وتدخل في مفاوضات لتأسيس منشآت تخصيب تُدار من قبل كونسورتيوم من دول المنطقة.
وبمجرّد أن تُنفّذ هذه التعهدات وتستفيد إيران منها، يجب عليها حينها أن توقف كل أنشطة التخصيب داخل البلاد.
وقد طُرحت في الأسابيع الأخيرة فكرة تشكيل كونسورتيوم من دول الشرق الأوسط، من ضمنها إيران، والسعودية، والإمارات، بمشاركة الولايات المتحدة، لتخصيب اليورانيوم.
وفي أعقاب التقارير حول احتمال التوصل إلى اتفاق سري بين إدارة ترامب وإيران بشأن استمرار التخصيب، طالب السيناتور الديمقراطي البارز تشاك شومر بحضور المبعوث الخاص للبيت الأبيض في شؤون الشرق الأوسط إلى الكونغرس.
وكتب زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي عبر منصة "إكس": "على ستيف ويتكوف الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس. هل يوجد اتفاق سري يُتيح لإيران مواصلة تخصيب اليورانيوم ويُعزّز أنشطتها التخريبية؟".
في المقابل، أعلن مسؤولون إيرانيون أنهم يطالبون بمزيد من التوضيحات حول توقيت وطريقة رفع العقوبات الأميركية ضمن هذا المقترح.
ووفقًا لبعض التقارير، من المحتمل أن يُعقد الجولة السادسة من المفاوضات النووية بين ستيف ويتكوف وعباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، في نهاية هذا الأسبوع في إحدى دول الشرق الأوسط.
تقارير عن رفض إيران للمقترح الأميركي
كانت شبكة "سي إن إن" ووكالة "رويترز" قد أفادتا يوم الاثنين 2 يونيو، نقلًا عن مسؤول كبير في إيران، بأن رد طهران على المقترح الأميركي سيكون سلبيًا.
وقال مسؤول إيراني كبير لـ"سي إن إن" إن المقترح الأميركي الجديد بشأن الاتفاق النووي "متناقض ومُجزأ".
ورغم أن "سي إن إن" لم تذكر اسمه، إلا أنها نقلت عنه أن إيران ترفض هذا المقترح الجديد من الولايات المتحدة.
وأضاف: "من النظرة الأولى، يُعتبر هذا المقترح متناقضًا ومجزأ، وغير واقعي إلى حدٍّ كبير، ويحمل مطالب مبالغًا فيها".
وقال هذا المسؤول الإيراني كذلك إن العقبة الأهم أمام تقدم المفاوضات هي تغيّر مواقف الولايات المتحدة باستمرار.
وأضاف: "واقع أن الأميركيين يغيرون موقفهم باستمرار كان حتى الآن العائق الأساسي أمام نجاح المفاوضات، والآن زاد من صعوبة الأمور أكثر من أي وقت مضى".
وزعم هذا المسؤول كذلك أن النص الجديد يتناقض بوضوح مع التفاهمات السابقة.
وقال لـ"سي إن إن": "هذا النص يتعارض بوضوح مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الجولة الخامسة من المفاوضات. موقف إيران من التخصيب حاسم وغير قابل للتغيير".
أما وكالة "رويترز"، فقد ذكرت أيضًا يوم الاثنين 2 يونيو، نقلًا عن دبلوماسي كبير في إيران، أن طهران على وشك رفض مقترح جديد من الولايات المتحدة لحل النزاع النووي المستمر منذ عقود.
وقال هذا الدبلوماسي، الذي لم يُفصح عن اسمه، إن خطة الولايات المتحدة "غير بديهية" ولا تراعي مصالح إيران، كما أنها لا تظهر أي مرونة في موقفها من تخصيب اليورانيوم داخل إيران.
وأضاف هذا الدبلوماسي، الذي وصفته "رويترز" بأنه مقرب من فريق التفاوض الإيراني: "طهران بصدد إعداد رد سلبي على المقترح الأميركي، يمكن اعتباره رفضًا رسميًا له".
وقال إن تقييم لجنة المفاوضات النووية التي تعمل تحت إشراف المرشد الإيراني، علي خامنئي، هو أن "المقترح الأميركي أحادي الجانب بالكامل ولا يمكن أن يحقق مصالح طهران".
وأضاف: "طهران تعتبر هذا المقترح خطة غير بديهية، تسعى فقط إلى فرض اتفاق سيئ على إيران من خلال مطالب متطرفة".
وتابع: "في هذا المقترح، لم يتغير موقف أميركا من تخصيب اليورانيوم داخل إيران، ولم يُقدَّم أي توضيح واضح بشأن رفع العقوبات".
قال رئيس منظمة الطاقة الذرية في إيران، محمد إسلامي، إنه في أعقاب تأكيد علي خامنئي على ضرورة مواصلة التخصيب داخل إيران، فإنهم "بعزيمة راسخة، وروح ثورية، وإيمان قلبي، سيواصلون طريق التقدم في الصناعة النووية بقوة وصلابة".
وأضاف إسلامي: "الشباب المؤمنون والمخلصون والعلماء في هذا المجال، رغم الضغوط السياسية الشديدة، والعقوبات الجائرة، والتهديدات العسكرية والأمنية المتواصلة، نجحوا في الارتقاء بهذه الصناعة الرفيعة إلى مستوى متميز وعلى الساحة العالمية".
وكان المرشد الإيراني قد رفض صباح اليوم الأربعاء مقترح الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق نووي، مؤكدًا أن التخصيب سيستمر داخل إيران.


أكد معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في مقال أنه في أعقاب الزيادة غير المنضبطة للقدرة الصاروخية للنظام الإيراني منذ الاتفاق النووي لعام 2015، يجب أن تتضمن أي اتفاقية جديدة قيوداً قابلة للتنفيذ على تطوير وتكديس الصواريخ بعيدة المدى.
وكتب فرزين نديمي، الباحث الأول في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمتخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية لإيران ومنطقة الخليج، في هذا المقال: "خلال مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) في عام 2015، بذلت الولايات المتحدة والدول الأخرى جهوداً مكثفة لإدراج قيود على الصواريخ الباليستية القادرة على حمل الرؤوس النووية الإيرانية. ومع ذلك، ركزت الاتفاقية النهائية بشكل أساسي على الأنشطة النووية وبقي البرنامج الصاروخي الإيراني سليماً تقريباً".
ووفقاً لقول نديمي: "أصبحت العواقب الخطيرة لهذا الإهمال واضحة في السنوات الأخيرة، وإذا سلكت الاتفاقية الجديدة نفس المسار، فسوف تزيد من قتامة آفاق الأمن وعدم الانتشار في الشرق الأوسط وما بعده".
وأضاف في مقاله الجديد: "لم تفرض خطة العمل الشاملة المشتركة أي قيود مباشرة وقابلة للتحقق على الصواريخ الباليستية أو كروز الإيرانية. طلب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231 (2015) من طهران فقط الامتناع لمدة ثماني سنوات عن تطوير الصواريخ الباليستية المصممة لحمل الأسلحة النووية، وذلك دون التزام أو ضمانة تنفيذية. رغم أن خطة العمل الشاملة المشتركة وفرت فرصة، إلا أنها فشلت في كبح الأنظمة التي لديها القدرة المحتملة على حمل الرؤوس النووية".
وفقاً لقول نديمي، "انتهت أيضاً القيود الطوعية للقرار 2231 في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وأزالت أي رقابة دولية، ولو رمزية، على البرنامج الصاروخي الإيراني. هذه الفجوة الصاروخية، التي ربما اعتُبرت مدروسة في عام 2015، تحولت اليوم إلى ثغرة خطيرة في الجهود العالمية لعدم الانتشار".
ترسانة إيران المتنامية
وجاء في المقال المنشور على موقع معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ما يلي: "بعد تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة، سرَّعت إيران برنامجها الصاروخي وتكديس أسلحتها. رغم بقاء بعض العقوبات، اختبرت إيران عشرات الصواريخ الباليستية الجديدة أو المحدثة التي تتمتع بمدى ودقة وقدرة أعلى على البقاء. مع تغييرات طفيفة، تستطيع العديد من هذه الصواريخ حمل رؤوس نووية مخصصة. كما عززت إيران قدرة بقاء ترسانتها المنتشرة ببناء قواعد تحت أرضية محصنة".
ادعى أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري، أن الحرس لديه حتى 100 قاعدة كبيرة تحت الأرض، لكن وفقاً لقول فرزين نديمي، تقدر المصادر المستقلة عدد هذه القواعد بين 25 إلى 50.
بناءً على تقديرات الولايات المتحدة، تمتلك إيران اليوم أكبر ترسانة من الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط مع أكثر من ثلاثة آلاف صاروخ. تشمل هذه المجموعة الصواريخ متوسطة المدى (التي تسميها إيران بعيدة المدى) القادرة على الوصول إلى إسرائيل وكافة أنحاء شبه الجزيرة العربية وأجزاء من أوروبا.
تمتلك إيران أيضاً صواريخ قصيرة المدى تغطي المنطقة الخليجية والقواعد الأميركية في المنطقة. أحرزت طهران أيضاً تقدماً في تكنولوجيا الوقود الصلب، التي توفر إمكانية الإطلاق الأسرع، وفي الصواريخ ذات السرعات فوق الصوتية والرؤوس الحربية القابلة للمناورة والخدائع وأدوات الاختراق.
بالإضافة إلى ذلك، استُخدمت صواريخ متعددة المراحل بوقود صلب لإطلاق الأقمار الصناعية يمكن أن تجد تطبيقاً عسكرياً في صنع الصواريخ ذات المدى المتوسط إلى العابرة للقارات.
وتابع نديمي: "تحسنت أيضاً قدرة صواريخ كروز الإيرانية وتشكل الآن جزءاً أساسياً من ترسانتها.
منذ عام 2015، قدم النظام الإيراني ستة أنواع على الأقل من الصواريخ الجوالة بعيدة المدى الجديدة يتراوح مداها بين 700 إلى 1650 كيلومتراً".
تحديد وتتبع هذه الأسلحة منخفضة الطيران أصعب من الصواريخ الباليستية. في عام 2023، قدمت إيران صاروخ كروز فوق صوتي محسناً بمدى معلن 1500 كيلومتر والذي سيوفر، بعد إكمال الاختبارات ودخول الخدمة، قدرة على الهجمات الدقيقة.
الاستخدام العملي للصواريخ
أكد فرزين نديمي في تكملة مقاله أن المخاوف العالمية حول هذه القدرات ليست مجرد افتراضية وخيالية. منذ عام 2017، أطلقت إيران مباشرة مئات الصواريخ الباليستية وكروز في تسع عمليات كبيرة على الأقل نحو سوريا والعراق وباكستان وإسرائيل والسعودية، كما استخدمت قواتها بالوكالة مئات الصواريخ الإيرانية الصنع.
هذه الهجمات كانت بهدف الانتقام وإرسال رسائل استراتيجية، واعتقدت إيران أن هذه الإجراءات ستمنع الهجمات المضادة؛ لكن الأمر لم يكن كذلك في أغلب الأحيان.
وفقاً لقول نديمي، "في الممارسة، أدت هذه الاستراتيجية إلى تحويل الصراعات الإقليمية إلى ميدان لاختبار الصواريخ الإيرانية وحسنت قدراتها. نقل الصواريخ والطائرات المسيرة إلى روسيا وحزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن والمليشيات العراقية والسورية، كان جزءاً من جهود طهران لتوسيع نفوذها الإقليمي؛ جهد يهدف إلى فرض تكاليف على الأعداء دون المشاركة المباشرة".
وأضاف نديمي: "تكنولوجيات التوجيه الدقيق التي دخلت ترسانة القوات بالوكالة تُظهر أيضاً أن التطوير الداخلي والصادرات العسكرية الإيرانية تسيران جنباً إلى جنب؛ رغم أن قوات إيران بالوكالة لم تنجح كثيراً بعد في الاستخدام الدقيق لها. في حالة روسيا، سمح نقل الأسلحة هذا لإيران بالتأثير غير المباشر في التطورات الأوروبية مع كسب دخل مالي كبير في الوقت نفسه".
كيفية إدراج الصواريخ في اتفاقية جديدة
كتب الباحث الأول في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط: "بالنظر إلى قدرات إيران وأهدافها الإيديولوجية الجيوسياسية، يجب أن تكون القيود الصاروخية من العناصر الأساسية لأي اتفاقية مستقبلية. لن تكفي أي اتفاقية تشمل فقط المواد والمنشآت النووية لكنها تتجاهل أدوات إطلاقها. رغم أن إدراج هذا الموضوع في الاتفاق الدبلوماسي صعب، إلا أن تجاهله مرة أخرى سيكون له عواقب أسوأ بكثير على الأمن القومي الأميركي".
اقترح فرزين نديمي في مقاله أن يضع المفاوضون الأميركيون ثلاثة مجالات كأولوية:
1- يجب إحياء وتعزيز قيود مجلس الأمن المنتهية الصلاحية. كما يجب فرض حظر جديد قابل للتحقق على اختبار وتطوير ونقل التكنولوجيا المتعلقة بالصواريخ الباليستية وكروز القادرة على حمل الأسلحة النووية، وفقاً لتعريفات الأنظمة الدولية لمنع الانتشار. يمكن لهذا النهج أن يقوم على أساس لغة أكثر دقة من قبل عام 2015 ويمنع الغموض الذي استغلته إيران مراراً.
يقدم نظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ (MTCR) معياراً تقنياً موثوقاً للصواريخ ذات القدرة النووية: مدى 300 كيلومتر ووزن حمولة 500 كيلوغرام. الصواريخ تحت هذه العتبة تُعتبر تكتيكية وتلك التي تتجاوزها يمكنها استهداف الأهداف الاستراتيجية بالرؤوس النووية.
إذا كانت أهداف إيران دفاعية فقط، يجب أن توافق على هذا السقف، خاصة إذا طُرح الموضوع في إطار تخفيف التوتر الإقليمي. معاهدة الصواريخ متوسطة المدى، بين أميركا والاتحاد السوفيتي تُعتبر أيضاً نموذجاً جيداً للتحقق.
2- يجب ربط وقف تطوير وتصدير الصواريخ بحوافز الاتفاق النووي. يجب أن يكون رفع العقوبات مشروطاً بوقف تطوير واختبار ونقل الصواريخ والطائرات المسيرة الانتحارية بعيدة المدى فوق عتبة MTCR مع إزالتها القابلة للتحقق. يجب على آلية مراقبة بقيادة الأمم المتحدة، بمشاركة خبراء (MTCR) ومكتب نزع السلاح التابع للأمم المتحدة ومعهد أبحاث نزع السلاح، تحت مهمة مجلس الأمن، مراقبة هذه النقلات. أظهرت التجارب السابقة أن مثل هذه الآليات، إذا كانت لها موارد كافية ودعم سياسي، يمكن أن تكون فعالة جداً.
العناصر الأساسية الأخرى تشمل إعلان المخزونات والمواقع، والتفتيش الميداني، والمراقبة عن بُعد، والتتبع بالأقمار الصناعية، ومشاركة بيانات القياس عن بُعد، والإخطار المسبق للإطلاق يجب أيضاً أخذها في الاعتبار.
3- يجب على الولايات المتحدة أن تطلب من الشركاء الإقليميين، بالتزامن مع المفاوضات مع إيران أو بعدها، بدء حوار صاروخي مع طهران. يجب أن تلعب الدول الخليجية وإسرائيل - التي تُعتبر أهدافاً مباشرة لإيران - دوراً في هذه العملية.
يمكن لمثل هذه المعاهدة أن تشمل الإخطار بالاختبارات وقيود الانتشار ووقف النقل إلى الفاعلين غير الحكوميين. إذا طُرحت هذه التدابير كجزء من حزمة أمنية إقليمية، وليس نزع سلاح من جانب واحد، ربما تكون أكثر قبولاً لقادة إيران. طالبت طهران مراراً بحوار إقليمي ويجب الآن أن تعطي استجابة عملية لهذه الطلبات.
استنتج فرزين نديمي في نهاية مقاله أن الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة الهجومية تقع في قلب عقيدة التهديد للنظام الإيراني، وتجاهلها يقود المفاوضين الأميركيين نحو تكرار خطأ خطير؛ اتفاقية ناقصة تكبح التهديد الناشئ عن اليورانيوم المخصب لكنها تفتح الطريق لتوسيع وسائط التوصيل الخطيرة؛ أنظمة أظهرت إيران أنها مستعدة بسهولة لاستخدامها أو نقلها للآخرين.
وفقاً لقول نديمي، قدمت طهران مراراً صواريخها كرمز للشرعية والنفوذ الاستراتيجي و"المقاومة" و"العدالة الإلهية" وبالاستفادة من سنوات الدعاية وتحريف الحقائق، خلقت هالة من القداسة حولها لحماية برنامجها الصاروخي من الرقابة العالمية والمساءلة الداخلية وقد نجحت في هذا الطريق حتى الآن.
كسر هذه الدورة يتطلب نهجاً جريئاً؛ نهجاً لا يسعى فقط لفرض القيود، بل يسعى لهدم الأساطير المصطنعة. غالبية الإيرانيين يدركون أن التصورات التهديدية عن أميركا وإسرائيل هي نتاج حسابات خاطئة وإيديولوجية لنظامهم، وليس حقائق جيوسياسية.
وكتب فرزين نديمي في ختام مقاله: "إن حلاً متوازنًا، إلى جانب كبح التهديد النووي للنظام الإيراني، ينبغي أن يقيّد أيضًا مدى صواريخه، مع الإبقاء في الوقت نفسه على أنظمة الصواريخ القصيرة المدى (تحت 300 كيلومتر) للدفاع المشروع. من دون فرض قيود على الصواريخ، فإن أي "اتفاق نووي جديد" سيكرّر الضعف الجوهري للاتفاق السابق.
لقد حان الوقت الآن لسد هذه الفجوة الصاروخية والتوصّل إلى اتفاق أشمل؛ اتفاق قد يكون فاتحة لحوار إقليمي ذي مغزى في المستقبل.
إن إدراج الصواريخ البعيدة المدى في اتفاق جديد يمكن أن يشكّل خطوة نحو إعادة تعريف الاستقرار الإقليمي في القرن الحادي والعشرين؛ خطوة تعزز ثقة حلفاء الولايات المتحدة، وتدعم مبادئ عدم الانتشار، وتدفع إيران إلى اتخاذ موقف أكثر شفافية وأقل زعزعة للاستقرار في المنطقة.
قال الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية، حسين آقايي، في تعليقه على خطاب المرشد الإيراني بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة: "يبدو اليوم أن جواب خامنئي هو( لا)، والكرة باتت الآن في ملعب واشنطن".
وفي حديثه لقناة "إيران إنترناشيونال"، أوضح آقايي أن خامنئي قدّم اليوم إجابات صريحة على جميع التساؤلات والغموض الذي كان لدى المسؤولين الأوروبيين والأميركيين.
وبحسب آقايي، فإن تأكيد خامنئي على أن الصناعة النووية هي "الصناعة الأم" يعني عمليًا أن تفكيك البرنامج النووي الإيراني وفقًا للمطالب الإسرائيلية لن يكون ممكنًا.
وأضاف آقايي أن خامنئي اعتبر التخصيب أحد الأركان الأساسية، ورفض بشكل قاطع فكرة التصفير الكامل لبرنامج التخصيب داخل إيران، أو إنشاء كونسورتيوم خارجي بديل له.
وتابع آقايي: "جواب خامنئي كان عمليًا هو (لا)، وهو ما كان ترامب قد حذر منه سابقًا بقوله إن على إيران أن تتخذ قرارًا سريعًا، وإلا فإن (شيئًا سيئًا سيحدث)، بحسب تعبيره".
قال وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصيرزاده، إن "إيران تمتلك من القوة ما يجعل إسرائيل غير قادرة على تهديدها".
وأضاف: "من يملك القدرة على تهديد إيران لا يتحدث بهذه الطريقة. إنهم عاجزون عن ذلك".
ووصف نصيرزاده تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بشأن تهديد إيران بأنها "مجرد هراء فارغ لا معنى له".
وكانت تقارير عديدة قد نُشرت في الأشهر الماضية حول استعداد إسرائيل لتنفيذ هجوم ضد المنشآت النووية والعسكرية التابعة لإيران.

