المتشددون في إيران يستهدفون ازدهار "ثقافة المقاهي"

أصبحت المقاهي، وأنماط الحياة الاجتماعية التي تشكّلت حولها، ساحة المواجهة الأحدث بين المتشددين في إيران، الذين باتوا يشعرون بأن سيطرتهم على السلوك اليومي للناس تتراجع وتفلت من أيديهم.
إيران إنترناشيونال

أصبحت المقاهي، وأنماط الحياة الاجتماعية التي تشكّلت حولها، ساحة المواجهة الأحدث بين المتشددين في إيران، الذين باتوا يشعرون بأن سيطرتهم على السلوك اليومي للناس تتراجع وتفلت من أيديهم.
وبرز هذا التوتر هذا الأسبوع عندما هاجم سعيد جليلي، أحد أبرز وجوه التيار المتشدد للغاية في إيران، ثقافة المقاهي واعتبرها "مخططًا غربيًا" يهدف إلى تقويض مؤسسة الأسرة.
وقال جليلي: "إنهم يعرّفون ثلاثة فضاءات: السكن الجامعي، ومكان العمل، وفضاء ثالث، مثل المقهى للهروب من الوحدة. في هذا النموذج تفقد الأسرة معناها، وهذا يتعارض مع فلسفة الإسلام بشأن الزواج".
وبالنسبة للتيارات المحافظة، التي لطالما أصرت على الفصل الصارم بين الجنسين والتطبيق المتشدد للحجاب الإجباري، فإن انتشار المقاهي لا يمثل مجرد تغيّر في عادات الترفيه، بل يشير إلى تراجع سلطتها على كيفية تواصل الناس اجتماعيًا واستخدامهم للفضاء العام.
حتى في المعاقل الدينية
أفاد أشخاص زاروا إيران مؤخرًا بتوسع لافت في ثقافة المقاهي، بما في ذلك في مراكز دينية مثل "قم"، التي كانت تُعد تقليديًا من أكثر المدن مقاومة لمثل هذه التحولات الاجتماعية. ويشير محللون إلى أن هذا الاتجاه لا يعكس فقط تفضيلات الأجيال الجديدة، بل أيضًا الضغوط الاقتصادية.
وكتب موقع "جريان24" الإخباري: "في وقت أُلغيت فيه كثير من أشكال الترفيه التقليدية بسبب الصعوبات الاقتصادية، باتت المقاهي المكان الوحيد القادر على سد الفراغ الترفيهي لدى الشباب"، واصفًا هذه الظاهرة بنسخة من "تأثير أحمر الشفاه".
وكان انتشار المقاهي في مدن، مثل "قم" و"مشهد"، مقلقًا بشكل خاص للمتشددين للغاية.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أدان النائب المتشدد عن مدينة "قم" في البرلمان الإيراني، منان رئيسي، افتتاح مقهى جديد في المدينة، محذرًا من أن "الناس أنفسهم" سيتدخلون.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة من الحدث شبانًا وشابات يتواصلون اجتماعيًا في تجمع يقوده منسق موسيقي (دي جي)، وهي مشاهد أثارت غضب المحافظين في مدينة تضم أهم الحوزات العلمية الشيعية في إيران.
وأُغلق المقهى خلال يوم واحد فقط. وبعد ذلك بوقت قصير، أعلن أحد أعضاء مجلس مدينة "قم" إلغاء رخصة المالك، ورفع دعاوى جنائية ضده بتهمة "الترويج للفساد الأخلاقي".
وتفاقم هذا القلق مع ما يراه المتشددون تراجعًا من قِبل السلطات عن تنفيذ قانون "الحجاب الإجباري"، الذي أقره البرلمان عام 2023، ثم جُمّد لاحقًا بقرار من المجلس الأعلى للأمن القومي، خشية ردود فعل شعبية واسعة.
المجتمع تجاوز هذا الخطاب
أثارت تصريحات جليلي موجة انتقادات واسعة في وسائل الإعلام الإيرانية وعلى منصات التواصل الاجتماعي. واعتبر منتقدون أن هذه التصريحات تكشف عن فجوة متزايدة بين أيديولوجيا المتشددين وواقع الحياة اليومية للمجتمع.
ووصف رئيس التحرير السابق لموقع "قم نيوز"، سيد علي بورتباطبائي، ثقافة المقاهي بأنها "الكابوس الجديد لسعيد جليلي وأنصاره".
وقال: "إن جليلي لا يخشى المقاهي لأنه يعتقد أن الغرب يدمّر الأسرة، بل لأنه يرى فيها رمزًا لمجتمع لم يعد بحاجة إليه أو إلى أيديولوجيته، ولا يصوّت لها".
وذهب الخبير القانوني، محسن برهاني، إلى أبعد من ذلك، فكتب أن هذا النوع من التفكير "لا يمنح أي قيمة لحرية اختيار المواطنين"، مضيفًا أنه حتى الأنظمة الاستبدادية في الماضي لم تسعَ إلى تنظيم أو ضبط المقاهي.
وما تكشفه هذه السجالات لا يتعلق بالقهوة بقدر ما يتعلق بالسلطة. فمع تراجع آليات السيطرة التقليدية، اكتسبت أماكن تبدو عادية دلالة سياسية، لتتحول إلى مساحات يتجسد فيها- بهدوء وبوضوح- الصراع على مستقبل إيران الاجتماعي.

يتبع مقال وزير الخارجية الإيراني الأسبق، محمد جواد ظريف، الأخير في مجلة "فورين أفيرز"، نمطًا مألوفًا في سردياته: إعادة صياغة تصعيد طهران العسكري وقمعها الداخلي؛ بوصفهما ردود فعل على الضغوط الخارجية، بدلاً من كونهما خيارات داخلية مقصودة.
ويجادل ظريف بأن العلاقات بين إيران والولايات المتحدة علقت منذ فترة طويلة في دورة من "الأمننة"؛ حيث يرد كل طرف بشكل دفاعي على تصرفات الآخر.
وكتب أن إيران "أُجبرت" على إعطاء الأولوية للإنفاق العسكري على التنمية، بسبب هجمات العراق وإسرائيل والولايات المتحدة.
غير أن هذا الطرح يقلل من دور إيران نفسها في تشكيل هذا المسار.
وعلى العكس من رواية ظريف، فقد اكتسب ميل النظام الإيراني نحو "الأمننة" الزائدة زخمًا بعد الحرب مع العراق، لا سيما في عهد الرئيس الراحل، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي ساهم في ترسيخ دور العسكر في السياسة والاقتصاد كركيزة لإعادة الإعمار والبقاء بعد الحرب.
مع ذلك، يُلقي ظريف بمسؤولية التطور غير المتوازن في إيران على الخارج.
ويُلقى باللوم على الضغوط الغربية، وليس على قرارات قيادة إيران، في نظام توسعت فيه برامج الصواريخ، بينما تراجعت قطاعات الرفاهية مثل الإسكان والتوظيف والرعاية الصحية.
والانطباع الذي يرسمه هو أن الأولويات الاستراتيجية لإيران فُرضت عليها بدلًا من أن تكون خيارًا لها.
ويقترح ظريف أيضًا أن تخفيف الضغط من واشنطن سيدفع طهران إلى خفض التصعيد، لكن هذا الادعاء يتناقض مع روايته الخاصة لما حدث بعد الاتفاق النووي لعام 2015.
فمن بين الإنجازات، التي كان ظريف يشير إليها كثيرًا، رفع العقوبات، ليس فقط عن البرنامج النووي الإيراني، بل أيضًا عن القيود المتعلقة بالسلاح، بما في ذلك العقوبات على "إيران إير"، ما سمح للخطوط الجوية الإيرانية بتحديث أسطولها.
ومع ذلك، حسب رواية ظريف، لم تؤدِ تسهيلات العقوبات إلى ضبط النفس.
وفي مقابلة عام 2021 مع الاقتصادي سعيد لیلاز، أقر ظريف بأن رحلات "إيران إير" استُخدمت من قِبل الحرس الثوري لنقل الأسلحة إلى سوريا، مع زيادة هذه الرحلات بشكل حاد بعد الاتفاق النووي. وعندما أبدى ظريف مخاوفه لقائد فيلق القدس حينها، قاسم سليماني، أجابه سليماني بأن "إيران إير أكثر أمانًا".
ووصف ظريف لاحقًا هذا الديناميك بـ "هيمنة ساحة المعركة على الدبلوماسية"، وهو اعتراف بأن القرارات الرئيسة بشأن التصعيد العسكري اتُخذت داخل هيكل السلطة الإيراني، وليست مفروضة من الخارج.
فعليًا، شهدت الفترة التي أعقبت الاتفاق النووي توسعًا في الاستثمار ببرامج الصواريخ وتعميق شبكة الوكلاء الإقليميين لإيران، بتمويل جزئي من الموارد الجديدة المتاحة.
ومع ذلك، يعرض ظريف في مقاله بمجلة "فورين أفيرز" (الشؤون الخارجية) زيادة تخصيب اليورانيوم وقمع الاحتجاجات الداخلية كاستجابات للضغوط الغربية، مجدّدًا بذلك نقل المسؤولية عن القمع العنيف بعيدًا عن النظام الإيراني.
وكتب: "لقد غذّت الأمننة الخارجية لإيران عاملاً موازيًا في الداخل؛ حيث تبنت الدولة نهجًا أكثر صرامة في التعامل مع التحديات الاجتماعية الداخلية، مستجيبةً إليها بقيود أشد".
وينطبق نمط مماثل على رواية ظريف لدور إيران في سوريا.
ففي المقابلة نفسها عام 2021، أشار إلى أن التدخل العسكري المباشر لإيران جاء بعد زيارة سليماني لموسكو، مؤطرًا التصعيد بوصفه نتاجًا لاستراتيجية روسية تقوض الاتفاق النووي، لا كقرار اتخذته قيادة إيران.
وغالبًا ما يغيب دور المرشد علي خامنئي والمؤسسات الأمنية الإيرانية عن هذا السرد.
ويمتد الميل إلى إخراج المسؤولية إلى الخارج ليشمل مجالات أخرى أيضًا.
فعقب الاتفاق النووي، رُفع الحجز عن أصول إيرانية وأُطلق سراح بعض مزدوجي الجنسية، ما رفع توقعات التهدئة. ومع ذلك، تلت ذلك موجة جديدة من اعتقالات مزدوجي الجنسية، وهو نمط يُنظر إليه على نطاق واسع كأداة ضغط متعمدة، وليس استجابة للضغط الخارجي.
ويصف مقال ظريف أيضًا الضربات الإسرائيلية في يونيو (حزيران) 2025 بأنها "غير مبررة"، دون الإشارة إلى عقود من الخطاب الرسمي الإيراني الداعي لتدمير إسرائيل أو توسع مجموعات الوكلاء المسلحة على حدودها.
كما يغيب السياق الأشمل للمواجهة الحالية- بما في ذلك هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، الذي أشاد به المسؤولون الإيرانيون.
ولقد أتيحت لإيران عدة فرص لكسر الدورة التي وصفها ظريف، منذ السنوات الأولى بعد الثورة، وحتى فترة ما بعد الاتفاق النووي. وفي كل مرة، اتخذت قيادتها قرارات عززت التصعيد العسكري والقمع بدلًا من الحد منهما.
والسؤال الذي يثيره مقال ظريف ليس ما إذا كانت الضغوط الخارجية مهمة.. بل لماذا يتم حذف الفاعلية الداخلية من السرد؟

لم يتبقَ سوى أسبوع واحد على اللقاء المفصلي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي، دونالد ترامب؛ وهو لقاء قد يكون له تأثير مباشر على مستقبل النظام الإيراني، وعلى شخص المرشد علي خامنئي نفسه.
ومن المقرر أن يتوجه نتنياهو الأسبوع المقبل إلى أميركا؛ لإجراء مشاورات ومفاوضات مع ترامب بشأن خطة شاملة للتعامل مع إيران، وما تبقى من قواتها الوكيلة.
وفي الظروف الراهنة، يبدو أن أولوية ترامب الأساسية تنصبّ على التركيز على إزاحة رئيس فنزويلا، نيكولاس مادورو. إلا أن نتنياهو يسعى إلى إقناع ترامب إما بالمشاركة المباشرة إلى جانب إسرائيل في شن هجوم على إيران، أو على الأقل منحه "الضوء الأخضر" لدعم هذا الهجوم، والمشاركة في الدفاع عن إسرائيل في حال ردّت طهران بهجمات صاروخية محتملة.
وفي هذا السياق، وفي وقت تحدث فيه ترامب أخيرًا عن استعداده لإسقاط مادورو، أعاد وزير دفاعه، بيت هيغسيث، إدخال النظام الإيراني إلى المشهد، معلنًا أن الجيش الأميركي سيجري تعزيزه بحيث يمكن، عند الضرورة، تكرار إجراءات شبيهة بالهجوم على المنشآت النووية الإيرانية.
وبالتزامن مع الزيارة المرتقبة لنتنياهو إلى واشنطن، حاول النظام الإيراني إرسال رسائل ردع إلى إسرائيل وأميركا من خلال استعراض قدراته الصاروخية. ويأتي إطلاق صواريخ من مناطق مختلفة داخل إيران، إلى جانب تصريحات قائد القوة البحرية في الحرس الثوري، علي رضا تنكسيري، بشأن صاروخ يتجاوز مداه 1300 كيلومتر، في هذا الإطار؛ وهي خطوات تُعد تهديدًا صريحًا لإسرائيل وأميركا وحلفائهما الإقليميين.
وما يُستشف من الوضع الداخلي في إيران هو أن خامنئي وضع جانبًا جزءًا كبيرًا من أولويات البلاد، ولا سيما إدارة الحياة اليومية للمواطنين، وركّز جهده الأساسي على زيادة إنتاج الصواريخ. ويستند هذا النهج إلى قناعة مفادها أن الهجمات الصاروخية للنظام الإيراني خلال حرب الـ 12 يومًا كانت فعّالة، ويمكنها في المستقبل أيضًا أن تمنع هجومًا جديدًا من إسرائيل وأميركا، أو حتى أن تُلحق الهزيمة بالطرف المقابل في حال اندلاع حرب.
وهذه هي الصورة، التي يقدّمها قادة الحرس الثوري إلى خامنئي، وقد قبل بها، في حين تشير الشواهد إلى أن هذه الصورة بعيدة جدًا عن الواقع. فالعديد من كبار قادة الحرس، الذين كانوا يتحدثون قبل الحرب عن قدرة ردع حاسمة، لم يشهدوا حتى بدايتها، وقُتلوا في الدقائق الأولى. كما أن مقتل عدد كبير من كبار القادة والمسؤولين عن البرنامج النووي في اللحظات الأولى، كشف أن التقديرات السابقة للقدرات العسكرية الإيرانية كانت مبالغًا فيها إلى حدّ كبير.
وفي هذا السياق، صرّح الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، مؤخرًا في خطاباته بأن قادة الحرس الثوري يقدّمون صورة غير صحيحة عن قدراتهم العسكرية. وروحاني، الذي ترأس لسنوات المجلس الأعلى للأمن القومي، شدد على أن هذه الادعاءات طُرحت سابقًا أيضًا، لكنها لم تكن منسجمة مع الواقع. ويبدو أن هذه التصريحات تحمل، إلى جانب مخاطبة الرأي العام، رسالة مباشرة إلى خامنئي.
وخلال الأشهر الماضية، سعى روحاني، من خلال عقد اجتماعات مع وزراء ونواب حكومته السابقة، عمليًا إلى إيصال وجهات نظره إلى خامنئي، وفي الوقت نفسه إلى أميركا وأوروبا. فهو من جهة قلق من انهيار كيان النظام ككل، ومن جهة أخرى يسعى إلى لعب دور أكثر بروزًا في معادلات السلطة المستقبلية. ويبدو أن روحاني يحاول تقديم نفسه خيارًا قادرًا، في حال إقصاء خامنئي أو إضعافه، على التوصل إلى اتفاق مع الغرب والحفاظ على نسخة معدّلة من النظام الإيراني.
ومع ذلك، تواجه هذا السيناريو عوائق جدية، بدءًا من احتمال إقصاء روحاني نفسه في صراعات مراكز القوة، وصولاً إلى الرفض الواسع من قِبل الشعب الإيراني، الذي لا يريد خامنئي ولا شخصيات، مثل روحاني أو خاتمي أو أحمدي نجاد.
وفي هذا السياق، أظهر خامنئي حتى الآن أنه لا يأبه بانتقادات روحاني، ويعتمد أكثر فأكثر على الحرس الثوري؛ سواء في القمع الداخلي أو في المواجهة الخارجية. وقد انعكس هذا التوجه أيضًا في مشروع موازنة العام المقبل، إذ تعتزم الحكومة، في ظل الركود الاقتصادي وتقلّص حجم الاقتصاد، زيادة الضغط الضريبي بشكل ملحوظ، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات وزيادة العبء على المواطنين.
وفي المحصلة، لا تظهر أي مؤشرات على تغيير مسار صانعي القرار الأساسيين في النظام الإيراني. فاستمرار القمع الداخلي، وتصعيد التوترات الخارجية، وزيادة الإنفاق العسكري، وتجاهل المطالب الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، لا يؤدي فقط إلى تفاقم الأوضاع المعيشية، بل يزيد أيضًا من مخاطر الانزلاق إلى مواجهة عسكرية. وفي مثل هذه الظروف، بات مستقبل خامنئي ومصير الحكم أكثر ارتباطًا بالأزمة والغموض من أي وقت مضى.

أجرى المرشد الإيراني، علي خامنئي، تغييرات في قيادات كبار ضباط الجيش، المسؤولين عن القوات الجوية والدفاع الجوي، في خطوة تشير إلى تفضيل شخصيات عملية ومنخفضة الظهور، بعد خسائر الحرب وتصاعد المخاوف من صراع جديد مع إسرائيل.
وفي سلسلة من القرارات، التي أصدرها خامنئي، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، تم تعيين قادة جدد في مناصب حساسة داخل الجيش النظامي، لا سيما في القوات الجوية وهيئات الدفاع الجوي.
وتأتي هذه التطورات في ظل ضغوط اقتصادية متزايدة وقلق واسع من احتمال اندلاع حرب جديدة، وهو ما يقول محللون إنه ساهم في الانخفاض الحاد الأخير للعملة الإيرانية.
القادة الجدد
في وقت سابق هذا الأسبوع، عيّن خامنئي العميد بهمن بهمرد قائدًا جديدًا للقوات الجوية للجيش، خلفًا للعميد حميد وحيدي.
وكان بهمرد قد شغل منذ 2023 منصب نائب رئيس العمليات المؤقت في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، وتولى فعليًا هذا الدور بعد مقتل نائب رئيس العمليات السابق، اللواء مهدي رباني، خلال الهجمات الإسرائيلية.
وعلى الرغم من خبرته العملية الرفيعة، بقي بهمرد شخصية منخفضة الظهور ضمن المؤسسة العسكرية الإيرانية، مع بروز إعلامي محدود مقارنة ببعض من سبقه.
ويبدو أن تعيينه يشير إلى تفضيل الكفاءات الفنية والعملية على الظهور الإعلامي في وقت حساس لقدرات إيران الجوية.
وفي الوقت نفسه، تم تعيين العميد علي رضا إلهامي قائدًا للقيادة المشتركة للدفاع الجوي "خاتم الأنبياء" وقوات الدفاع الجوي في الجيش.
وكان إلهامي قد قاد سابقًا جامعة الدفاع الجوي "خاتم الأنبياء"، ويُعتبر أيضًا شخصية غير معروفة خارج الأوساط العسكرية، مع قضاء معظم مسيرته المهنية في التدريب والتخطيط العملياتي أكثر من المناصب العامة.
وتُعنى القيادة المشتركة للدفاع الجوي "خاتم الأنبياء" بتنسيق الدفاع الجوي الإيراني عبر فروع الجيش المختلفة، ويجب عدم الخلط بينها وبين القيادة المركزية "خاتم الأنبياء"، وهي إحدى ركائز هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة المسؤولة عن تنسيق كل القوات العسكرية أثناء الأزمات الكبرى بما فيها الحروب.
وأما القادة الذين تم استبدالهم في هذه المناصب، فقد نُقلوا إلى أدوار يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها استشارية أو شرفية.
فقد تم تعيين وحيدي مستشارًا لشؤون الطيران لقائد الجيش، بينما عُيّن العميد صباحي فرد، قائد الدفاع الجوي للجيش منذ 2019 وقائد القيادة المشتركة للدفاع الجوي منذ فبراير (شباط) 2025، مساعدًا لقائد الجيش لشؤون الدفاع الجوي.
التغييرات تتجاوز القوات الجوية
توسعت إعادة الهيكلة لتشمل ما هو أبعد من القوات الجوية. ففي نوفمبر (تشرين الثاني)، تمت إقالة قائد قوات الجيش البرية، العميد كيومرث حيدري، واستبداله بالعميد علي جهان شاهي، الذي كان نائب رئيس التقييم في القيادة المركزية "خاتم الأنبياء".
وعُيّن حيدري لاحقًا قائدًا بالوكالة للقيادة المركزية "خاتم الأنبياء"، وهو منصب أعلى بكثير.
وشهدت القيادة المركزية نفسها تغييرات كبيرة؛ حيث عُيّن اللواء علي عبد اللهي قائدًا في سبتمبر (أيلول) بعد مقتل كل من اللواء غلام علي رشيد وخليفته اللواء علي شادماني، خلال الهجمات الإسرائيلية. ولم يُعلن عن تعيين عبد اللهي رسميًا إلا في أوائل الشهر نفسه.
غياب التعليق الإعلامي
وعلى الرغم من حجم هذه التحولات، قدمت وسائل الإعلام الإيرانية القليل من التعليق أو التحليل، حيث اقتصرت التغطية إلى حد كبير على العناوين التي وصفت التحركات بأنها "تغييرات مهمة".
واستثنى موقع "خبر أونلاين" ذلك، معتبرًا أن تعيين علي رضا إلهامي قائدًا للقيادة المشتركة للدفاع الجوي "خاتم الأنبياء"، وقوات الدفاع الجوي في الجيش يعكس "سياسة الجيش بالاعتماد على قادة ذوي خبرة متخصصة طويلة الأمد"، لافتًا إلى خبرته في التدريب والتخطيط العملياتي ومسيرته منخفضة الظهور.
وقد يشير تأكيد موقع "خبر أونلاين" قلة ظهور إلهامي الإعلامي إلى الجدل المحيط بادعاء غير مؤكد خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا بأن الدفاعات الجوية الإيرانية أسقطت مقاتلة إسرائيلية من طراز F-35، وهو الادعاء الذي تم تداوله على نطاق واسع في الإعلام الرسمي، بما في ذلك هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، ولم يُثبت صحته.
واعترف رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، بيمان جبلي، في وقت سابق من شهر ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بأن بث التقرير الكاذب أضر بمصداقية الهيئة، مضيفًا أن المسؤولين العسكريين قد قدموا تلك المعلومات.
وكان صباحي فرد، الذي كان قائد الدفاع الجوي آنذاك، قد ظهر كثيرًا في وسائل الإعلام قبل الحرب، مؤكّدًا قدرة إيران على مواجهة الطائرات المتقدمة مثل F-35"". وفي أحد تصريحاته الأخيرة في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وصف الأضرار، التي ألحقتها إسرائيل بالمعدات الإيرانية، بأنها "طبيعية"، وادعى استعادة سريعة لكل من المعدات والكوادر البشرية.

مع اقتراب نهاية عام 2025، أخذت تداعيات عامين من الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط، التي اندلعت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بالانحسار تدريجيًا، لتكشف عن إعادة اصطفاف إقليمي أقل صخبًا، لكنه أعمق أثرًا في موازين القوة في المنطقة.
فالهجوم الذي شنّته حركة حماس، و"حرب الـ 12 يومًا" بين إيران وإسرائيل في يونيو (حزيران) الماضي، والضربات الإسرائيلية المتواصلة ضد الجهات المتحالفة مع إيران، لم تُنهِ صراعات المنطقة، لكنها غيّرت الطريقة التي تدير بها الدول هذه الصراعات الآن.
وبدلاً من الدبلوماسية الكبرى أو الاتفاقيات الرسمية، بدأ يتشكّل اصطفاف فضفاض نابع من تداخل ضرورات أمنية وسياسية واقتصادية.
ويمتد هذا القوس غير الرسمي من الاستقرار من بغداد إلى دمشق، ليس كمبادرة سلام، بل كعامل يحدّ من النفوذ الإقليمي لإيران، من خلال انسجامه مع منطق «اتفاقيات أبراهام» وممارسته ضغطًا متزايدًا على شبكة الوكلاء التي استخدمتها طهران تاريخيًا لإسقاط قوتها في المنطقة.
وقد تزامن هذا التحول مع مسار إيراني موازٍ، تمثّل في تحركات دبلوماسية، لا سيما تجاه السعودية ودول عربية أخرى مجاورة، بهدف الحفاظ على هامش للمناورة حتى في الوقت الذي تتعرض فيه شبكة وكلاء طهران لضغوط متزايدة.
ويكتسب هذا النهج المزدوج أهمية خاصة، إذ يؤثر في الحسابات الإقليمية مع سعي إيران في آنٍ واحد إلى امتصاص الضغوط ومنع تبلور جبهة أكثر تماسكًا وعلنية ضدها.
العراق.. تعافٍ جزئي لكنه هش
في العراق، تكشف تداعيات الانتخابات الأخيرة، ومحاولة الحكومة القصيرة الأمد تصنيف حزب الله اللبناني والحوثيين كمنظمات إرهابية- قبل التراجع السريع عن ذلك- عن صراع أعمق حول مسألة السيادة.
وثمة كتلة ناشئة من الفاعلين السياسيين والدينيين والمؤسساتيين تدفع باتجاه تعزيز تماسك الدولة، في حين تسعى الشبكات المدعومة من إيران إلى الحفاظ على النظام الهجين المسلح- السياسي المتجذر منذ القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في عام 2014.
وقد حذّر رجال دين بارزون مرتبطون بدائرة المرجع الأعلى، آية الله علي السيستاني، مرارًا من أن استمرار نفوذ الميليشيات يقوّض الوحدة الوطنية، ويُفرغ سلطة الدولة من مضمونها.
وفي الوقت نفسه، تُعقّد التطورات الداخلية في العراق موقع طهران. فجهود توسيع إنتاج الغاز المحلي، وتقليل الاعتماد على الواردات الإيرانية، وجذب الاستثمارات الغربية بعد انسحاب الشركات الروسية الخاضعة للعقوبات، بدأت تُعيد ببطء تشكيل الآفاق الاقتصادية.
كما أن تحسّن التنسيق- وإن كان هشًا- بين بغداد وحكومة إقليم كردستان بشأن تقاسم الإيرادات وضبط الحدود، قد ضيّق الفجوات المؤسسية التي طالما استغلتها إيران.
وتظل هذه التحولات تدريجية وغير متكافئة، كما أن استدامتها غير مؤكدة. غير أنها مجتمعة تشكّل الركيزة الأولى لإعادة اصطفاف إقليمي أوسع، يستند بدرجة أقل إلى الأيديولوجيا وبدرجة أكبر إلى قدرة الدولة والضرورة الاقتصادية.
وقد يثبت العراق أيضًا أنه الحلقة الأضعف؛ فسياساته لا تزال متقلبة، والجهات المتحالفة مع إيران تحتفظ بشبكات تنظيمية ومالية عميقة. ومع ذلك، فإن حتى مستوى محدودًا من التماسك في مجالات الأمن والطاقة والحكم من شأنه أن يُرجّح الكفة الاستراتيجية في المشرق بطرق طالما اعتُبرت غير قابلة للتحقيق.
سوريا.. استقرار حذِر وضعف بنيوي
أدى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا قبل عام، وصعود سلطة انتقالية ذات توجهات سلفية، إلى فتح مرحلة من عدم اليقين، تتسم بمخاطر جسيمة، لكنها تفرض أيضًا قيودًا جديدة على الفاعلين الخارجيين.
ومن غير المرجح أن تنضم سوريا قريبًا إلى "اتفاقيات أبراهام"، أو أن تسعى إلى تطبيع رسمي مع إسرائيل. ومع ذلك، فإن الاتصالات الهادئة التي تشمل دمشق وإسرائيل وقطر- وتهدف إلى الحد من التداعيات، وكبح الميليشيات، وإرساء تفاهمات ضيقة بحكم الأمر الواقع- تشير إلى نشوء إطار أمني براغماتي، وإن كان حذرًا.
وقد زادت الأحداث خارج حدود سوريا من حدة الحساسيات الإقليمية.
فمحاولة إسرائيل استهداف قادة من حماس في قطر، والتي فشلت في قتل أهدافها المرصودة، أثارت قلق عدد من الشركاء العرب للولايات المتحدة، وربما أثّرت في التفكير الاستراتيجي حتى في الحالات التي ظل فيها الخطاب العلني متحفظًا.
غير أن الأثر الإقليمي الأهم يتمثل في سوريا، التي لم تعد منسجمة بالكامل مع الأولويات الاستراتيجية لإيران. فدولة سوريا آخذة في الاستقرار، ومتوافقة على نحو عام مع العراق والأردن، من شأنها أن تقيّد بشدة الممرات البرية والجوية التي استخدمتها إيران طويلاً لإمداد حزب الله في لبنان.
وتؤكد عمليات اعتراض شحنات أسلحة إيرانية عبر الأراضي السورية والأردنية، من قِبل إسرائيل والأردن في الآونة الأخيرة، أن إيران قد لا تزال تنظر إلى سوريا كنقطة عبور لأسلحتها.
نمط آخذ في التشكل
يتقاطع هذا الاصطفاف غير الرسمي بين بغداد ودمشق مع منطق «اتفاقيات أبراهام»، التي حدّدتها استراتيجية الأمن القومي الأميركية الصادرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، في عهد إدارة ترامب، بوصفها أولوية للولايات المتحدة في تعزيز أمن المنطقة.
وتقدّم الوثيقة تطبيع العلاقات العربية والإسلامية مع إسرائيل لا كإنجاز تاريخي أو إرث سياسي، بل كإطار عملي يخدم أغراض الدفاع الصاروخي، والأمن البحري، فضلاً على تبادل المعلومات وتقاسم الأعباء على المستوى الإقليمي.
وبينما لا تزال السعودية وقطر وعُمان والكويت خارج الاتفاقيات رسميًا، فإن أنماط التعاون الفعلي المتزايدة- عبر تنسيق الدفاع الجوي، ودمج أنظمة الإنذار المبكر، وترتيبات الأمن البحري، وتبادل المعلومات الاستخباراتية- تشير إلى أن الاتفاقيات تعمل بالفعل كمبدأ منظِّم لدول مترددة في تقديم التزامات علنية.
فالعمود الفقري رسمي، لكن الهياكل الداعمة باتت على نحو متزايد غير رسمية، ما يُبقي الإطار قائمًا دون أن يُلزم كل مشارك بالالتزام العلني.
وتعكس اللغة المتحفظة لاستراتيجية عام 2025 تحولاً أوسع في مقاربة واشنطن؛ فبدلاً من الاعتماد أساسًا على الهيمنة الأميركية، يبدو أن الولايات المتحدة تركز الآن على احتواء إيران عبر تعزيز هياكل إقليمية مرتكزة على "اتفاقيات أبراهام"، ومكمّلة باصطفافات ناشئة في العراق وسوريا.
وعبر أرجاء المنطقة، بدأ نمط واضح في التبلور. فالتعافي المؤسسي غير المتكافئ في العراق، والاستقرار الحذر في سوريا، وتشديد الأردن لإجراءات أمن الحدود، وتوسّع التنسيق بين الدول الخليجية، والموقف الأمني الإسرائيلي المستدام، تشكّل معًا ملامح أكثر بنية مضادة تماسكًا شهدتها المنطقة منذ أكثر من عقد.
ومع ذلك، يبقى الصراع غير محسوم. فما زالت إيران تحتفظ بقدرات كبيرة، وشبكات تكيفية، وقدرة مثبتة على إعادة البناء وإعادة التكيّف.
غير أن قوس بغداد- دمشق يمثل تحديًا للاستراتيجية الإقليمية لطهران، لا يقوم على الإعلانات أو الصفقات الكبرى، بل على تداخل مصالح الدول والقيود العملية، وهو اصطفاف تشكّل بدافع الضرورة، وليس التخطيط المسبق.

أثار الدعم الأخير، الذي قدّمته الصين لمطالب دولة الإمارات، بشأن الجزر الثلاث، موجة انتقادات علنية غير معتادة لبكين من جانب أنصار التيار المتشدد في طهران.
غير أن ردود الفعل الرسمية جاءت متحفظة، إذ وصفت وزارة الخارجية الإيرانية هذه المطالب بأنها "لا أساس لها"، ووجّهت انتقاداتها إلى الإمارات، لا إلى الصين.
وحتى قناة "برس تي في" الحكومية الناطقة بالإنكليزية سعت إلى تلطيف موقف بكين، قائلة إن الصين اكتفت بدعم حل سلمي "وفقًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي".
لكن هذه اللغة الدبلوماسية لم تُستخدم من قِبل المتشددين المتطرفين.
وكتب النائب المحافظ في البرلمان الإيراني، أحمد نادري، على منصة "إكس”: "يجب أن تعلم الصين أن إصدار بيان ضد السيادة الوطنية لإيران يُعدّ سوء تقدير في إطار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين".
وأضاف أن طهران "احتوت حتى الآن" مخاوفها بشأن معاملة المسلمين في شينغ يانغ و"تصرفت بعقلانية"، لكنها قد تعيد النظر إذا جرى تجاوز خطوطها الحمراء الإقليمية.
وكتب: "لا يمكن لبكين أن تعتبر مبدأ الصين الواحدة والسيادة على صخرة (جزيرة صغيرة) في بحر الصين الجنوبي خطًا أحمر غير قابل للتفاوض.. ثم تطبق معايير مزدوجة عندما يتعلق الأمر بالسلامة الإقليمية لإيران".
ليست زلة دبلوماسية
كان حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة "كيهان" المتشددة والمقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، أكثر مباشرة. ففي افتتاحية لاذعة، جادل بأن المنطق نفسه يتيح التشكيك بسيادة الصين على تايوان وبنغهو وكينمن وماتسو، التي تديرها تايبيه.
وحذّر شريعتمداري من أن إيران قد ترد بإحياء مطالبها بجزيرتي أريانا وزركوه، وحتى البحرين، التي بقيت تحت السيادة الإيرانية حتى أغسطس (آب) 1971.
وسارت وكالة "مهر" شبه الرسمية الإيرانية على النبرة نفسها. وجاء في افتتاحية لها: "لم يعد الأمر زلة دبلوماسية ناتجة عن جهل، بل هو خطأ جسيم لا يمكن إخفاؤه خلف الكلمات أو التبريرات"، متسائلة: "هل الصين نفسها مستعدة للتفاوض مع دول أخرى حول جزر تقع تحت سيادتها؟".
وامتد الانتقاد أيضًا إلى خارج المعسكر المتشدد؛ إذ أشارت صحيفة "جمهوري إسلامي"، المحسوبة على النظام الحاكم، والمموّلة من مكتب المرشد الإيراني، لكنها غالبًا ما تبدي تشككًا في علاقات إيران مع الصين وروسيا، إلى أن بكين انحازت الآن، وللمرة الثالثة خلال عامين، إلى جانب الإمارات.
وكتبت الصحيفة: "حتى لو قُبلت مثل هذه الفرضية بشأن الرئيس الصيني في المرة الأولى التي ارتُكب فيها هذا الخطأ، فإنها لا تفسر الخطأ الثاني ولا التصرف الحالي لوزير الخارجية”.
واتهمت الصين بتجاهل ملكية إيران للجزر الثلاث: أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، من أجل "انتزاع تنازلات أكبر من الإمارات"، وانتقدت وزارة الخارجية الإيرانية بسبب ما وصفته بالسلبية حيال مواقف مماثلة اتخذتها كل من الصين وروسيا.
نقد ذاتي
ووصفت مجلة "امروز وفردا" الإلكترونية هذه القضية بأنها اختبار للدبلوماسية الإيرانية ولمدى التزام شركائها بالمبادئ الأساسية.
وكتبت: "من منظور بكين، قد يكون هذا توازنًا اقتصاديًا وسياسيًا، لكن من وجهة نظر طهران، فإن الدخول في مسألة السلامة الإقليمية يتجاوز خطًا أحمر واضحًا”.
ووصف الدبلوماسي السابق، كورش أحمدي، في مقال نشرته صحيفة "سازندكي" وأعادت نشره أيضًا وكالة "إرنا" الرسمية، هذا المسار بأنه مقلق للغاية. وربط بين تأييد الصين الأول في ديسمبر (كانون الأول) 2022، وتصريحات مماثلة لروسيا في يوليو (تموز) 2023، ثم إشارات لاحقة من الاتحاد الأوروبي إلى ما وصفه بـ "احتلال" إيران للجزر في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 وأكتوبر 2025.
وكتب أحمدي: "في ظل غياب التفاوض والانخراط مع الغرب، لا ترى بكين وموسكو أي التزام بأخذ حساسيات إيران في الحسبان ضمن أولوياتهما”.
وختم الصحافي إحسان منصوري تلخيص المزاج العام بعبارة صريحة: "للأسف، أصبحنا ضعفاء جدًا، وأصبحت السعودية والإمارات اليوم أهم بالنسبة إلى الصين وروسيا مما نحن عليه".