وذكر موقع ""Defense Feeds الإخباري- التحليلي، يوم الاثنين 1 ديسمبر (كانون الأول)، أن هذا الحدث أثار مخاوف متزايدة من احتمال وقوع التكنولوجيا العسكرية المتقدمة للولايات المتحدة في أيدي خصومها العالميين.
وفي 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أطلقت إسرائيل ثماني قنابل على حي حارة حريك الخاضع لسيطرة حزب الله في بيروت، إلا أن إحدى هذه القنابل لم تنفجر وسقطت سليمة.
وأصبح استرجاع هذه الذخيرة، التي تفيد التقارير بأن حزب الله والسلطات اللبنانية حصلا عليها قبل تدخل واشنطن، محور التوترات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة ولبنان وعدد من القوى الإقليمية.
وتُعد قنبلة "GBU-39B" واحدة من أهم الذخائر الدقيقة في الترسانة الأميركية؛ فهي سلاح صغير الحجم بتصميم منخفض البصمة الرادارية، وتتراوح قيمة كل واحدة منها بين 70 و90 ألف دولار.
ولكن أهميتها الحقيقية تكمن في تقنيات التوجيه المتقدمة والأنظمة الإلكترونية المعقدة والمواد المركبة التي تعتمد عليها؛ وهي تقنيات استثمرت واشنطن مليارات الدولارات في تطويرها.
وتُمكّن هذه القنابل مقاتلات مثل "F-15E" و"F-35" من إطلاق ذخائر دقيقة من مسافات آمنة.
واشنطن تحاول حماية التكنولوجيا العسكرية الحساسة
يُعد عدم انفجار مثل هذه القنبلة حدثًا نادرًا للغاية، ويعتبره المسؤولون الأميركيون "أسوأ سيناريو ممكن"؛ لأن استعادتها سليمة يتيح لخصوم، مثل إيران أو الصين أو روسيا، فرصة الوصول إلى أنظمة مقاومة التشويش على GPS والرقائق الإلكترونية الدقيقة.
وتخشى واشنطن أن يؤدي حصول هذه الجهات على هذه التقنيات إلى تسريع جهودها في "الهندسة العكسية" وصناعة أسلحة دقيقة خاصة بها.
وبعد تأكيد عدم انفجار القنبلة، طلبت الولايات المتحدة فورًا من الحكومة اللبنانية إعادتها، محذّرة من أن حزب الله أو إيران قد يستخدمان مكوّناتها لرفع قدرات منظوماتهما الصاروخية أو المسيّرة.
وتستند مخاوف واشنطن إلى سوابق لبلدان استغلّت بقايا الأسلحة الغربية لتطوير برامجها العسكرية، مثل ما قامت به روسيا في أوكرانيا وسوريا، وكذلك الصين في مشاريع "الهندسة العكسية" للمعدات الأجنبية.
ويقول مسؤولون أميركيون إن البيانات الموجودة في هذه القنبلة قد تساعد في تحسين أنظمة توجيه صواريخ فاتح أو المسيّرات التابعة لجماعات إيران الوكيلة.
لبنان بين ضغوط داخلية وخارجية
تعيش بيروت وسط ضغوط داخلية وإقليمية متزايدة. فنفوذ حزب الله في المنطقة التي وُجدت فيها القنبلة يجعل إعادتها لواشنطن أمرًا معقّدًا، ويثير مخاوف من استخدام الذخيرة كورقة تفاوض سياسي أو أداة دعائية.
وفي الوقت نفسه، تخشى الحكومة اللبنانية أن يؤدي عدم التعاون مع الولايات المتحدة إلى عقوبات أو تقليص المساعدات الدولية.
وأعلنت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) استعدادها للوساطة، لكنها تملك صلاحيات محدودة في المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الله.
تداعيات استراتيجية على أمن المنطقة والعالم
ذكر موقع "Defense Feeds" أن تأثيرات هذا الحادث تتجاوز الشرق الأوسط، وقد دفعت بعض الدول إلى إعادة تقييم كيفية استخدام الذخائر المتقدمة في مناطق النزاع.
فاحتمال حصول الخصوم على ذخائر موجهة يمكن استعادتها سليمة بات يشكل تحديًا كبيرًا للعقيدة العسكرية الحالية.
وفي آسيا، أثارت هذه التطورات مخاوف من تسارع البرنامج التسليحي الصيني، خصوصًا في مجال أنظمة A2/AD"" التي تعتمد على أسلحة دقيقة.
ويمثّل ذلك ناقوس خطر للدول الحليفة للولايات المتحدة، مثل اليابان وكوريا الجنوبية والفيليبين، التي تواجه تهديدات صاروخية متنامية.
كما قد يؤثر هذا الحادث في سياسة تصدير الأسلحة الأميركية، ويؤدي إلى المزيد من القيود على بيع الذخائر المتقدمة لحلفاء الخطوط الأمامية، مثل الهند وسنغافورة.
إلى جانب حزب الله، يمكن أيضًا لـ "وكلاء" إيران في اليمن والعراق الاستفادة من هذه التقنيات.
ولهذا السبب، يعمل المخططون العسكريون في آسيا وأوروبا بهدوء على إعادة تقييم وسائل حماية التكنولوجيا الحساسة في ساحات الحروب بالوكالة.
دعوات لاعتماد أنظمة التدمير الذاتي
أثار الحادث نقاشًا جديدًا حول ضرورة دمج آليات التدمير الذاتي في الذخائر المتقدمة، بحيث تصبح المكوّنات الحساسة غير قابلة للاسترجاع في حال عدم انفجار السلاح.
وقد أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" أنها بصدد تصميم أنظمة مُشفّرة وقادرة على التعطيل عن بُعد في الجيل القادم من هذه الذخائر.