وقال حاجي كريم، في مقابلة مع موقع "ديده بان إيران" نُشرت يوم السبت 8 نوفمبر (تشرين الثاني): "الواقع أن وضع المياه في طهران يبعث على القلق بقدر ما حذّر منه الرئيس بزشكيان، وربما أكثر"، مضيفًا أن "هذا التحذير جاء متأخرًا للغاية".
وكان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، قد حذّر، يوم الخميس 6 نوفمبر الجاري، من أنه في حال لم تهطل الأمطار خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فسيتم تقنين المياه في طهران، وإن استمر الجفاف "فسيكون من الضروري إخلاء العاصمة".
وأشار حاجي كريم إلى "الانخفاض الحاد في منسوب المياه الجوفية في العاصمة"، موضحًا أن "62 في المائة من مياه طهران تُستمد من مصادر جوفية و38 في المائة من مصادر سطحية، وهذه الأخيرة إما نفدت أو على وشك النفاد".
كما شكّك في صحة الإحصاءات الرسمية المتعلقة بمخزون سدود طهران قائلًا: "القول إن متوسط المخزون في سدود العاصمة يبلغ خمسة في المائة فقط غير دقيق، والواقع أكثر رعبًا مما تعلنه الأرقام الرسمية".
وفيما تحدّثت بعض وسائل الإعلام الإيرانية عن بدء تقنين غير رسمي للمياه في طهران، قال حاجي كريم: "كان ينبغي البدء بهذا الإجراء منذ وقت طويل. طالبنا مرارًا في اجتماعاتنا مع مسؤولي قطاع المياه ببدء تقنين مياه طهران في وقت أبكر، رغم أن لذلك تبعاته الخاصة".
وأوضح أن المقصود بالتقنين هو "قطع المياه، على غرار الكهرباء، في ساعات محددة من اليوم وبحسب المناطق".
وبالتزامن مع تفاقم أزمة المياه في العديد من المحافظات الإيرانية، أعلن المدير العام لشركة مياه طهران، محسن أردكاني، أن وضع المياه في العاصمة "أحمر ومقلق".
حلول قصيرة الأمد غير ممكنة التطبيق
تُطرح حاليًا مجموعة من الحلول لمعالجة أزمة المياه، مثل استخدام أنظمة إعادة تدوير المياه، وتغيير أنماط الاستهلاك، وتطبيق أدوات ترشيد الاستخدام، والتعليم العام، وتقليل استهلاك المياه في الزراعة.
وقال رئيس اتحاد صناعة المياه: "إن هذه الحلول غير قابلة للتنفيذ على المدى القصير، لكن بعضها يمكن أن يعطي نتائج خلال بضعة أشهر"، موضحًا أنه "يمكن مثلًا إعادة تدوير مياه الصرف في المناطق المزدحمة لاستخدامها في المساحات الخضراء أو أبراج التبريد أو المراحيض، كما يمكن في المدى المتوسط مراجعة السياسات الزراعية للحد من استهلاك المياه في هذا القطاع".
وأضاف أن "الحل النهائي يتمثل في منع استخدام 30 مليون متر مكعب من مياه طهران في البناء أو الاستعمالات غير الضرورية. مياه الشرب لا ينبغي أن تُستخدم في المراحيض، ولا يجوز أن يُستهلك 1.8 مليار متر مكعب من المياه في الزراعة داخل محافظة طهران".
فشل سياسة نقل المياه
أعلنت الحكومة الإيرانية، في الأشهر الأخيرة، نيتها نقل المياه من مناطق أخرى إلى طهران، غير أن حاجي كريم أكد أن "سياسة نقل المياه فاشلة في الأساس".
وأوضح قائلًا: "للأسف، يظن بعض المسؤولين أن هذا المشروع سينقذ طهران، لكن منطقة طالقان نفسها تعتمد على الأمطار. فعندما لا تهطل الأمطار في طالقان، لن يكون هناك ما يملأ السد، وقد بات سد طالقان اليوم مهددًا بالجفاف الكامل".
انتقادات للبنية التحتية المتهالكة للمياه في طهران
أثار تحذير بزشكيان بشأن تقنين المياه في طهران، وإخلاء العاصمة، في حال عدم هطول الأمطار في ديسمبر المقبل، موجة انتقادات في وسائل الإعلام، بما فيها تلك المحسوبة على معارضي الحكومة.
وفي أحدث رد، وجّه مؤسس "مجمع الناشطين الاقتصاديين" في إيران، حامد باك طينت، انتقادًا إلى بزشكيان عبر منشور على "إنستغرام"، جاء فيه: "بدلاً من عقد اجتماعات عقيمة مع هيئة الأرصاد والاعتماد على المطر، ابحثوا عن 200 مليون دولار من تحت الأرض، خذوها من ميزانية أحد هذه المراكز الثقافية عديمة الفائدة، وأنفقوها على تجديد شبكة الأنابيب المتهالكة في طهران".
وفي أغسطس (آب) الماضي، قال مدير قسم الزلازل في مركز أبحاث الطرق والإسكان والتنمية الحضرية، علي بيت اللهي: "إن نحو 40 في المائة من شبكة مياه الشرب في البلاد قديمة ومتهالكة فعليًا". وأضاف أن "30 في المائة من الانهيارات الأرضية الكبرى ناجمة عن انفجار أنابيب المياه وتسرب كميات كبيرة منها".
ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة الطاقة الإيرانية، العام الماضي، فإن حجم تسرب المياه والمياه غير المحصلة في البلاد يبلغ نحو 1.9 مليار متر مكعب سنويًا، وهو ما يعادل استهلاك نحو 26 مليون إيراني من سكان المدن.
ويُقدّر حجم المياه المهدورة في طهران، جراء تسرب الشبكات، بنحو 130 مليون متر مكعب، أي ما يعادل تقريبًا ضعفي حجم مياه بحيرة "تشيتغَر" الصناعية.
وعلى مدى عقود، انشغل النظام الإيراني ببناء السدود وحفر الآبار العميقة بدلاً من الاستثمار في البنى التحتية، متجاهلاً تحذيرات الخبراء، ومُرجعًا أزمة المياه إلى قلة الأمطار.
وفي المقابل، عمد بعض المسؤولين إلى تبرير الجفاف ومشكلات المياه بخطابات خرافية وأيديولوجية، معتبرين أن "تفشي ظاهرة السفور وخلع الحجاب" هو السبب وراء شحّ الأمطار.