وأُقيم الحفل الحكومي، مساء الجمعة 7 نوفمبر (تشرين الثاني)؛ للكشف عن التمثال الجديد في ساحة "انقلاب" بطهران تحت عنوان "ستركعون مجددًا أمام الإيرانيين"، دون فرض أي قيود تتعلق بالملبس أو الحجاب الإجباري على المشاركين والداعمين للفعالية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تُقام فيها فعاليات حكومية، دون الالتزام بالقيود التي يفرضها النظام الإيراني، خصوصًا ما يتعلق بالحجاب الإجباري.
ففي السنوات الأخيرة، لجأ النظام مرارًا إلى هذا الأسلوب في مناسبات كبرى، مثل تشييع جنازة القائد السابق لفيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، أو مسيرات 11 فبراير (شباط) في المدن الكبرى، لإظهار صورة مختلفة عن ممارساته القمعية في الشوارع والأحياء.
وقبل يومين فقط من هذا الحفل، وصف رئيس القضاء في محافظة أصفهان، أسد الله جعفري، الحجاب الاختياري للنساء بأنه "سلوك مخالف للمعايير"، مشددًا على "ضرورة الوقاية من الظواهر الاجتماعية غير السليمة".
وطالب بالتعامل مع النساء اللواتي يرفضن الالتزام بالحجاب الإجباري.
وقال جعفري، يوم الخميس 6 نوفمبر: "بعض الأشخاص يقومون بسلوكيات مخالفة للمعايير ويتظاهرون بها، ما يخدش الحياء العام، وبما أن هذه الأفعال مخالفة للقانون، فهي جريمة مشهودة، وعلى القضاء أداء واجبه القانوني تجاهها".
وأكد هذا المسؤول القضائي الإيراني: "في مسار الوقاية من الأضرار والظواهر الاجتماعية غير السليمة، يجب أن تُعرّف السلوكيات والإجراءات ضمن إطار الشرع والقانون، ومن أبرز مظاهر ذلك الالتزام بالعفة في المجتمع، ولا ينبغي لأحد استغلال هذا الموضوع لأغراض نفعية".
وفي الوقت نفسه، تحدث عبد الله جوادي آملي، أحد المراجع الدينية الشيعية في إيران، عن "الحجاب الإجباري" قائلاً: "في زمن الجاهلية، لم تكن بعض النساء في القرى قادرات على الالتزام الكامل بالحجاب؛ بسبب القيود والظروف الاجتماعية. الحوزة والجامعة مكلفتان بالتعليم، لكن مهمتهما الأساسية هي إزالة الجهل. كذلك المساجد والحسينيات ملزمة بالتعليم إلى جانب التبليغ، لكن مهمتها الجوهرية أيضًا هي محو الجهل".
ممثل خامنئي: المشاكل المعيشية وعدم الالتزام بالحجاب الإجباري "منبعهما واحد"
كان حسين شريعتمداري، ممثل المرشد الإيراني، علي خامنئي، بصحيفة "كيهان"، قد ذكر يوم الأربعاء 5 نوفمبر، أن المشاكل المعيشية وعدم الاكتراث بالحجاب الإجباري "ينبعان من منبع واحد"، مؤكدًا: "من خلال نظرة عابرة لما يجري في الساحة الاقتصادية في البلاد، يمكن بوضوح رؤية أن مروّجي كشف الحجاب- وليس المغرر بهم- وكذلك الذين يفرضون الصعوبات المعيشية على الناس، يشربون من نبع واحد، وكلاهما يحملان حقدًا وعداءً للشعب والنظام".
وفي الأول من نوفمبر الجاري، أعرب شريعتمداري عن قلقه من اتساع ظاهرة رفض النساء للحجاب الإجباري، وكتب أن "ظاهرة كشف الحجاب المدمّرة والمضيّعة للعفة وصلت إلى مرحلة شبه العري".
وأضاف: "المثير للقلق أن بعض هؤلاء حين يتحدثون عن ضرورة مواجهة ظاهرة شبه العري لا يشيرون إلى حظر كشف الحجاب، وكأن كشف الحجاب لم يعد محرّمًا دينيًا أو قانونيًا أو إنسانيًا، وأصبح أمرًا مقبولاً، وكل ما يجب فعله هو الحيلولة دون وصوله إلى العري الكامل أو شبه العري".
رأي لجنة الثقافة في البرلمان الإيراني
قال المتحدث باسم لجنة الثقافة في البرلمان الإيراني، أحمد راستينة، في الأول من نوفمبر الجاري، لوكالة "إيلنا"، إن معارضي تنفيذ الحجاب الإجباري يسعون إلى "نشر الانحلال نفسه الذي دمّر الأسرة في الغرب" في المجتمع الإيراني، وبذلك يدفعون نحو "تفكك الأسرة باعتبارها الركن الأهم في الثقافة الإيرانية- الإسلامية".
وأضاف: "يجب على جميع المسؤولين أن يدركوا أن أهمية مسألة الحجاب تعود إلى ارتباطها بالأسرة وحمايتها".
تصريح تم نفيه لاحقًا
صرح عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محمد رضا باهنر، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خلال اجتماع مع وسائل الإعلام: "بعض الأشخاص أرادوا أن يكون الحجاب إجباريًا، أما أنا فلم أكن أؤمن يومًا بالحجاب الإجباري ولا أؤمن به الآن".
وأضاف أن "مشروع قانون الحجاب لم يعد قابلاً للمتابعة من الناحية القانونية والحقوقية، ولا توجد أي عقوبة مالية أو جزائية تتعلق بالحجاب".
وبعد هذه التصريحات، كتب المتحدث باسم مجلس تشخيص مصلحة النظام، محسن دهنوي، في 11 أكتوبر الماضي على حسابه في منصة "إكس": "مواقف باهنر لا تمثل المواقف الرسمية للمجمع أو مكانته القانونية".
وبعد أيام، تراجع باهنر عن تصريحاته السابقة، واعتبر الحجاب "ضرورة اجتماعية"، ودعا إلى معاقبة من يعارضون الحجاب الإجباري.
وفي الأسابيع الماضية، نُشرت تقارير عديدة عن إغلاق محال تجارية، من بينها مقاهٍ ومطاعم في مدن مختلفة، بسبب عدم الالتزام بالحجاب الإجباري.
وأكدت قيادة قوى الأمن التابعة للنظام الإيراني أن جميع المحال التجارية والأماكن العامة في إيران ملزمة بتطبيق الحجاب، مهددةً بإغلاقها أو ختمها بالشمع الأحمر، في حال مخالفة ذلك.