وأوضح غروسي، في مقابلة مع قناة "فرانس 24"، مساء الخميس 6 نوفمبر (تشرين الثاني)، أنّ البرنامج النووي الإيراني تعرّض لأضرار كبيرة بعد الهجمات التي استهدفت مواقع نطنز وأصفهان وفوردو، لكنّ إيران ما زالت تملك كمية كافية من اليورانيوم عالي التخصيب وقدرات فنية تمكّنها من إنتاج عدة أسلحة نووية في المستقبل القريب.
وأضاف: "ستحتاج إيران إلى وقت لإعادة بناء بنيتها التحتية الصناعية والتقنية، ويقدّر الخبراء أن هذه العملية قد تستغرق عامًا أو أكثر".
وأشار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن جزءًا كبيرًا من المواد النووية الإيرانية لا يزال في المنشآت التي تم استهدافها، موضحًا أن "هذه المواد تمكّنهم من تصنيع عدة قنابل نووية".
وتابع غروسي قائلاً: "النشاطات النووية في إيران اليوم محدودة للغاية، لديهم محطة في الجنوب وبعض الأنشطة الأخرى، ولا يُجرى حاليًا أي تخصيب لليورانيوم، لكن هذا لا يعني أنهم لن يفعلوا ذلك مستقبلاً".
الحوار هو الحل الوحيد
وصف غروسي، في جزء آخر من المقابلة مع "فرانس 24"، الهجمات الإسرائيلية والأميركية على المنشآت النووية الإيرانية بأنها تحوّل لافت من الدبلوماسية إلى استخدام القوة، واعتبرها تراجعًا عن سنوات من المفاوضات مع طهران.
وشدّد قائلاً: "يجب أن نعود إلى الدبلوماسية، لأن الحوار هو الحلّ المستدام الوحيد، وليس الهجوم أو التدمير".
وأشار المدير العام إلى أنّ التعاون بين إيران ومفتشي الأمم المتحدة تراجع بشكل حادّ بعد الحرب التي استمرّت 12 يومًا، قائلًا: "منذ ذلك الحين لم نتمكّن من العودة إلى الوضع السابق. فقد أقرّت إيران قانونًا داخليًا يفرض قيودًا على التعاون مع الوكالة".
ورغم ذلك، أكّد أنّ الاتصالات والمحادثات التقنية مع طهران ما زالت مستمرة، وأن الوكالة تسعى لاستئناف مسار المراقبة والتحقق.
وفي مقابلة أخرى مع صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، يوم الأربعاء 5 نوفمبر، حذّر غروسي من أنّ على طهران تحسين تعاونها مع مفتشي الأمم المتحدة بشكل جاد لتجنّب تصعيد التوتر مع الغرب.
وفي يوم الأحد 2 نوفمبر الجاري، قال مدير معهد الدراسات الأساسية، محمد جواد لاريجاني، السياسي الإيراني المحافظ، الذي شغل في السابق منصب كبير مستشاري المرشد علي خامنئي، إنّ طهران طرحت نظرية جديدة مفادها أنّ "الدولة التي تستطيع إنتاج قنبلة نووية في أقل من أسبوعين، تُثبت بحزم أنها لا تريد امتلاك القنبلة".
وفي 12 سبتمبر (أيلول) الماضي، وجّه 70 نائبًا في البرلمان الإيراني رسالة إلى رؤساء السلطات الثلاث وإلى المجلس الأعلى للأمن القومي، طالبوا فيها بتغيير "الفتوى السابقة" للمرشد علي خامنئي والسماح بصنع وامتلاك سلاح نووي "لتحقيق الردع".
نفي الادعاءات حول دور الوكالة في الهجمات
ردّ غروسي، خلال المقابلة، على الادعاءات التي تقول إن تقارير الوكالة كانت ذريعة للهجمات على إيران، مؤكّدًا أن "تقريرنا لم يتضمّن أي معلومات جديدة، لكنه للأسف تم تسييسه بشكل مفرط".
كما نفى التقارير التي تحدثت عن استخدام الذكاء الاصطناعي في استخلاص نتائج الوكالة، موضحًا: "تحليلاتنا يقوم بها مفتشون بشريون وليس آلات. نحن نستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي فقط لمعالجة جزء من البيانات، لا لاتخاذ القرارات أو الحكم على التزام الدول بتعهداتها".
وخلال الأشهر الأخيرة، وخصوصًا بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا، تعرض غروسي لهجوم شديد من مسؤولين إيرانيين؛ إذ وصفه بعضهم بأنه "عميل للموساد"، فيما دعت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، إلى إعدامه بتهمة التجسس لإسرائيل.
وفي 12 يونيو (حزيران) الماضي، أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارًا يدين إيران بسبب "عدم تقديمها تفسيرات موثوقة بشأن وجود مواد نووية غير معلن عنها في عدة مواقع"، وتمت المصادقة عليه بأغلبية الأصوات.
وشدّدت الوكالة على أنّه يجب استئناف عمليات التحقق الحيوية في إيران في أقرب وقت ممكن، بما في ذلك مراقبة مخزون يزيد على 400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب، وهو المخزون الذي تم التحقق منه آخر مرة قبل أيام قليلة من اندلاع الحرب.
وحذّر غروسي قائلاً: "إذا لم نتمكّن من استئناف عمليات التفتيش، فسنفقد الرؤية لما يجري في البرنامج النووي الإيراني، وهذا يشكّل خطرًا على نظام منع الانتشار النووي بأكمله".