وجاء في نصّ الحكم الصادر عن المحكمة: "تقرّر هذه المحكمة، بعد رفض الاعتراضات المقدَّمة، تأييد قرار منع الملاحقة الصادر كما هو دون تعديل".
وتضمّن الحكم أسماء المتهمين الثلاثة، وهم: العقيد بهرُوز عميد، والعقيد مهدي غياث وند، والرائد علي أصغر يعقوبي.
وكان فرع التحقيقات الأول التابع لمكتب المدعي العام العسكري في همدان قد أصدر في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي قرارًا بوقف ملاحقة هؤلاء الضباط الثلاثة.
تفاصيل الحادثة
تعود الحادثة إلى الأول من يوليو (تموز) الماضي، حين أطلق أفراد من القوات العسكرية النار بشكل عشوائي على ثلاثة مدنيين عند نقطة تفتيش في منطقة "تاريك دره" بمدينة همدان. وأسفر إطلاق النار عن مقتل شابين هما محمد مهدي عبائي وعلي رضا كرباسي، وإصابة ثالث بجروح.
وفي البداية، أفادت بعض التقارير بأن منفذي إطلاق النار ينتمون إلى قوات "الباسيج"، غير أن الوثائق، التي وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، أظهرت أن المتهمين الثلاثة من ضباط الحرس الثوري الإيراني.
روايات من أسر الضحايا
كشف مصدر مقرّب من عائلتَي الشابين القتيلين لـ "إيران إنترناشيونال" أن وسائل الإعلام التابعة للنظام تحاول تلفيق اتهامات أمنية لتشويه صورة الضحايا ودفع أسرهم إلى الصمت.
وأضاف المصدر أن الأجهزة الأمنية منعت العائلتين من الإدلاء بأي تصريحات للإعلام، وفي المقابل، نشرت وسائل إعلام رسمية تقارير زعمت أن الشابين كانا "جاسوسين لإسرائيل"، في محاولة لتبرير الجريمة.
اعتراض المحامين على قرار المحكمة
قدّم محامو أسر الضحيتين والشخص المصاب اعتراضًا رسميًا على قرار منع الملاحقة، مؤكدين أن المنطقة التي وقعت فيها الحادثة لم تكن منطقة عسكرية مغلقة أو خاضعة لحظر التجول، وأن المتهمين خالفوا تمامًا القوانين المنظمة لاستخدام السلاح.
وقال المحامون: "إن المتهمين أطلقوا النار من أسلحتهم الآلية على السيارة وركابها دون أي مبرّر، ولم تكن هناك ضرورة لاستخدام السلاح إطلاقًا".
وأضافوا أن "تصرفهم كان بطبيعته مميتًا، كما أن إطلاق النار وقع بعد عدة أيام من انتهاء الحرب مع إسرائيل، ومِن ثم فإن الادعاء بأن الظروف كانت حربية غير صحيح".
في المقابل، برّر المحقق العسكري قرار منع الملاحقة بالقول: "إن المتهمين شاركوا في المهمة طوعًا بدافع الشعور بالمسؤولية، وفي إطار مواجهة عناصر تابعة للموساد الإسرائيلي وحماية أمن المجتمع، رغم أنهم لم يكونوا ملزمين بالمشاركة".
وجاء في قرار المحكمة أيضًا: "نظرًا لعدم وجود أي دليل على الإدانة، ومع الإنكار الشديد للمتهمين، وبالاستناد إلى مبدأ أصالة البراءة، يُصدر قرار بمنع ملاحقتهم".
ويُذكر أن مراسم تشييع جثماني محمد مهدي عبائي وعلي رضا كرباسي، التي أُقيمت في 3 يوليو الماضي، شهدت هتافات احتجاجية من المشاركين ضد سياسات النظام الإيراني، حيث رددوا شعارات من بينها: "الموت للظالم".
وطالب الأهالي بـ "محاكمة المسؤولين عن مقتل الشابين".
تصاعد حوادث إطلاق النار العشوائي
أفاد موقع "هرانا" الحقوقي، في تقرير له، بأن إطلاق النار العشوائي من قِبل القوات العسكرية الإيرانية في مختلف أنحاء البلاد خلال عام 2024 أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 163 مدنيًا وإصابة 321 آخرين.
وأشار التقرير إلى أن البيانات المجمعة، خلال السنوات الخمس الماضية، تُظهر زيادة مقلقة في عدد ضحايا هذه الحوادث، إذ تضاعف العدد أكثر من مرتين مقارنة بالسنوات الخمس السابقة عليها.
وكانت "إيران إنترناشيونال" قد دعت متابعيها، في 2 يوليو الماضي إلى إرسال شهاداتهم حول نقاط التفتيش التي نُصبت في المدن عقب وقف إطلاق النار مع إسرائيل، بعد "حرب الـ 12 يومًا".
وردّ المواطنون برسائل صوتية ومرئية ومكتوبة، قالوا فيها إن القوات الأمنية أقامت نقاط تفتيش مكثفة داخل المدن، وتقوم بتوقيف السيارات لساعات طويلة وتفتيشها بالكامل، ما جعل المدن الإيرانية أشبه بالثكنات العسكرية.