وكان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قد أعلن، يوم الأربعاء 29 أكتوبر الجاري، إطلاق موقع إلكتروني رسمي جديد يسمح للإيرانيين المقيمين في الخارج بالعودة إلى وطنهم "بأمان"، من خلال التحقق مسبقًا مما إذا كانت هناك أي قضايا قانونية أو أمنية معلقة ضدهم داخل إيران.
ولكنّ الخشية من انتقام النظام لا تزال تردع كثيرين من الإيرانيين في الخارج عن العودة إلى بلادهم.
وفي ظل تزايد العقوبات الدولية المفروضة عليها، تحاول طهران إنعاش اقتصادها المعزول عبر استقطاب الاستثمارات والكوادر من جالياتها الكبيرة المنتشرة في العالم.
وأوضح عراقجي أن الموقع الجديد، التابع لوزارة الخارجية، يُعرف باسم "برسمان" (Porseman)، ويمكن للإيرانيين تسجيل بياناتهم الشخصية به؛ للتحقق مما إذا كانوا "خالين من المشكلات" قبل السفر إلى إيران.
وأضاف أن من يثبت خلوّ سجله القانوني من القضايا يتلقى موافقة مبدئية تظهر على شكل علامة "صواب" .
تحذير أميركي حاد
غير أن واشنطن كانت لها وجهة نظر مغايرة، إذ قالت وزارة الخارجية الأميركية؛ ردًا على استفسار من "إيران إنترناشيونال" حول المبادرة الإيرانية الجديدة، إن تحذيرها الشديد من السفر إلى إيران ما زال قائمًا.
وجاء في البيان: "لقد حذّرت وزارة الخارجية منذ فترة طويلة الأميركيين من السفر إلى إيران، وهذا التحذير أكثر صحة الآن من أي وقت مضى. فكل من له صلة بالولايات المتحدة، بمن في ذلك حاملو الجنسيتين الأميركية والإيرانية، يواجه خطرًا كبيرًا يتمثل في الاستجواب أو الاعتقال أو الاحتجاز داخل إيران".
منذ الثورة الإيرانية عام 1979 وأزمة احتجاز موظفي السفارة الأميركية في طهران، تسود علاقات عدائية عميقة بين إيران والولايات المتحدة مليئة بالشك المتبادل.
وقد بلغت العلاقات بين البلدين أدنى مستوياتها، عقب الهجمات الأميركية- الإسرائيلية، التي استمرت 12 يومًا ضد إيران (حرب الـ 12 يومًا)، في شهر يونيو (حزيران) الماضي.
وفي أغسطس (آب) الماضي، جدّدت وزارة الخارجية الأميركية تحذيرها لمواطنيها من السفر إلى إيران، خشية أن يُزَجّ بهم في المعتقلات تحت ذريعة التجسس، في إطار الحملة الواسعة، التي شنها النظام عقب تلك الحرب.
وجاء في بيان نشرته الوزارة على حسابها الفارسي في منصة إكس (USA Beh Farsi): "إن النظام الإيراني، بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، يعيش حالة من الهوس الأمني غير المسبوق، ويشنّ حملة قمع على من يسميهم الجواسيس ومعارضيه".
وأضاف البيان: "على أي شخص يفكر في السفر إلى إيران أن يُعيد النظر في قراره. نكرر: على المواطنين الأميركيين ألا يسافروا إلى إيران".
وبينما تؤكد إيران أنها ترحب بعودة اللاجئين والمغتربين، فإن قوانينها تجرّم طيفًا واسعًا من الأفعال والسلوكيات، من بينها: المعارضة السياسية، النشاط الحقوقي أو المدني، والمثلية الجنسية، ورفض الالتزام بقواعد الحجاب الإجباري.
وهي الأسباب ذاتها، التي دفعت كثيرًا من الإيرانيين إلى الهجرة أو اللجوء خارج بلادهم منذ سنوات.