ويُقصد بتعبير "التفسير المنحاز" أو "مصادرة المضمون" أن يقوم شخص بتأويل حدث أو تصريح بطريقة تتماشى مع مصالحه الخاصة، من خلال انتقاء أو تحريف المعطيات لصالح موقفه.
وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول 2025، استند علي لاريجاني في منشور على منصة "إكس" إلى بيانات من تقرير "تحت النار" (Shielded by Fire) الصادر عن معهد JINSA، وكتب: "لقد كتبوا هم أنفسهم أن 45 صاروخاً أطلقتها إيران أصابت أهدافاً حساسة، وهذه الإحصاءات من مصادر إسرائيلية رسمية، وليست ادعاءات إيرانية".
وقد نشر لاريجاني هذا التصريح باللغتين الفارسية والعبرية.
وفي المقابل، قال آري سيكوريـل، المدير التنفيذي للسياسة الخارجية في معهد JINSA ومؤلف التقرير، إن لاريجاني "أشار إلى تقريري حول الحرب التي استمرت 12 يوماً، لكنه تجاهل الجزء الذي يوضح أن إيران هي من خَسِرَت الحرب".
وأضاف سيكوريل: "الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة الإيرانية تم اعتراض معظمها من قِبل أنظمة الدفاع الأميركية والإسرائيلية، بينما وجّهت إسرائيل ضربات قاسية ضد إيران".
ورغم أن إيران تكبّدت خسائر استخباراتية وعسكرية كبيرة خلال الحرب مع إسرائيل، وفقدت عدداً من كبار قادتها، فإنها تحاول في الأشهر الأخيرة تقديم رواية مختلفة تزعم فيها النصر.
وفي سياق متصل، أدرجت وزارة التعليم في طهران رواية النظام حول حرب الـ12 يوماً في المواد الدراسية، بوصفها "انتصاراً لإيران ضد العدوان الإسرائيلي–الأميركي".
ويؤكد تقرير معهد JINSA، الصادر في أغسطس (آب) 2025، تصريحات سيكوريل. إذ جاء فيه أن معظم الهجمات الصاروخية والمسيّرة التي شنّها النظام الإيراني تم صدّها بواسطة شبكة الدفاع الجوي والصاروخي المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
ووفقاً للتقرير المؤلف من 29 صفحة، أطلقت إيران بين 13 و24 يونيو (حزيران) 2025 أكثر من 1,000 طائرة مسيّرة و574 صاروخاً باليستياً نحو إسرائيل، لكن 49 صاروخاً فقط أصابت مناطق سكنية أو بنى تحتية داخل إسرائيل.
وأشار التقرير إلى أن محدودية الأضرار تعود إلى أداء منظومة الدفاع الموحدة الأميركية–الإسرائيلية، التي بلغت نسبة نجاحها نحو 85 في المائة.
وكتب معهد JINSA في تقريره: "أكثر من 500 صاروخ باليستي أطلقتها إيران لم تُحدث أي ضرر في إسرائيل، والفضل يعود إلى التعاون الدفاعي الطارئ بقيادة الولايات المتحدة".
وأضاف أن الدور الأميركي كان "حاسماً"، موضحاً أن واشنطن أرسلت منظومتين من طراز "THAAD" وعدة مدمرات مزودة بنظام "Aegis" لدعم إسرائيل، وقدّمت أكثر من 230 صاروخاً اعتراضياً، أي ما يقارب ربع مخزونها الكلي.
وبحسب بيانات التقرير نفسه، دمّرت الغارات الإسرائيلية خلال الحرب مئات من منصات إطلاق الصواريخ التابعة لإيران، ما أدى إلى تقليص مخزونها من نحو 2,500 صاروخ إلى ما بين 1,000 و1,500 فقط، وهو ما أجبر طهران على خفض وتيرة هجماتها.
وفي حين حاول لاريجاني في منشوره تقديم الحرب كرمزٍ لـ"قوة إيران العسكرية"، وصف التقرير الأميركي–الإسرائيلي المواجهة بأنها "صراع مكلف كشف هشاشة البنية العسكرية الإيرانية".
وختم التقرير بتوصية مفادها أن على الولايات المتحدة وإسرائيل زيادة إنتاج الصواريخ الاعتراضية وتعميق التنسيق الدفاعي بينهما، لمنع إيران من استعادة قدرتها الهجومية مستقبلاً.