وقال السوداني، الأربعاء 15 أكتوبر، في مقابلة مع مراسل "سي إن بي سي" في بغداد: "لقد وضعنا رؤية واضحة لمعالجة هذا الخلل الهيكلي الذي أثر على قدرتنا في إنتاج وتوفير الكهرباء".
وأضاف أن بغداد وقعت عقودًا مع شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية وشركات صينية وإماراتية للاستثمار في مشاريع جمع الغاز، والذي تُقدر قيمته السنوية بأربعة إلى خمسة مليارات دولار ويُحرق حاليًا أثناء إنتاج النفط.
ويُعرف حرق الغاز أو "الفليرينغ" بأنه عملية حرق الغاز المصاحب للنفط بدل استخدامه، فيما يمكن أن يساهم استرجاع هذا الغاز ومعالجته في تخفيف جزء من أزمة الكهرباء المزمنة في العراق.
وأكد السوداني أن الحكومة العراقية لأول مرة في تاريخ البلاد وضعت برنامجًا واضحًا وإجراءات يومية لحل هذه المشكلة، مع تحديد موعد تحقيق هدف "صفر حرق للغاز" في بداية عام 2028.
وقد وضعت سوء الإدارة، ونقص الاستثمارات، والفساد خلال عقود ضغطًا على شبكة الكهرباء في العراق، في حين أن العراق يُصنّف ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك بعد السعودية.
يؤمن الغاز الإيراني نحو ثلث الكهرباء في العراق، غير أن الانقطاعات المتكررة والطويلة ما زالت تلزم السكان باللجوء إلى مولداتهم الخاصة المكلفة والملوثة.
أهمية تصدير الغاز للعراق بالنسبة لإيران
يمثل تصدير الغاز إلى العراق أهمية خاصة للنظام الإيراني، لدرجة أنه حتى خلال السنوات الأخيرة ومع النقص الحاد في الكهرباء والغاز داخل إيران، لم تتوقف صادرات الكهرباء والغاز إلى العراق.
ويسعى العراق، الذي يحافظ على علاقاته مع كل من الولايات المتحدة وإيران، إلى الاستفادة من الاستثمارات الصينية في إعادة بناء البنية التحتية، بينما يوسع أيضًا التعاون مع الدول الخليجية لتحسين شبكة الكهرباء.
ولا تزال الولايات المتحدة أحد الشركاء الدفاعيين الرئيسين للعراق، حيث يوجد حوالي 2500 جندي أميركي في البلاد.
ووصف السوداني نهج حكومته بأنه "متعدد الأطراف"، وأشار إلى رغبة الشركات الصينية والروسية والأوروبية والأميركية، بالإضافة إلى مستثمرين خليجيين، في الدخول إلى السوق العراقية.
وقال: "اقتصادنا وعلاقاتنا لم تكن يومًا أحادية الجانب... وقد وقعنا مؤخرًا اتفاقيات مبدئية مع شركات شيفرون، وإكسون موبيل، وهاليبرتون، وشلمبرجي".
وكتبت "سي إن بي سي" أنه على الرغم من نهج السوداني متعدد الأطراف، فإن العراق قد يتأثر بالعقوبات الجديدة ضد طهران.
فقد قامت الدول الأوروبية فجر 28 سبتمبر، بعد انتهاء المهلة المحددة بـ30 يومًا في قرار مجلس الأمن، بتفعيل آلية الزناد، ما أدى إلى إعادة جميع العقوبات الأممية على إيران.
وعلى الرغم من حملة "الضغط الأقصى" التي شنها دونالد ترامب ضد طهران، سمحت وزارة الخزانة الأميركية لبغداد باستيراد الكهرباء من إيران.
ومع ذلك، لا يزال النفوذ الإيراني قائمًا سياسيًا وماليًا في العراق، إذ يشكل العراق بعد الحرب العراقية الإيرانية ثغرة نفوذ حيوية لطهران في المنطقة، مقارنة بسوريا ولبنان اللذين تضاءل تأثيرهما بعد تراجع فصائل تابعة لإيران.
وقد تدفع العقوبات الجديدة النظام الإيراني إلى تكثيف محاولاته للالتفاف على القيود، بما في ذلك استخدام البنوك العراقية لنقل الدولار بشكل غير قانوني.
وفي مطلع هذا العام، تم منع عدة بنوك عراقية من إجراء تحويلات بالدولار بعد إجراءات وزارة الخزانة الأميركية لمكافحة غسيل الأموال وتهريب العملة.
وفي عام 2019، طالب المتظاهرون العراقيون خلال الاحتجاجات الموسومة بـ"ثورة أكتوبر" بإنهاء "الفساد المنهجي والنفوذ الإيراني" في البلاد.
وقال السوداني، الذي تولى السلطة بعد تلك الاحتجاجات، إن حكومته اتخذت خطوات ملموسة لتحقيق تقدم اقتصادي واستقرار سياسي لاستعادة ثقة الجمهور.
ومع ذلك، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الفساد لا يزال "عقبة كبيرة أمام النمو الاقتصادي" في العراق.