وذكر مركز أبحاث البرلمان الإيراني، في تقريره المعنون: "دراسة آلية الزناد والتبعات الاقتصادية لقرارات مجلس الأمن الدولي ضد إيران"، أن "عقوبات مجلس الأمن، خلافًا للعقوبات الثانوية الأميركية (التي تركز على الاقتصاد وتستهدف قطاعات حيوية مثل النفط والمصارف)، هي عقوبات مرتبطة بالانتشار النووي، ومتمركزة على تقييد البرامج النووية والصاروخية".
وأضاف المركز أن "النقطة الجديرة بالاهتمام أن تفعيل الزناد لا يخلق نظامًا عقابيًا أشد من الضغوط الحالية".
وكتب مركز أبحاث البرلمان الإيراني، في تقريره أيضًا: "إن الأثر الاقتصادي لآلية الزناد يقتصر بشكل رئيس على فرض نظام مراقبة صادرات التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، وهو أمر يمكن لإيران إدارته عبر خبرتها في الالتفاف على القيود، وعدم انحياز الصين وروسيا بشكل كامل".
وأردف: "أما آلية تفتيش الشحنات، فبسبب بعض الشروط، تحتاج إلى موافقة الدولة التي ترفع السفينة علمها، كما أن خطر الإجراءات المتبادلة من جانب إيران يجعل من المستبعد إمكانية فرض حصار بحري أو احتجاز السفن الإيرانية".
وفي الأسابيع الأخيرة، أصر مسؤولون في إيران على أن تفعيل "آلية الزناد" يحمل "بُعدًا نفسيًا أكثر منه اقتصاديًا".
وكانت الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، قد فعّلت، في 28 أغسطس (آب) الماضي، بكتاب رسمي إلى مجلس الأمن، المسار الزمني الممتد 30 يومًا لتفعيل "آلية الزناد" لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة. ووجدت هذه الخطوة ترحيبًا من الولايات المتحدة وإسرائيل، فيما وصفتها إيران بأنها "باطلة وغير قانونية"، متوعدة برد مناسب.
احتمال الإجماع ضد إيران "ضعيف"
على الرغم من أن بعض وسائل الإعلام داخل إيران قد حذّرت في السابق من تشكيل إجماع دولي ضد إيران، فإن "مركز أبحاث البرلمان الإيراني" قدّم طرحًا مختلفًا.
وفي 4 أغسطس الماضي، نشرت صحيفة "فرهيختكان"، التابعة لجامعة آزاد الإسلامية، مقالاً حذرت فيه من تصاعد التوترات، واحتمال اندلاع مواجهة عسكرية، وتشكّل إجماع عالمي ضد إيران عقب التفعيل المحتمل لـ "آلية الزناد" من قِبل الدول الأوروبية.
لكن "مركز أبحاث البرلمان الإيراني" كتب: "النقطة المشرقة أنه في عالم متعدد الأقطاب عام 2025، وبسبب معارضة قوى، مثل الصين وروسيا، والتي تجلّت في الرسالة المهمة لوزراء خارجية الدول الثلاث: إيران والصين وروسيا، فإن احتمال تشكّل إجماع دولي ضد إيران قد انخفض كثيرًا".
ويشير المركز بذلك إلى البيان المشترك الصادر في الأول من سبتمبر (أيلول) الجاري، عن وزراء خارجية إيران والصين وروسيا، الذي أعلنوا فيه أن محاولات الاتحاد الأوروبي لتفعيل "آلية الزناد" ضد إيران "غير قانونية من الناحية الحقوقية ومدمرة من الناحية السياسية".
وتابع "مركز أبحاث البرلمان الإيراني"، في تقريره: "إن إضافة أسماء جديدة إلى قائمة العقوبات أو إعادة تشكيل لجنة الخبراء، بسبب الحاجة إلى إجماع في مجلس الأمن وإمكانية استخدام الصين وروسيا لحق النقض، أمر صعب. أما الضغوط السياسية الأميركية على الشركاء التجاريين لإيران، مثل الصين، فهي محتملة، لكنها مستقلة عن استخدام أو عدم استخدام آلية الزناد".
كما توقّع المركز أنه بعد عودة عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران، فإن "التعاملات الكبرى لإيران في تصدير النفط والبتروكيماويات والتسويات المالية ستستمر دون تحديات كبيرة، وإن كان من الممكن أن تحدث صدمات نفسية قصيرة الأمد في سوق الأصول".
ويأتي هذا الادعاء في وقت تدهورت فيه الأوضاع الاقتصادية في إيران أكثر في الأسابيع الأخيرة، حتى إن وزارة الاستخبارات، في رسالة سرية وصلت نسخة منها إلى "إيران إنترناشيونال"، حذّرت الوزارات والشركات الكبرى من أن تداعيات تفعيل آلية الزناد قد تؤدي إلى وقف بيع النفط الإيراني، ووقوع أزمات اقتصادية وأمنية كبيرة، وزيادة البطالة، وتصاعد السخط الاجتماعي في البلاد.
وتسعى وسائل الإعلام والمؤسسات التابعة للنظام الإيراني، عبر نشر تقارير ومواد منسقة، إلى إظهار أن تفعيل "آلية الزناد" وعودة عقوبات الأمم المتحدة أمر عديم التأثير، وذلك في وقت كانت تقارير سابقة قد كشفت أن "المجلس الأعلى للأمن القومي" قد أقرّ تعليمات للإعلام تقضي بتصوير الأوضاع في البلاد على أنها طبيعية، وتقديم عودة العقوبات على أنها بلا أثر على حياة المواطنين.
وجاء في هذه التعليمات أن على وسائل الإعلام، مع "الحفاظ على الهدوء النفسي للمجتمع"، تجنب نشر أي عناوين أو تحليلات "انفعالية"، "مسببة للأزمات"، أو "محفِّزة" في تغطية أخبار تفعيل "آلية الزناد ".