وكتبت الصحيفة البريطانية، يوم الأربعاء 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن هذه الزيارة، التي لم يُكشف عنها من قبل، كانت جزءًا من التعاون بين مؤسسات بحثية عسكرية روسية ومنظمة الأبحاث والابتكار الدفاعي الإيراني (سبند).
وتقول أميركا إن "سبند"، باعتبارها وحدة تابعة لوزارة الدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية، تقود برنامج طهران لإنتاج الأسلحة النووية.
وبحسب الوثائق، التي حصلت عليها "فايننشال تايمز"، فإن الاجتماع الذي عُقد بين عناصر البرنامج النووي الإيراني ومسؤولين روس، خلال هذه الزيارة السرية يمكن اعتباره أول مؤشر على استعداد موسكو الظاهري للتعاون مع طهران في مجال المعرفة النووية المحتملة المرتبطة بالسلاح.
وقد تحقّقت "فايننشال تايمز" من هذه الوثائق عبر مراجعة السجلات التجارية، وقوائم العقوبات، والبيانات المُسرّبة المتعلقة بالرحلة، إلى جانب مراسلات أخرى.
تصميم سلاح نووي بلا اختبار تفجيري
لا تزال الأبعاد الكاملة للتعاون بين طهران وموسكو، ومستوى نقل التكنولوجيا المتقدمة ذات الاستخدام المزدوج، غير واضحة.
ومع ذلك، قال المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) والباحث في مركز جيمز مارتن لدراسات منع انتشار الأسلحة النووية، جيم لامسون، إن الأدلة تشير إلى أن خبراء النظام الإيراني سعوا خلال زيارتهم لروسيا العام الماضي إلى "الحصول على تكنولوجيا ومعرفة ليزرية تمكّنهم من التحقق من تصميم سلاح نووي دون الحاجة إلى إجراء اختبار تفجيري نووي".
وقد كرّر النظام الإيراني مرارًا أن برنامجه النووي "سلمي"، بينما أعلنت روسيا أيضًا أنها تعارض امتلاك طهران سلاحًا نوويًا.
وأشارت "فايننشال تايمز"، في تقريرها، إلى أن شركة "دماوند تك"، وهي شركة واجهة تابعة لـ "سبند"، نظّمت، في نوفمبر 2024، سفر مجموعة من المتخصصين الإيرانيين في مجال الليزر من طهران إلى سان بطرسبورغ.
وبحسب التقرير، فقد التقى المسؤولون الإيرانيون خلال هذه الرحلة ممثلي شركة "ليزر سيستمز" الروسية، وهي شركة تنشط في مجال التكنولوجيا ذات الاستخدامات المدنية وكذلك المشاريع العسكرية السرية، وتقع ضمن قوائم العقوبات الأميركية.
وكانت "فايننشال تايمز" قد ذكرت، في أغسطس (آب) الماضي، سفر وفد إيراني آخر إلى روسيا وزيارته عددً من المؤسسات العلمية هناك.
وضمّ الوفد علي كلوند، أحد العناصر المرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني، إلى جانب أربعة موظفين آخرين يعملون تحت غطاء شركة "دماوند تك".
وسافر أعضاء هذه المجموعة بجوازات سفر دبلوماسية؛ بعضها يحمل أرقامًا متسلسلة وصدر جميعها في يوم واحد، قبل أسابيع قليلة من موعد الرحلة.
وأعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مرارًا أن البرنامج النووي الإيراني "دُمّر" جراء الهجمات الأميركية على مواقع نطنز وفوردو وأصفهان، خلال الحرب، التي استمرت 12 يومًا.
لكن دبلوماسيين غربيين يعتقدون أن هذه الهجمات رغم تسببها في أضرار كبيرة، لم تُدمّر البنية التحتية النووية للنظام الإيراني، ولذلك لا تزال الشكوك حول مخزون طهران من اليورانيوم المخصب قائمة.
دور "دماوند تك" في البرنامج النووي الإيراني
وكانت "فايننشال تايمز" قد كشفت سابقًا أن شركة "دماوند تك" حاولت الحصول على كميات محدودة من عدة نظائر مشعّة، من بينها "التريتيوم".
وتُستخدم هذه المادة تحديدًا في زيادة القوة التدميرية للرؤوس النووية، ولذلك يخضع تصديره لقيود شديدة.
وبحسب وزارة الخارجية الأميركية، تعمل "دماوند تك" كوسيط لوجستي لمجمع بحثي تابع للمؤسسات العسكرية الإيرانية، وتبحث عن مورّدين خارجيين للحصول على قطع محظورة.
وقالت الباحثة في برنامج السياسات النووية في مؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي"، نيكول غراجوسكي، إن سفر العناصر الإيرانية إلى روسيا "دليل قوي على أن روسيا كانت تساعد إيران في أبحاث ذات صلة بالسلاح النووي، وأن المؤسسات الحكومية الروسية كانت تمنح طهران تكنولوجيا مزدوجة الاستخدام ومعرفة مرتبطة بها".
سفر باحث عسكري روسي إلى إيران
وتابعت الصحيفة أن الباحث في شركة "ليزر سيستمز"، أندريه سافين، سافر إلى طهران في فبراير (شباط) الماضي، والتقى ممثلي "دماوند تك" ومسؤولين مرتبطين بـ "سبند".
ويُشار إلى أن سافين أستاذ في الجامعة التقنية الحكومية، إحدى أبرز الجامعات التقنية والعسكرية في روسيا.
وتُظهر المعلومات المنشورة على موقع الشركة أن "ليزر سيستمز" حصلت على ترخيص من جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) للعمل على مشاريع ذات طابع حكومي سري، إضافة إلى حصولها على تصريح لتطوير أسلحة تحت إشراف مباشر من وزارة الدفاع الروسية.