كما اهتمت صحف اليوم أـيضا بالأزمات الاقتصادية من تقلبات البورصة وتراجع الخدمات الصحية والتعليمية، إلى أزمات المياه والطاقة.
وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، قد بدأ زيارة رسمية إلى أرمينيا، الاثنين 18 أغسطس (آب)، في إطار مساعٍ لتعزيز العلاقات الثنائية وتكثيف التنسيق الإقليمي بما يضمن المصالح المشتركة، إلى جانب دعم الحضور الجيوسياسي والاقتصادي لطهران وتفعيل ممر الشمال – الجنوب الاستراتيجي، فضلاً عن بحث الهواجس الإيرانية تجاه تنامي النفوذ الأميركي في المنطقة.
وفي تعليق على الزيارة، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي: "لن نقبل بأي تغييرات جيوسياسية في القوقاز".
وقد أشارت صحيفة "آكاه" الأصولية، إلى أن هذه الزيارة قد تشكل منصة لتوسيع التبادلات التجارية، وتعزيز الصلات مع سوق أوراسيا، وتوطيد دور إيران في الممرات الدولية، معتبرة أن هذا التعاون يمثل نموذجًا على دبلوماسية المصالح المشتركة التي تتبناها طهران في المنطقة.
ويُجمع محللون إيرانيون بحسب صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، على أن "ممر زنغزور" يشكل خطرًا جيوسياسيًا يهدد دور إيران الإقليمي وعائداتها من الترانزيت، لأنه قد يعزلها عن أسواق القوقاز وروسيا ويضعها في شبه حصار جغرافي.
ويرون أن مواجهة هذا التحدي تتطلب تفعيل مسارات بديلة، وتعزيز التحالفات مع روسيا والصين، وتكثيف الحضور في أرمينيا، وتبني دبلوماسية نشطة وإعلام موازٍ يرسخ مكانة إيران كلاعب أساسي في المعادلات الإقليمية.
كما روجت الصحف الإيرانية، لاحتمال اندلاع حرب جديدة بين إيران وإسرائيل، من خلال الاستشهاد بتصريح محمد رضا عارف، النائب الأول لرئيس الجمهورية، الذي قال: "لسنا أهل حرب، لكن استراتيجيتنا هي أنه إذا بدأوا الحرب، فإن نهايتها ستكون بأيدينا".
وكذلك تصريح اللواء سيد رحيم صفوي، المستشار الأعلى للقائد العام للقوات المسلحة: "توصلنا نحن العسكريين إلى قناعة بأن من يريد السلام، يجب أن يكون مستعداً للحرب، وأفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم".
على صعيد آخر، لا يزال بيان "جبهة الإصلاح" يثير شهية الصحف الأصولية للهجوم على التيار الإصلاحي، ففي صحيفة "كيهان" المحسوبة على المرشد على خامنئي، كتب حسن رشوند: "بيان جبهة الإصلاح الأخير، تتقاطع مطالبه مع الطروحات الأميركية والصهيونية، وهو ما يؤشر إلى أن الانقلابات لم تعد تتخذ شكلًا عسكريًا مباشرًا، وإنما تأخذ شكل انقلاب ناعم عبر أدوات سياسية وإعلامية داخلية بدعم خارجي".
وتحت عنوان وصفة إصلاحية أم خيالية؟ كتبت صحيفة "قدس" الأصولية: "أثار بيان جبهة الإصلاح الأخير انتقادات واسعة، ووصف بالخيالي وغير العملي، إذ طرح مقترحات كتعليق التخصيب النووي والمصالحة الوطنية دون مراعاة للواقع الأمني، ما اعتُبر إضعافًا للوحدة الداخلية وإشارة خاطئة للأعداء".
ونشرت صحيفة "عصر ايرانيان" كاريكاتيرا لمجموعة من الأشخاص يتمسكون بعجل وأحدهم يرفع لافتة لعبارة (بيان جبهة الإصلاح: أنا أحب الولايات المتحدة) باللغتين الفارسية والإنجليزية، مع تعليق: "هذه الإجراءات أظهرت أن مقولة عبادة تيار الاغتراب للعجل كانت صحيحة، وكأن التركيز على عبارة تغيير النموذج لم يكن في الواقع سوى تمهيد مدروس لإصدار ذلك البيان المثير للجدل".
اقتصاديًا انتقد فرشاد مؤمني الاقتصادي البارز، عبر صحيفة "جوان" المقربة من الحرس الثوري، الاعتماد المفرط على آلية السوق وتقليص دور الدولة في إدارة الاقتصاد، وأكد أن هذه السياسات تسببت في تفاقم التفاوت الاجتماعي، وإضعاف القدرة الإنتاجية، وفتح الباب واسعًا أمام الفساد والاحتكار.
ووفق مقال حسن حسن خاني، الخبير الاقتصادي، بصحيفة "تجارت" الأصولية: "يعكس وضع سوق البورصة في إيران أزمة عميقة نتيجة العقوبات وسوء الإدارة وتعارض السياسات الاقتصادية، ما جعله غير آمن وصعب الثقة خاصة للمستثمرين الصغار".
ووفق صحيفة "اسكناس" تُظهر الأزمة الاقتصادية في إيران انعكاساتها الواضحة على التعليم والصحة، إذ حُرم كثير من المواطنين من متابعة دراستهم أو الحصول على خدمات علاجية، خاصة في مجال طب الأسنان الذي أصبح شبه رفاهية. ومع ارتفاع تكاليف العلاجات وغياب ثقافة الوقاية، يلجأ أغلب الناس لخلع الأسنان كخيار أرخص، مما يفاقم الأزمات الصحية والنفسية.
كما تعاني وزارة الطاقة الإيرانية بحسب مقال علي يوسف بور الخبير الاقتصادي بصحيفة "اقتصاد بويا" الأصولية: "من أزمة هيكلية أدت إلى اختلال التوازن في تأمين الماء والكهرباء، نتيجة تراجع العائدات النفطية وسوء الإدارة وجمود السياسات. وبالتالي تفاقمت المشكلات بسبب مقاومة الخصخصة، تراكم الديون على الوزارة، والسرقات الواسعة للكهرباء عبر التعدين غير القانوني، ما جعل القطاع مثقلًا بالأزمات وفاقداً للثقة والكفاءة".
وفي صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، حذر رضا حاج كريم رئيس اتحاد صناعة المياه في إيران، من تفاقم أزمة المياه وكتب: "إيران لا تعاني من نقص حقيقي في الموارد المائية؛ بل أزمة حوكمة نتيجة سوء الإدارة والتسعير غير الواقعي للمياه. ورغم امتلاك البلاد خبرات هندسية متقدمة في صناعة المياه، فإن غياب إدارة رشيدة واستثمارات كافية يجعل الأزمة تقترب بوتيرة أسرع مما هو متوقع".
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"مردم سالاري": طبيعة أحاديث الإيرانيين في هذه المرحلة
أعدت صحيفة "مردم سالاري" الإصلاحية، تقريرًا عبر إجراء مقابلات مع 10 مواطنين من مناطق مختلفة في إيران، إلى جانب تحليل لرأيين من علماء الاجتماع، حول سؤال بشأن طبيعة أحاديث الإيرانيين في هذه المرحلة، وفيه: "الإجابة المختصرة: الحرب، الغلاء، الخوف، وانقطاع الكهرباء".
وتنقل الصحيفة عن الدكتورة سيمين كاظمي، عالمة اجتماع، قولها: "الحديث عن الحرب آلية دفاعية لمواجهة القلق. المجتمع الإيراني يعيش حالة تعليق ولا يقين بعد صدمة الحرب، خاصة مع استهداف المدنيين، مما جعل التخطيط للمستقبل أكثر صعوبة".
وأضافت: "الحرب لا تأتي وحدها، بل تضاعف كل الأزمات الأخرى. تجعل الحسابات للمستقبل شبه مستحيلة، وتبقي المجتمع عالقًا في حالة لا استقرار ولا يقين".
وأضاف التقرير: "يؤكد عباس نعيمي جورشري، مدير مجموعة علم الاجتماع القانوني: "الحوار في فضاءات آمنة ضروري لإصلاح الإرهاق الجماعي. الناس يتعافون حين يستطيعون التعبير عن آلامهم علنًا... والحقيقة أن الناس في الشوارع يتحركون بلا تفاعل حقيقي مع المآسي، وكأنهم أجساد فقدت القدرة على الارتجاف".
وأضاف: "هذه البلادة الاجتماعية نتاج مزيج من العنف، وفقدان الأفق، وتكرار الأزمات والعزلة".
"كار وكاركر": موجة جديدة من البطالة الخفية
حسبما نقلت صحيفة "كار وكاركر"، الناطقة باسم حزب العمال الإيراني اليساري، أكد عبد الوهاب سهل آبادي، رئيس بيت الصناعة والتعدين والتجارة في إيران، أن أكبر أزمة تواجه الصناعات هي نقص الطاقة، ما أدى إلى توقف نصف القدرة الإنتاجية للبلاد وأوجد بطالة مقنّعة بين العمال، وقال: "ارتفاع أسعار الإسمنت والمواد المرتبطة به، إلى جانب أزمات الغاز شتاءً والكهرباء صيفًا، يفاقم معاناة المصانع التي تعمل بلا دعم حكومي حقيقي".
وانتقد تضخم الجهاز الحكومي وسوء الإدارة، معتبرًا أن الأضرار الداخلية الناجمة عن القرارات العشوائية تفوق العقوبات الخارجية، محذرًا من أن الضغوط المالية ونقص الخدمات ينقلان عبء الأزمة مباشرة إلى العمال وشرائح المجتمع الفقيرة".
ونقلت الصحيفة عن أرمان خالقي، أمين بيت الصناعة والتعدين والتجارة، قوله: "أدى انقطاع الكهرباء لساعات طويلة في معظم المدن إلى تراجع القدرة الإنتاجية للمصانع، ما تسبب في خسائر فادحة للاقتصاد الوطني وأضر بالعمال والعملاء وسلسلة الإمداد".
وأكد أن استمرار التزامات المصانع المالية والضريبية رغم توقف الإنتاج يحول المشكلة إلى أزمة وطنية تهدد بإغلاق الوحدات الصناعية وانتشار البطالة، داعيًا الحكومة إلى اعتماد سياسات داعمة شبيهة بظروف الحرب، ووقف الغرامات والضغوط المالية عن المصانع، محذرًا من أن تجاهل الأزمة قد يقود البلاد إلى انهيار صناعي واقتصادي واسع".
"سياست روز": الخبز غالٍ وجودته متدنية
خصص فرهاد خادمى الكاتب بصحيفة "سياست روز" الأصولية، مقاله للحديث عن أزمة سوق الخبز بسبب تدخل الدولة غير المتخصص، وكتب: "لم تنجح سياسات الدعم والتسعير الإجباري في تحقيق توازن عادل بين المزارعين والخبازين والمستهلكين. فقد اضطر المزارعون إلى بيع القمح بأسعار غير منصفة أفقدتهم الحافز على تحسين الإنتاج، فيما تكبد الخبازون خسائر نتيجة ارتفاع التكاليف وتراجع المداخيل، بينما دفع المستهلكون ثمن هذه السياسات من خلال ارتفاع الأسعار وتراجع الجودة".
وأضاف: "تكشف هذه الأوضاع أن نظام الدعم المبعثر وغير الموجّه لم يؤدِّ سوى إلى زيادة الأعباء المالية على الحكومة، مع فتح المجال أمام الفساد والاحتكار. كما أدت السياسات الحكومية القائمة على التسعير القسري إلى تعطيل آليات السوق الحرة، ما أضعف المنافسة وعمّق أزمات الجودة والإنتاج. في المقابل، فقد الرأي العام ثقته بقدرة الدولة على إدارة هذا القطاع الحيوي".
وحذر من أن "الاستمرار في النهج القائم سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، بينما الإصلاحات الهيكلية العاجلة وحدها قادرة على تحويل دورة إنتاج الخبز من عبء اقتصادي إلى فرصة للتنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية".