وقالت الصحيفة، يوم الاثنين 11 أغسطس (آب)، إن النظام الإيراني يستهدف عن قصد وبحساب منظم أجهزة مكافحة الإرهاب البريطانية بفيضان من "تهديدات منخفضة التكلفة وقابلة للإنكار"، ما يستنزف موارد جهاز "MI5" والشرطة في عمليات صغيرة.
وأوضح أوميد شمس، المدير السابق لعمليات منظمة "العدالة من أجل إيران" الحقوقية، في مقابلة مع الصحيفة أنه اطلع على وثائق توضح النهج الجديد للنظام الإيراني.
وأضاف شمس: "الأمر لم يعد مرتبطاً بالنجاح أو الدقة، فهم لا يهتمون ما إذا كانت الهجمات ناجحة أم لا، فكل خطة ومؤامرة تجبر أجهزة الأمن البريطانية على الرد".
وأشار إلى أن هدف النظام لم يعد فقط "إسكات معارضيه"، بل يريد عبر زيادة حجم هذه الخطط وخلق الفوضى شل النظام الأمني الداخلي البريطاني.
وتابع شمس أن هذه الاستراتيجية تقوم على فرضية أن بريطانيا غير راغبة في تخصيص ميزانيات إضافية لمكافحة الإرهاب.
وبحسب تقرير حديث للجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني، فإن النظام الإيراني في إطار "دفاعه الاستباقي" يستخدم وكلاءه، وشبكات الجريمة، والتنظيمات المسلحة وشبه العسكرية لشن هجمات على أهداف داخل بريطانيا، مع الحفاظ على قدرة الإنكار.
وأوضح شمس أن النظام الإيراني في الثمانينيات كان يرسل عملاء مدربين لقتل المنفيين في باريس، لكنه الآن يستعين بعصابات الشوارع، والمافيا الروسية، وحتى المراهقين الذين يتم تجنيدهم عبر الإنترنت، وأحياناً يزودهم بالأوامر والأموال فقط عبر تطبيق "تلغرام".
وتبلغ تكلفة كل من هذه العمليات بين 10 إلى 20 ألف دولار فقط، وهو مبلغ يسمح لطهران بإثارة الخوف مع إنكار أي تورط مباشر.
وأضاف شمس أن النظام يعتبر بريطانيا، أكثر من فرنسا أو أميركا، المنافس الغربي الأساسي ويعتقد أنه يمكن إجبار لندن على التفاوض عبر الضغط الكافي.
ولفت إلى أن مسؤولي النظام الإيراني نجحوا في قضية نازنين زاغري راتكليف، السجينة ذات الجنسية المزدوجة، وغيرها من القضايا، ويعتقدون الآن أن إثارة أزمة أمن قومي كبيرة ستجعل بريطانيا تتوسل للتفاوض.
تخفيض ميزانية الأجهزة الأمنية البريطانية
وتأتي هذه التحذيرات في ظل تزايد المخاوف من محدودية الموارد والضغط على الأجهزة الأمنية البريطانية.
أكد كن مكالوم، رئيس جهاز "MI5"، أن المنظمة اضطرت إلى تحويل بعض قواتها من مهام مكافحة الإرهاب إلى مواجهة التهديدات المتزايدة من حكومات معادية، منها روسيا، الصين، والنظام الإيراني.
وحذر في تقريره السنوي الأخير من أن الجهاز "مضطر لاتخاذ قرارات صعبة بشأن كيفية استخدام قواته المحدودة"، ويركز حالياً معظم جهوده على مكافحة التجسس، والهجمات الإلكترونية، وعمليات الاغتيال المدعومة من دول أجنبية.
وأعلن دن جارفيس، وزير الأمن البريطاني، في بداية هذا العام عن زيادة بنسبة 48 في المائة في عدد التحقيقات التي يجريها "MI5" المتعلقة بتهديدات من حكومات أجنبية خلال عام واحد.
واعتبر هذه الأرقام دليلاً واضحاً على تصاعد التهديدات. وتفاقم هذا الضغط بسبب تخفيض ميزانيات أجهزة الاستخبارات البريطانية بنسبة 14 بالمائة، بما في ذلك "MI5"، "MI6"، و"GCHQ".
وفي هذا الصدد، قال شمس إن أجهزة الاستخبارات اضطرت إلى التراجع بشكل كامل إلى موقع الدفاع، مما قد يؤدي في النهاية إلى إضعافها.
وأضاف أن تقييمه مستند إلى وثائق جديدة من وزارات النظام الإيراني التي اطلع عليها، والتي تذكره بما كشفته وزارة الخارجية البريطانية في 2022.
في هذه الوثائق، ناقش مسؤولو النظام الإيراني استخدام وكلائه لإزعاج وضغط الدول الغربية التي لا ترغب في زيادة استثماراتها في الأمن الداخلي.
إدانة دولية مشتركة
وقد تكررت هذه المخاوف الأسبوع الماضي في بيان مشترك ونادر وقعته بريطانيا، والولايات المتحدة، و12 دولة غربية أخرى.
في هذا البيان، تم إدانة الزيادة المتصاعدة لنشاطات النظام الإيراني الاستخباراتية ضد المعارضين، والصحفيين، والمسؤولين في أوروبا وأميركا الشمالية.
وكشف مكالوم أن "MI5" والشرطة البريطانية تصدت منذ بداية 2022 لحوالي 20 عملية محتملة قاتلة للنظام الإيراني، معظمها استهدفت معارضين يقيمون في بريطانيا.
وكان من بين أبرز أهداف النظام الإيراني قناة "إيران إنترناشيونال".
وأكد شمس أن النظام الإيراني يستغل القوانين البريطانية لصالحه، مستخدمًا الدين في تطرف الأفراد، ومتسترًا خلف جمعيات خيرية ومجموعات ثقافية.
وأشار إلى أن روسيا والصين تتعاملان بحذر أكبر في قمع النشاطات العابرة للحدود، بينما تكتيكات النظام الإيراني "أكثر صخباً وخطورة".
وقال شمس إن النظام الإيراني "أكثر جرأة" لكن ذلك يجعل رصد واعتقال عناصره أكثر صعوبة.