ووفقًا لهذا التقرير، الذي نُشر الثلاثاء 5 أغسطس (آب)، لم يُسجل استهلاك الألبان يوميا بين الأطفال حتى في الأسر التي لديها وظيفة ثابتة.
وتواجه نسبة كبيرة من الأسر الإيرانية مشكلات جدية في تأمين التغذية الأساسية، وخاصة البروتينات والألبان.
وكشفت الدراسة الميدانية المنشورة في "شرق" أن السبب الرئيسي لفقر الغذاء في الأسر التي شملتها الدراسة يعود إلى المشكلات الاقتصادية والبطالة والإدمان.
ووفقًا لنتائج هذه الدراسة، كانت الاقتصادات الضعيفة للأسر بنسبة 43.8 بالمائة هي العائق الأكبر أمام الحصول على تغذية مناسبة.
يلي ذلك بطالة عائل الأسرة بنسبة 32.6 في المائة، والعجز وعدم وجود مصدر دخل بنسبة 11.7 في المائة، وإدمان عائل الأسرة بنسبة 5.5 في المائة، وغياب عائل الأسرة بنسبة 6.5 في المائة في المراتب التالية.
في المجمل، أشار أكثر من 80 في المائة من المشاركين، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى غياب التوظيف المستدام كعامل رئيسي لنقص الغذاء.
وحذر الخبراء من انتشار سوء التغذية المزمن والخفي بين الأطفال، واصفين تداعياته على النمو البدني والصحة النفسية والمستقبل التعليمي للجيل القادم بالمقلقة.
وتقول بريسا أحمدي، عاملة اجتماعية من شيراز: "غياب الوصول إلى تغذية مناسبة وكافية يؤثر مباشرة على نمو الأطفال، مما يجعلهم ليسوا فقط ضعفاء بدنيًا، بل يقلل بشكل كبير من قدرتهم على التعلم والتركيز الذهني".
ووفقًا لنتائج هذه الدراسة التي أجريت في 14 محافظة في البلاد، فإن 1.7 في المائة فقط من الأسر تستهلك البروتين يوميًا، بينما 26.9 في المائة لا يستهلكون البروتين على الإطلاق.
هذه النسبة ترتفع إلى أكثر من 95 في المائة بين الأسر العاطلة عن العمل.
في هذا المسح، سُجلت أعلى مشاركة من محافظة لرستان بـ261 استبيانًا (64.9 في المائة)، وشملت المناطق الأخرى: بلوشستان، مريوان، سنندج، باكدشت، كرمان، يزد، بوشهر، جنبد كاووس، كرمانشاه، شهريار، وأحياء فرحزاد، دروازه غار، وشاهبور في طهران.
وأثر التوزيع الجغرافي غير المتجانس على تحليل البيانات، مما يذكر بضرورة الحذر في تعميم النتائج على البلاد بأكملها.
كما أظهرت الدراسة أن غياب الدخل المستدام له علاقة مباشرة بالمشكلات الاجتماعية، بما في ذلك الإدمان.
ووفقًا لهذه الدراسة، فإن أكثر من 21 في المائة من الآباء في الأسر التي تفتقر إلى مصدر دخل يعانون من الإدمان.
زيادة فقر الغذاء في الأسر التي تعيلها النساء
من النتائج المهمة الأخرى للدراسة، الفقر الغذائي الأكثر شدة في الأسر التي تعيلها النساء.
حيث كانت 43 في المائة من الأسر التي شملتها الدراسة تعليها نساء، وغالبًا ما كنّ يفتقرن إلى وظيفة مستقرة أو تأمين أو دعم اجتماعي.
ووفقًا للناشطين الاجتماعيين، أصبحت بعض الأسر غير قادرة حتى على تأمين مواد مثل فضلات اللحوم وأرجل الدجاج.
ويقول ناشط آخر، وهو معلم يعمل في منطقة جلدشت، بالقرب من جنوب كرمان، عن أشخاص لا يوجد في حيهم متجر يُعرف باسم الجزارة: "هنا لا توجد جزارة على الإطلاق، ولا أحد يسأل عن متجر لبيع اللحوم... طعام هؤلاء الناس غالبًا هو العدس والخبز... وجبة الإفطار ليس لها معنى... الأمراض المتعلقة بالتغذية شائعة جدًا بين الأطفال".
في منتصف يونيو (حزيران)، بينما كانت التقارير تشير إلى اضطرابات في سوق المواد الغذائية واستمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية، قال آرش أنيسيان، مدير عام الاقتصاد والعلاج في منظمة النظام الطبي، إن العديد من الأسر تضطر لتناول أغذية رخيصة الثمن وذات سعرات حرارية عالية، لكنها خالية من القيمة الغذائية لسد جوعها.
نشرت هذه الدراسة من قبل صحيفة "شرق" بعد شهرين من تقرير ميداني عن المطاعم والمقاهي ومحلات الوجبات السريعة في طهران، نشرته صحيفة "هم ميهن"، والذي أشار إلى زيادة التسجيل بالدين وعدم دفع الفواتير من قبل العملاء.
وقالت فائزة درخشاني، ناشطة في مجال الأطفال ومديرة مؤسسة "دستادست"، في حديث مع "شرق"، مؤكدة على دور سوء التغذية الخفي: "في بلادنا، بالإضافة إلى سوء التغذية بالبروتين والطاقة، لدينا سوء تغذية بالعناصر الدقيقة، والذي بما أنه ليس واضحًا مثل النمط السابق من سوء التغذية، يتم تجاهله بسهولة أكبر، بينما له آثار دائمة على نمو الأطفال ويؤثر على مستقبلهم بالكامل".
وأضافت: "على سبيل المثال، نقص الحديد يؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي، وانخفاض القدرة على التعلم، وبطء النمو، مما له تأثيرات شديدة على حياة الأطفال وتعليمهم".
وتشير التقارير إلى موجة جديدة من الغلاء بعد الحرب الأخيرة بين النظام الإيراني وإسرائيل.
وأفادت "إيران إنترناشيونال" في 21 يوليو (تموز) أنه مع استمرار الأزمة الاقتصادية وعجز النظام الإيراني عن السيطرة على التضخم، ارتفعت أسعار السلع الأساسية مثل الخبز والأرز في جميع أنحاء إيران بشكل غير مسبوق.
وذكر التقرير أن المواطنين يقولون إن أسعار جميع السلع ارتفعت بشكل كبير خلال الأسابيع الأخيرة، وأن الموائد أصبحت أصغر حجمًا.
تقرير "شرق" يدق بوضوح ناقوس الخطر للجيل القادم؛ جيل يتوقف نموه قبل دخوله المدرسة، ويواجه الجوع والضعف قبل أن يبدأ التعلم.
وإذا لم يتم التفكير بجدية في حل أزمة فقر التغذية لدى الأطفال في إيران، فسوف نواجه مستقبلًا ليس فقط خاليًا من الصحة البدنية، بل محرومًا من القدرة الفكرية والتعليمية أيضًا.