"جيروزاليم بوست": باحثون صينيون يرون أن "نظام الملالي" في إيران على وشك الانهيار

أفادت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، نقلاً عن باحثين صينيين، أن "نظام الملالي" في إيران على وشك الانهيار، ولم يعد يتماشى مع مصالح بكين الاستراتيجية في المنطقة.

أفادت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، نقلاً عن باحثين صينيين، أن "نظام الملالي" في إيران على وشك الانهيار، ولم يعد يتماشى مع مصالح بكين الاستراتيجية في المنطقة.
وذكرت الصحيفة، في تقرير نُشر يوم الأحد 3 أغسطس (آب)، حول العلاقات الصينية- الإسرائيلية، إن الصين تعيد النظر في سياستها الشرق أوسطية، وتدرس الدور الاستراتيجي لإسرائيل، وذلك في أعقاب التوترات الأخيرة في غزة والحرب التي استمرت 12 يومًا مع إيران.
وتعتمد الصين على الشرق الأوسط لتأمين نحو 40 في المائة من احتياجاتها النفطية، وهي قلقة من التهديدات المتزايدة، التي تواجه طرق الشحن الحيوية، مثل البحر الأحمر ومضيق هرمز، واللذين ينقلان ما يقارب 60 في المائة من تجارتها مع أوروبا وأفريقيا.
وفي الوقت نفسه، أصبحت مشاريع الصين الاقتصادية في المنطقة، ومنها مبادرة "الحزام والطريق"، تواجه مخاطر متزايدة. فعلى سبيل المثال، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والمملكة العربية السعودية عام 2024 أكثر من 107 مليارات دولار، ما قلّص من هامش المناورة الدبلوماسي لبكين.
ويرى محللون أن الصين تسعى إلى الحفاظ على توازن دقيق بين أطراف متصارعة في المنطقة، من أجل ترسيخ موقع أكثر استقرارًا لنفسها. ويظهر ذلك من خلال تعاونها مع السعودية، وتطوير علاقاتها مع إيران، ومشاركتها في محادثات تشمل الولايات المتحدة والدول العربية وإسرائيل، في إطار ما يُسمّى "سياسة التوازن".
المواجهة الإيرانية- الإسرائيلية تُربك الحسابات الصينية
في سياق التقرير ذاته، أكدت "جيروزاليم بوست" أن الضربات العسكرية الإسرائيلية والأميركية ضد المنشآت النووية في إيران، وما تبعها من مواجهة مباشرة بين طهران وتل أبيب، وضعت سياسة الحياد، التي تنتهجها الصين، أمام اختبار صعب.
وذكرت أن هذه التطورات دفعت الصين إلى الاستمرار في دعم مشاريعها داخل إيران، لكنها في الوقت نفسه عمّقت علاقاتها مع إسرائيل في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والابتكار والبحث العلمي.
وتُظهر الإحصاءات أن حجم التجارة بين الصين وإسرائيل بلغ أكثر من 16 مليار دولار عام 2024، وهو ارتفاع كبير مقارنة بالعام الذي سبقه. ففي شهر مايو (أيار) وحده، وصلت صادرات الصين إلى إسرائيل إلى 1.45 مليار دولار، بينما بلغت وارداتها منها 1.7 مليار دولار.
وأضافت الصحيفة أن الصين، التي اعتادت على توجيه انتقادات علنية لإسرائيل، أقدمت مؤخرًا على خطوة غير مسبوقة بانتقاد إيران، بسبب ما وصفته بـ "التطرف الأيديولوجي".
ومن منظور جيوسياسي، يرى محللون أنه حتى التغييرات الطفيفة في موقف بكين من إسرائيل قد تشير إلى "تحول استراتيجي" أوسع.
وقد يُسهم هذا التحول في تقليص نفوذ النظام الإيراني، ويعزز دور الصين كوسيط محتمل في أزمات الشرق الأوسط.
وخلصت "جيروزاليم بوست" إلى أن نجاح الصين في تطبيق هذه السياسة قد يترك أثرًا على البنية الأمنية للمنطقة، ويعيد تشكيل النظام الجيوسياسي في الشرق الأوسط.
وفي تحليل نُشر يوم 31 يوليو (تموز) الماضي، اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية أن تدخل الولايات المتحدة المفاجئ في الحرب الإيرانية- الإسرائيلية الأخيرة لم يخلّ بتوازن القوى في الشرق الأوسط فحسب، بل عقّد أيضًا الحسابات الأمنية للصين بشأن أي تحرك محتمل ضد تايوان.
وأشارت المجلة إلى أن "صمت بكين وتخاذلها" إزاء الضربات الجوية الواسعة، التي نفذتها إسرائيل ضد إيران، في مقابل الدعم الأميركي السريع لحليفتها تل أبيب، يبرزان حدود قدرة الصين الفعلية على إدارة الأزمات العسكرية، وتعكس ضعفها البنيوي في تحالفاتها غير الرسمية مع دول مثل إيران وروسيا.


ذكرت صحيفة "إسرائيل هيوم"، أن حزب الله يواجه أزمة مالية غير مسبوقة عطّلت دفع الرواتب بشكل كامل، وأدّت إلى تأخير مستحقات عائلات القتلى وحرمانهم من خدمات، كالرعاية الصحية والرسوم الدراسية، بالإضافة إلى انقطاع الدعم الإيراني؛ مما أدخل مستقبل التنظيم في حالة غموض حاد.
وقالت الصحيفة، إلى جانب وسائل إعلام أخرى مثل "صوت بيروت" اللبنانية، إن الأزمة الحالية قد تقود إلى انهيار كامل في الشبكتين العسكرية والمالية للحزب. وبدأت مؤشرات هذه الأزمة بالظهور بعد مقتل فؤاد شكر، أحد أبرز القادة العسكريين المقربين من حسن نصر الله، في هجوم غير مسبوق استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت. جاء ذلك ردًا على قصف صاروخي نفّذه حزب الله على منطقة مجدل شمس، حيث قُتل 12 طفلاً من الطائفة الدرزية.
وفي تلك الفترة، حذّر محللون من أن أي استهداف لعمق مناطق سيطرة الحزب قد يؤدي إلى ردّ صاروخي عنيف على تل أبيب. ورغم أن حزب الله أطلق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، فإنه فشل في تحقيق إنجاز ميداني أو نفسي يُحسب له. ومع تصاعد العمليات الاستباقية والهجمات الإسرائيلية المُعطِّلة، بدأ نصر الله يخسر توازنه الاستراتيجي تدريجيًا.
لكن الضربة الأهم لم تكن عسكرية، بل استخباراتية. فقد بدأت شبكة تجسسية، اخترقت بنية قيادة الحزب على مدى عقدين، في كشف مواقع المخابئ، ومستودعات الأسلحة، وغرف القيادة، ومنظومات الاتصال. هذه التسريبات شكّلت صدمة قوية لنصر الله، وبدأت معها "هالة الخوف" التي أحاطت بالحزب في لبنان وإسرائيل تتآكل شيئًا فشيئًا.
وبعد نحو شهر ونصف من مقتل فؤاد شكر، شهد الحزب حادثة صادمة، حين انفجرت آلاف أجهزة النداء (البيجر) المثبّتة على أجساد مقاتليه بشكل متزامن، ما أسفر عن مئات القتلى والجرحى. ووفقًا لوفيق صفا، رئيس وحدة الارتباط في حزب الله، كانت تلك العملية بمثابة "نهاية العالم" بالنسبة لنصر الله. ولم تمضِ فترة طويلة حتى تمّت تصفية نصر الله نفسه، الوجه الأبرز لمحور إيران، من الساحة السياسية والعسكرية
الانهيار المالي وتحذيرات المستشارين
بعد مرور عام تقريبًا على تلك الأحداث، يواجه حزب الله أزمة تهدد بتفكيك بنيته المالية من الداخل. فقد أبلغ صندوق "شهداء المقاومة" عائلات القتلى بوقف دفع الرسوم الدراسية لأبنائهم، في خطوة تمسّ ميزانية تُقدّر بعشرات ملايين الدولارات سنويًا.
ويأتي هذا وسط موجة عقوبات أمريكية مشددة، وهجمات سيبرانية واستخباراتية استهدفت مؤسسات مالية تابعة للحزب، مثل "قرض الحسن"، ما أدى إلى انهيار أركانه الاقتصادية واحدًا تلو الآخر. حتى في الضاحية الجنوبية لبيروت، التي تُعدّ قلب سلطة الحزب، لم يعد قادرًا على دفع أجور المقاولين المكلّفين بإعادة إعمار المباني المتضررة.
وذكرت صحيفة "صوت بيروت"، أن حزب الله يمرّ حاليًا بـ"أقسى أزمة اقتصادية في تاريخه"، قد لا تغيّر فقط مستقبل الحزب، بل أيضًا مسار لبنان برمّته.
وتفيد المصادر اللبنانية بأن رواتب المقاتلين لم تعد تُدفع بشكل كامل، وأن التعويضات تُصرف بتأخير وبمبالغ أقل، فيما حُرمت عائلات القتلى من خدمات طبية، ومساعدات تعليمية، ودعم اجتماعي معتاد.
حتى بدل الإيجار الممنوح للعائلات الشيعية النازحة من منازلها جرّاء المعارك يوشك أن يتوقف، إذ لم يُخصَّص له سوى عام واحد، بينما تعاني أعمال إعادة الإعمار من بطء شديد.
وحذّر مستشارو حزب الله الاقتصاديون من "كارثة لا مفرّ منها" إذا لم يُؤمَّن تمويل فوري. وأشاروا إلى أن تحويل الأموال من إيران بات في غاية الصعوبة، وأن الميزانيات المخصصة انخفضت بشكل حاد.
وترجع هذه الأزمة إلى عاملين رئيسيين: أولًا، سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وصعود حكومة إسلامية معادية لحزب الله، جعل من محاربة تهريب السلاح والمخدرات- أحد أبرز مصادر تمويل الحزب- أولوية. وثانيًا، الضغوط الأمريكية المتزايدة على الدولة اللبنانية، والتي أدت إلى تشديد الرقابة على مسارات التمويل القادمة من إيران، خصوصًا عبر مطار بيروت.
الضغوط لنزع السلاح والانقسامات الداخلية
بالتزامن مع الأزمة المالية، يواجه حزب الله ضغوطًا متصاعدة من الولايات المتحدة ودول الخليج لنزع سلاحه. وقد طرحت هذه الدول على الحكومة اللبنانية معادلة واضحة: حصر السلاح بيد الدولة مقابل الحصول على دعم اقتصادي، وإلا فستزداد الأزمة الاقتصادية سوءًا.
وفي هذا السياق، عبّر نعيم قاسم، الذي خلف نصر الله رغم افتقاده للكاريزما، عن رفضه التام لتسليم السلاح، في وقت لا تزال فيه الحكومة اللبنانية تتجنب المواجهة المباشرة مع الحزب. غير أن بوادر انقسام بدأت تظهر داخل صفوف الحزب، إذ طالبت الدائرة المقرّبة من قاسم بتقديم حلّ سريع للأزمتين العسكرية والاقتصادية.
من جهة أخرى، تستغل إسرائيل هذا الوضع. فعلى الرغم من إعلان وقف إطلاق النار، تواصل تنفيذ عمليات شبه يومية تستهدف قادة بارزين في الحزب.
ورغم أن حزب الله لا يزال موجودًا شكليًا، فإن غياب نصر الله وقطع الجزء الأكبر من التمويل الإيراني أظهرا مؤشرات واضحة على انهيار بنيوي.
إن إمبراطورية الحزب، التي كانت تُعدّ واحدة من أقوى أدوات النفوذ الإيراني في المنطقة، تُظهر اليوم تصدّعات عميقة قد تؤدي إلى انهيارها الكامل في أي لحظة.

ذكرت صحيفة "هم میهن" الإيرانية، في تقرير لها، أن أكثر من 82.8 في المائة من النساء الحوامل في إيران تعرّضن خلال فترة الحمل لنوع واحد على الأقل من أنواع العنف، سواء الجسدي أو النفسي أو الاقتصادي.
ووفقًا لأدنى التقديرات، فإن واحدة من كل امرأتين حاملتين في إيران تعرضت للعنف.
وبحسب التقرير، فإن أكثر أشكال العنف شيوعًا في هذه الفترة هو العنف النفسي، يليه العنف الجنسي، ثم الاقتصادي والجسدي، كما أشار إلى أن الكثير من هذه التصرفات، كإجبار المرأة على العلاقة الجنسية، لا تُصنّف كعنف داخل الأسرة ويتم تجاهلها بسبب "توقّع وصول المولود"، أو يتم التستّر عليها.
تضمن التقرير شهادات من أطباء، ونشطاء اجتماعيين، ونساء عشن تجربة العنف.
وكتب مسعود هاشمي، وهو طبيب شاب يعمل في عيادة خاصة، عبر حسابه على منصة "إكس"، عن حالة لامرأة حامل تعرّضت للركل في بطنها من زوجها، ما أدى إلى نقلها للعيادة، وهي تنزف دمًا.
وأكد أن هذه الحوادث متكررة إلى درجة أن "القيود الاجتماعية لم تعد كافية لردع العنف ضد النساء الحوامل".
وأورد التقرير شهادات لنساء إيرانيات عشنّ تجارب مشابهة، إحداهن تُدعى "ندا"، تحدّثت عن تعرضها المتكرر للضرب أثناء الحمل، بل تمّ دفعها من على الدرج.
وتحدثت امرأة أخرى تُدعى "بديعة" عن العنف الاقتصادي، رغم أنها متعلّمة وتعمل، حيث حرمها زوجها من المال وحتى من الطعام، وأجبرها على العودة للعمل سريعًا.
وقالت زينب حسيني، طبيبة مقيمة في تخصص النساء والتوليد بطهران، إنها خلال السنوات الثلاث الماضية عالجت عشرات النساء الحوامل، اللائي تعرضن للعنف، وكثير منهن لم يحصلن حتى على الحد الأدنى من الدعم أو الاحترام النفسي.
وأكدت أن بعض الرجال المتعلمين يعتبرون العنف النفسي أمرًا طبيعيًا، وأن بعض النساء يتعرضن للعنف بسبب جنس الجنين.
كما أعربت عن أسفها لعدم وجود بروتوكولات أو تعليمات واضحة للتعامل مع حالات العنف ضد النساء الحوامل، وأن دورها كطبيبة لا يتجاوز تقديم توصيات شفوية أو إحالة الضحية إلى أخصائي اجتماعي أو نفسي.
وأكّد الأطباء المشاركون في التقرير أنهم يفتقرون إلى أي غطاء قانوني يتيح لهم التدخل في حالات العنف الأسري.
وقال الطبيب هاشمي: "إن التجربة أثبتت لي أن الرجال في هذه الحالات عدوانيون جدًا. من يركل زوجته الحامل في بطنها، ماذا سيفعل بي أنا؟".
وأشار إلى أنه، على عكس بعض الدول التي تتدخل فيها الشرطة فورًا بعد بلاغ من الطبيب، فإن الأطباء في إيران لا يتمتعون بأي حماية قانونية في مواجهة مثل هذه القضايا.
وبدورها أكدت الرئيسة السابقة لجمعية أطباء النساء والتوليد، أعظم السادات موسوي، أنه لا توجد إرشادات أو قوانين واضحة للتعامل مع هذه الحالات، وإذا ما بادر أحد الأطباء بأي إجراء، فهو من باب "الضمير الشخصي" فقط.
وحذرت من خطورة إهمال هذه القضايا في ظل توجه الحكومة نحو تشجيع الإنجاب، قائلة إن "حتى من أجل سلامة الجنين النفسية والجسدية، يجب سنّ قوانين لحماية المرأة الحامل".
وأشار التقرير إلى وجود علاقة وثيقة بين خلفية العنف في الأسرة وتعرّض النساء الحوامل للعنف. وأكثر من 60 في المائة من النساء اللاتي تعرضن للعنف أثناء الحمل، سبق أن عشن أو شهدن أشكالاً من العنف.
صرّحت زهرا افتخار زاده، من مؤسسة "بيت الأمان آتنا"، بأن ما بين 65 و70 في المائة من النساء المعنّفات تعرضن للعنف خلال الحمل، معتبرة أن هذا العنف هو "من أكثر أنواع العنف الأسري فظاعة".
وقالت إن المرأة الحامل، بسبب ظروفها الجسدية والنفسية وحاجتها للدعم، تكون في أضعف حالاتها، ويستغل الرجال هذا الوضع لممارسة السيطرة والعنف.
سلّط تقرير "هم میهن" الضوء مجددًا على انعدام الحماية القانونية لواحدة من أكثر الفئات هشاشة في المجتمع الإيراني.
وتتضافر روايات الأطباء والنشطاء والنساء أنفسهم لتؤكد وجود حلقة مغلقة من العنف، والتطبيع، والصمت، واللا مبالاة.
وفي ظل إصرار النظام الإيراني على تشجيع الإنجاب، يكشف هذا التقرير أن حماية الأمهات ليست من أولوياته، وأن السكوت على العنف ضد المرأة الحامل لا يزال واقعًا قائمًا وممنهجًا.

لطالما كانت الاغتيالات المتسلسلة موضوعًا محرّمًا يُمنع على السينمائيين والكتّاب والصحافيين داخل إيران الاقتراب منه أو التطرّق إليه. لكن اليوم، يقدم مخرج إيراني في المنفى، من خلال فيلمه "أعماق الليل"، صورة عن هذه الاغتيالات المرعبة.
بعد فيلم "المخطوطات لا تحترق" لمحمد رسول آف – الذي تناول هذه الاغتيالات بشكل مباشر وجريء – يأتي فيلم "أعماق الليل" للمخرج فرهاد ولكيجي كعمل آخر يتمحور حول هذه القضية.
غير أنه لا يتّخذ منحى سياسيًا صرفًا، بل يحاول الاقتراب من الموضوع من زاوية أخرى: تسجيل الحالة النفسية لكاتب في أيامه الأخيرة قبل اغتياله.
يروي الفيلم قصة كاتب ومترجم يُدعى فرهاد بوينده، وهو اسم يجمع بوضوح بين اسمي فرهاد غبرايي ومحمد جعفر بوينده، وهما كاتبان ومترجمان اغتالتهما عناصر تابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية في سلسلة اغتيالات طالت كتّابًا وفنانين في تسعينيات القرن الماضي.
وقد أهدى المخرج فيلمه إلى فرهاد غبرايي في العنوان الافتتاحي، وقال في مقابلة إنه كان شاهدًا على جزء من حياة غبرايي، ومنذ مغادرته إيران ظلّ يفكر في رواية هذه القصة.
في الفيلم، يعود فرهاد إلى قريته الأصلية – التي يُفترض أنها تقع في شمال إيران – كي "يتركه الآخرون وشأنه".
بيت العائلة الواقع قرب النهر آيلٌ إلى السقوط، وهو رمز واضح للوضع الكارثي والمهتز لإيران.
يحاول فرهاد بكل ما أوتي من جهد أن يُبقي أعمدة هذا البيت قائمة، لكن يبدو أن قدرته على ذلك تتضاءل، فيما تتهاوى أسسه يومًا بعد يوم.
علاقة هذا الرجل – الذي يؤدي دوره علي مصفا – بزوجته، وخصوصًا بابنته الصغيرة، تشكل محورًا مهمًا في مسار الفيلم.
يعيش الرجل في خوف دائم، ويحمل ماضيا مريرًا: ذكريات سجون الثمانينات والإعدامات. وفي هذا المكان الغابي يعثر أيضًا على هيكل عظمي لرجل أُطلق عليه الرصاص في رأسه. هكذا يرتبط الماضي بالحاضر ووضعه الراهن.
الاضطراب النفسي العميق للشخصية الرئيسية يفتح الباب أمام مشاهد سوريالية، غير أن المخرج لا يستغل هذه الفرصة بما يكفي، ويكتفي بعدد قليل من المشاهد القصيرة، وبعض التلاعبات الصوتية والبصرية.
بالرغم من ذلك، يظهر أحد أجمل مشاهد الفيلم – تساقط أسماك ميتة من السماء – في هذا القسم، مشهد يحمل بُعدًا رمزيًا وجماليًا، لكنه لا يتكرّر أو يُستثمر في بقية الفيلم. في حين كان من الممكن أن يؤدي التوغل في عالم الهواجس إلى جعل النصف الثاني من الفيلم أكثر تشويقًا.
يوسّع ولكيجي الحكاية عرضيًا، ويبني سردًا لا يعتمد على الخط التقليدي للقصة، ضمن فضاء محدود وشخصيات قليلة.
هذا الأسلوب يمنح الفيلم طابعًا مختلفًا، لكنه يصعّب تواصل المتفرج مع الحدث مع تقدّم الفيلم.
المخرج، الذي عمل لسنوات في تصميم الديكور في السينما الإيرانية، يركّز هنا كلّ طاقته على تصميم المشاهد: لقطات جميلة، وديكورات جذابة، وفضاء بصري لافت. لكنه في المقابل، لا ينجح بالقدر ذاته في تطوير القصة أو توجيه الممثلين بعمق.
أفضل وأحبّ الشخصيات في الفيلم هي الطفلة الصغيرة، التي صُمّمت جيدًا وأدّت دورها بشكل مدهش. بينما تبقى شخصية فرهاد – بكل تعقيداتها وماضيها الحالك – مغلقة وغامضة، كما أن النصوص التي تُلقى بصوته كمونولوج فوق الصور لا تساهم كثيرًا في تعميق هذه الشخصية.
لكن الفيلم ينجح عبر تفاصيل معينة – كحواراته الهاتفية – في بناء عالم غير مرئي لكنه متخيّل؛ أحد أصدقاء فرهاد يختفي، لكنه يرفض تصديق الأمر، ويواصل الاتصال به باستمرار. من جهة أخرى، يلمّح صديقه رئيس التحرير وناشره، بعبارات مواربة، إلى أوضاع الاغتيالات، ويعرض عليه قائمة رقابية بالتعديلات المطلوبة على كتابه، تعكس بوضوح مدى تفاهة ومأساوية الرقابة في إيران التسعينيات.
كما يتحوّل الفيلم إلى عرض بصري للطبيعة وامتزاجها بالفضاء القروي البسيط، حيث تتكوّن المشاهد بقوة وحضور الطبيعة الحية، التي تتحمل العبء الرئيسي للفيلم.
ومن أبرز مشكلات "سينما المنفى"، إعادة بناء الداخل الإيراني في الخارج، والتي غالبًا ما تكون غير مقنعة وتفقد المتفرج الإيراني الإحساس بالمصداقية منذ اللقطات الأولى.
إلا أن هذا الفيلم ينجح، لحسن الحظ، في خلق فضاء قابل للتصديق لمنطقة شمال إيران، وحتى في المشاهد الداخلية، حيث تظهر ممثلة دون حجاب، وتُعرض علاقات عاطفية بين الزوجين – مثل العناق والنوم جنبًا إلى جنب – وهي مشاهد محظورة في السينما الرسمية داخل إيران، لكنها تسهم هنا في خلق واقع معيشٍ يُصدَّق.

كتبت مجلة" إيكونوميست" أن إيران، التي تمرّ الآن بمرحلة ما بعد الحرب مع إسرائيل، تشهد مؤشرات واضحة على تراجع كبير في نفوذ المرشد الإيراني علي خامنئي، ما يُدخل البلاد في مرحلة من الغموض السياسي، ويجعل مسألة الخلافة قضية حيوية ومصيرية.
المرشد الإيراني البالغ من العمر 86 عاماً بات نادراً ما يظهر في العلن، وخطاباته التي كانت يوماً طويلة ومفصلة، تحوّلت إلى كلمات مقتضبة وعامة. هذا الانسحاب التدريجي من المشهد، إلى جانب تصاعد الأزمات الداخلية، دفع المراقبين داخل النظام الإيراني وخارجه إلى التكهن بشأن استمرار قيادته وسيناريوهات خلافته.
تشير" إيكونوميست" إلى أن خامنئي، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي وتجنب المطالب السياسية، يسعى لإعادة تعريف البنية الدينية للنظام عبر غطاء من القومية الإيرانية.
فعلى سبيل المثال، في مراسم عاشوراء في يوليو (تموز) من هذا العام، تم استبدال الأدعية التقليدية ببث نشيد "أي إيران" الذي كان رائجاً قبل الثورة الإيرانية، لكنه ظل ممنوعاً لسنوات طويلة.
من جهة أخرى، عبر التغاضي عن عرض مسلسلات مثل النسخة الإيرانية من "جزيرة الحب"، وتخفيف القيود المفروضة على الحجاب في بعض مناطق العاصمة، يحاول النظام تقديم صورة لتسامح اجتماعي؛ غير أن هذه السياسات لا تعدو كونها أدوات لتقليل المطالب الجوهرية المتعلقة بتغيير بنية السلطة.
في الوقت ذاته، يستمر القمع السياسي: أعداد الإعدامات في ازدياد، والعفو الموعود عن المعتقلين السياسيين لم يُنفّذ.
تلفت المجلة إلى أن خامنئي، خلال الهجمات الإسرائيلية، فوّض عدة مهام حيوية إلى قادة عسكريين في الحرس الثوري، مما فتح الباب لتحول البلاد نحو حكم عسكري فعلي.
لكن الحرس نفسه يعاني من تحديات داخلية، أبرزها الفساد البنيوي والانقسامات الداخلية، بالإضافة إلى تغلغل الاستخبارات الإسرائيلية.
في الوقت ذاته، تحاول بعض الشخصيات مثل مسعود بزشكيان، الرئيس الإيراني، فتح قنوات حوار مع المعارضة وإعادة المنفيين. لكن مكانته الضعيفة داخل النظام، وسخط الشارع من الانقطاعات المتكررة للكهرباء والماء، والانهيار الاقتصادي وسقوط قيمة العملة، أفقدته الصلاحية والشرعية اللازمتين لتحقيق إصلاحات حقيقية.
الرئيسان السابقان محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني يسعيان بدورهما للعودة إلى الساحة السياسية. وتُشير المجلة إلى احتمال أن يكون روحاني يطمح إلى تولي منصب المرشد، بينما يتحرك علي لاريجاني كرئيس تنفيذي محتمل، وقد زار مؤخراً موسكو والتقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
أصوات معارضة.. ضغوط داخلية.. عزلة خارجية
في 11 يوليو (تموز)، أصدر مير حسين موسوي، رئيس الوزراء الأسبق، بياناً دعا فيه إلى صياغة دستور جديد، وقد لاقت هذه الدعوة تأييد مئات المثقفين الإيرانيين. إلا أن شريحة واسعة من الشباب الإيراني تطالب بتغييرات جذرية لا تشمل أياً من وجوه الماضي أو الحاضر، حتى تلك المعارضة منها.
أما في السياسة الخارجية، فقد تخلّى النظام الإيراني عن طموحاته الإقليمية، وركّز على الحفاظ على بقائه. بعض المتشددين يطالبون بالإسراع في إنتاج قنبلة نووية، بينما يعلّق آخرون آمالهم على مساعدات محتملة من الصين أو روسيا؛ مساعدات تبدو إما غير كافية أو متأخرة جداً.
وفي خضمّ ذلك، تبقى أميركا اللاعب الأهم. تقول "إيكونوميست" إن مشاركة دونالد ترامب في الحرب الإسرائيلية ضد النظام الإيراني أثارت قلق طهران وأوقفت مفاوضات الملف النووي. وأعلن عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أن النظام الإيراني مستعد لاستئناف المفاوضات.
مستقبل بلا قيادة واضحة
وتحذّر" إيكونوميست" في ختام تحليلها من أنه، رغم أن اتفاقاً محتملاً مع أميركا قد يؤدي إلى رفع العقوبات ويفتح الباب أمام عودة الاستثمارات الأجنبية، فإن غياب قيادة قوية ذات رؤية قادرة على اتخاذ قرارات استراتيجية، يضع إيران على أعتاب مرحلة من الارتباك وعدم الاستقرار. فالشعب يريد التغيير، لكن يبدو أن القائد القادر على توجيه هذا التحول لم يعد موجوداً في السلطة.

أظهرت تقارير إعلامية مقتل ما لا يقل عن 45 امرأة على يد أزواجهن أو رجال مقربين منهن خلال 4 أشهر. وقد وقعت هذه الجرائم في الغالب بدوافع "الشرف" أو بسبب خلافات عائلية، بحيث قُتلت امرأة واحدة على الأقل كل ثلاثة أيام على يد أحد أفراد عائلتها.
موقع "هرانا" الحقوقي ذكر في تقرير له أن شهر مايو (أيار) سجّل أعلى عدد من هذه الجرائم بـ19 حالة على الأقل، يليه شهر أبريل (نيسان) بـ17 حالة، ثم يونيو (حزيران) بـ6 حالات، ويوليو (تموز) بـ3 حالات.
تفاصيل هذه القضايا تشير إلى أن العديد من جرائم القتل ارتُكبت بوحشية شديدة، بما في ذلك استخدام الأسلحة النارية أو البيضاء، أو التسبب في إصابات جسدية خطيرة، أو تقطيع الجثث، وفي بعض الحالات أقدم الجناة على الانتحار بعد ارتكاب الجريمة.
كما تعرض أبناء الضحايا أو أفراد آخرون من العائلة للعنف في عدد من هذه القضايا.
وفي تقرير "هرانا"، ورد من بين أبرز الجرائم في أبريل (نيسان) مقتل امرأة حامل في كرمانشاه بسبب جنس الجنين، ومقتل امرأة وطفلتها في بروجن، وقيام رجل بقطع رأس زوجته في بندر عباس أمام أعين طفلها.
وفي شهر مايو (أيار)، برزت حوادث مثل مقتل "فاطمة برخُرداري" وهي معلمة وأم لثلاثة أطفال على يد زوجها، ومقتل "كُبرى رضائي" ومحاولة القاتل التخلص من الجثة باستخدام الحمض، إضافة إلى مقتل امرأتين أمام مكتب طلاق على يد زوج إحداهن، وكلها تعكس حدة العنف وغياب نظام دعم فعال.
واستمرت أعمال العنف المميتة في شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) أيضًا. ففي خرم آباد، أقدم رجل على قتل زوجته وطفليه ثم انتحر. وفي كلاردشت، فرّ القاتل بعد قتل زوجته. أما في مشهد، فقد توفيت إحدى فتاتين كانتا محتجزتين داخل منزل أثناء محاولتهما الفرار.
بيانات "هرانا" تظهر أن هذه الجرائم حدثت في ما لا يقل عن 30 مدينة وقضاء ضمن 20 محافظة مختلفة من إيران.
وتصدرت محافظة طهران القائمة بأربع حالات، تلتها محافظات كرمانشاه، فارس، كرمان، خوزستان، أذربيجان الشرقية، وخراسان (رضوي وشمالي) بحالتين أو ثلاث في كل منها.
وتشير مراجعة الجرائم العديدة التي وقعت في الشهور الأربعة إلى أن الدوافع الرئيسية شملت الخلافات الأسرية، الغيرة وسوء الظن من قبل الأزواج، قضايا "الشرف"، الضغوط المالية، رفض الزواج، الانتقام العاطفي، واضطرابات نفسية لدى الجناة.
والعديد من الضحايا سبق لهن أن تعرضن للعنف الأسري، وبعضهن قُتلن بسبب جنس الجنين أو مطالبتهن بالطلاق، وفي عدد من الحالات أقدم القتلة على الانتحار بعد ارتكاب الجريمة.
ويؤكد تقرير "هرانا" أن غالبية هذه الجرائم تميزت بعنف شديد، مثل استخدام الأسلحة، أو التمثيل بالجثث، أو الضرب الوحشي، إضافة إلى انتحار الجناة في بعض الحالات.
كما أن بعض الأبناء أو أفراد الأسرة الآخرين أصبحوا ضحايا لهذه الجرائم.
وأشار الموقع الحقوقي إلى أن القاسم المشترك بين هذه الجرائم هو العلاقة المباشرة بين الجاني والضحية، ووقوعها في محيط المنزل، ما يُبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز نظام الوقاية من العنف الأسري، وتوفير الدعم القانوني والاجتماعي للنساء المعرّضات للخطر، وإنشاء آليات فعالة للإبلاغ عن السلوكيات العنيفة ومتابعتها.
وفي ختام تقريره، أكد "هرانا" أن تزايد وتيرة العنف الأسري المميت يُحتم على الجهات المعنية سن قوانين حماية فعالة، وتوسيع نطاق التوعية العامة، وتقديم خدمات نفسية، والتدخل الفوري في الحالات المعرضة للخطر.
ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن غياب الشفافية في عرض الإحصاءات، وضعف البنية التحتية الداعمة، وتطبيع العنف الأسري في بعض البيئات الثقافية والإعلامية، لا يزال يشكل عائقًا كبيرًا أمام مواجهة هذه الأزمة الاجتماعية.
كما تستمر ظواهر مثل زواج القاصرات، و"جرائم الشرف"، وقتل النساء، والانتحار بسبب الزواج القسري، بمعدلات مرتفعة في عدد من المحافظات الإيرانية.