ووفقًا لأدنى التقديرات، فإن واحدة من كل امرأتين حاملتين في إيران تعرضت للعنف.
وبحسب التقرير، فإن أكثر أشكال العنف شيوعًا في هذه الفترة هو العنف النفسي، يليه العنف الجنسي، ثم الاقتصادي والجسدي، كما أشار إلى أن الكثير من هذه التصرفات، كإجبار المرأة على العلاقة الجنسية، لا تُصنّف كعنف داخل الأسرة ويتم تجاهلها بسبب "توقّع وصول المولود"، أو يتم التستّر عليها.
تضمن التقرير شهادات من أطباء، ونشطاء اجتماعيين، ونساء عشن تجربة العنف.
وكتب مسعود هاشمي، وهو طبيب شاب يعمل في عيادة خاصة، عبر حسابه على منصة "إكس"، عن حالة لامرأة حامل تعرّضت للركل في بطنها من زوجها، ما أدى إلى نقلها للعيادة، وهي تنزف دمًا.
وأكد أن هذه الحوادث متكررة إلى درجة أن "القيود الاجتماعية لم تعد كافية لردع العنف ضد النساء الحوامل".
وأورد التقرير شهادات لنساء إيرانيات عشنّ تجارب مشابهة، إحداهن تُدعى "ندا"، تحدّثت عن تعرضها المتكرر للضرب أثناء الحمل، بل تمّ دفعها من على الدرج.
وتحدثت امرأة أخرى تُدعى "بديعة" عن العنف الاقتصادي، رغم أنها متعلّمة وتعمل، حيث حرمها زوجها من المال وحتى من الطعام، وأجبرها على العودة للعمل سريعًا.
وقالت زينب حسيني، طبيبة مقيمة في تخصص النساء والتوليد بطهران، إنها خلال السنوات الثلاث الماضية عالجت عشرات النساء الحوامل، اللائي تعرضن للعنف، وكثير منهن لم يحصلن حتى على الحد الأدنى من الدعم أو الاحترام النفسي.
وأكدت أن بعض الرجال المتعلمين يعتبرون العنف النفسي أمرًا طبيعيًا، وأن بعض النساء يتعرضن للعنف بسبب جنس الجنين.
كما أعربت عن أسفها لعدم وجود بروتوكولات أو تعليمات واضحة للتعامل مع حالات العنف ضد النساء الحوامل، وأن دورها كطبيبة لا يتجاوز تقديم توصيات شفوية أو إحالة الضحية إلى أخصائي اجتماعي أو نفسي.
وأكّد الأطباء المشاركون في التقرير أنهم يفتقرون إلى أي غطاء قانوني يتيح لهم التدخل في حالات العنف الأسري.
وقال الطبيب هاشمي: "إن التجربة أثبتت لي أن الرجال في هذه الحالات عدوانيون جدًا. من يركل زوجته الحامل في بطنها، ماذا سيفعل بي أنا؟".
وأشار إلى أنه، على عكس بعض الدول التي تتدخل فيها الشرطة فورًا بعد بلاغ من الطبيب، فإن الأطباء في إيران لا يتمتعون بأي حماية قانونية في مواجهة مثل هذه القضايا.
وبدورها أكدت الرئيسة السابقة لجمعية أطباء النساء والتوليد، أعظم السادات موسوي، أنه لا توجد إرشادات أو قوانين واضحة للتعامل مع هذه الحالات، وإذا ما بادر أحد الأطباء بأي إجراء، فهو من باب "الضمير الشخصي" فقط.
وحذرت من خطورة إهمال هذه القضايا في ظل توجه الحكومة نحو تشجيع الإنجاب، قائلة إن "حتى من أجل سلامة الجنين النفسية والجسدية، يجب سنّ قوانين لحماية المرأة الحامل".
وأشار التقرير إلى وجود علاقة وثيقة بين خلفية العنف في الأسرة وتعرّض النساء الحوامل للعنف. وأكثر من 60 في المائة من النساء اللاتي تعرضن للعنف أثناء الحمل، سبق أن عشن أو شهدن أشكالاً من العنف.
صرّحت زهرا افتخار زاده، من مؤسسة "بيت الأمان آتنا"، بأن ما بين 65 و70 في المائة من النساء المعنّفات تعرضن للعنف خلال الحمل، معتبرة أن هذا العنف هو "من أكثر أنواع العنف الأسري فظاعة".
وقالت إن المرأة الحامل، بسبب ظروفها الجسدية والنفسية وحاجتها للدعم، تكون في أضعف حالاتها، ويستغل الرجال هذا الوضع لممارسة السيطرة والعنف.
سلّط تقرير "هم میهن" الضوء مجددًا على انعدام الحماية القانونية لواحدة من أكثر الفئات هشاشة في المجتمع الإيراني.
وتتضافر روايات الأطباء والنشطاء والنساء أنفسهم لتؤكد وجود حلقة مغلقة من العنف، والتطبيع، والصمت، واللا مبالاة.
وفي ظل إصرار النظام الإيراني على تشجيع الإنجاب، يكشف هذا التقرير أن حماية الأمهات ليست من أولوياته، وأن السكوت على العنف ضد المرأة الحامل لا يزال واقعًا قائمًا وممنهجًا.