وفي الوقت ذاته انتقد محموديان صمت النشطاء السياسيين والمجتمع المدني حيال الظلم، الذي تعرض له معتقلو هذا السجن على مدى السنوات الماضية.
وفي رسالة نُشرت على حسابه في "إنستغرام"، يوم الخميس 17 يوليو (تموز)، كتب محموديان: "أحد مديري منظمة السجون جاء إلى فشافويه. وجهه كان جديًا، قلقًا، ومعه نبرة اعتذار. جاء ليقول: لقد فوجئنا، عليكم أن تتحملوا قليلاً حتى يتم توفير الإمكانات. قالوا إنهم نقلونا دون سابق إنذار، السجن لم يكن جاهزًا، ووعدوا بتحسين الوضع".
وفي رسالته المعنونة: "لا هذا السجن جديد، ولا هذا الظلم؛ بل نحن من جئنا متأخرين"، أضاف هذا السجين السياسي أن سجن "طهران الكبير" يضم منذ سنوات آلاف السجناء في ظروف غير إنسانية، خلافًا لما يدّعيه المسؤولون بأنه لم يكن مهيّأ لاستقبال السجناء السياسيين.
وأشار إلى عملية نقله مع سجناء سياسيين آخرين، وكتب: "لم ينقلونا إلى سجن جديد التأسيس، بل إلى مكان عاش فيه الناس لسنوات، من جميع الطبقات، وبمختلف الجرائم والخلفيات، في هذه الظروف ذاتها؛ بلا إمكانات، بلا صوت، وبلا قدرة على الاعتراض".
ووصف محموديان سجن "طهران الكبير" بالقول: "هذا ليس سجنًا غير مجهز، بل هو سجن مهيأ منذ سنوات لممارسة الظلم. مهيأ لتحطيم الإنسان بأقل الإمكانات الممكنة".
وأشار إلى وضع السجناء الآخرين، الذين كانوا في السجن قبل وصول السجناء السياسيين، وكتب: "لعدة سنوات، عاش آلاف السجناء، بغض النظر عن جرائمهم، في زنازين رطبة، دون أسرّة، دون مياه شرب، دون طبيب، مع سوء معاملة من قِبل الحراس، وفي ظروف غير إنسانية".
وأوضح هذا السجين السياسي أن كثيرًا من هؤلاء لم يكن لديهم حتى القدرة على الصراخ ولم يُسمع صوتهم. مؤكدًا انهم لم يُحرَموا فقط من "الحياة"، بل لم تكن لهم أولوية في الدفاع عن أنفسهم؛ لأنهم لم يكونوا سجناء سياسيين، فظلّوا في طي النسيان، يتعرضون للإذلال والسحق لسنوات.
وقال: "نحن الذين نعتبر أنفسنا محبين لهذا الشعب، غالبًا ما التزمنا الصمت أمام إذلال السجناء العاديين".
وعبر محموديان في رسالته عن التجارب المريرة لآلاف السجناء الذين وُصفوا بـ"الأوباش"، و"المهربين"، و"اللصوص"، والذين عاشوا لسنوات في هذا السجن من دون حقوق أو إمكانات إنسانية، وتعرضوا للإذلال في صمت ونُسوا تمامًا.
وأكد هذا الناشط المدني أن النظام الإيراني استخدم هؤلاء السجناء كحقول تجارب لممارسة "الوحشية ونزع الإنسانية"، والآن وصل الدور للسجناء السياسيين ليتجرعوا مرارة الظلم نفسه.
ووصف هيكلية السجون في إيران بأنها "منظومة منظمة لتحطيم كرامة الإنسان"، وكتب: "التعذيب، والحبس الانفرادي، والإهانات، والحرمان من النوم، وقطع الاتصال بالعائلة ليست استثناءً، بل هي القاعدة في هذا النظام".
وفي ختام رسالته، كتب محموديان أن هدفه من هذه الرسالة ليس سرد ألم شخصي، بل هو تذكير بالمسؤولية الجماعية في الدفاع عن كرامة الإنسان، مؤكدًا: "هذا ليس سجنًا جديدًا؛ بل هو مذبح صامت لآلاف البشر. وإن لم نكن صوتهم في السابق، فواجبنا الآن مضاعف لأن نكون كذلك".
وكانت قناة "إيران إنترناشيونال" قد أفادت في 12 يوليو الجاري، بأن رئيس منظمة سجون محافظة طهران، حشمت الله حيات الغيب، زار هذا السجن مع فريق من القوى الأمنية والمسؤولين القضائيين بهدف تصوير تقرير إعلامي.
وجاء في التقرير أن السجناء، عندما أدركوا أن الوفد جاء لتصوير تقرير يظهر "اهتمام ومتابعة رئيس منظمة السجون"، احتجوا على الزيارة ورددوا شعار "الموت للديكتاتور".
وفي 10 يوليو الجاري أيضًا، أفادت "إيران إنترناشيونال" بأن السجناء السياسيين الذين نُقلوا إلى سجني "طهران الكبير" و"قرجك ورامين"، يعيشون في ظروف غير إنسانية ولا تُطاق.