وبعد هذا الهجوم، أشار كل من السجين السياسي السابق، محمد حبيبي، والمعلم المعتقل في "إيفين"، محمد حسن بوره، عبر منصة "إكس"، إلى مقتل عدد من الأشخاص، من ضمنهم سجناء متحولون جنسيًا، لكن لم يُذكر في أي من الروايات عدد محدد للضحايا.
وكان أحد موظفي القسم الإداري في سجن "إيفين"، والذي أُصيب إصابة سطحية في الهجوم، قد تحدث إلى "إيران إنترناشيونال"، بشرط عدم الكشف عن هويته، وقال: "إن عدد السجناء المتحولين جنسيًا في الأشهر، التي سبقت الهجوم الإسرائيلي، تراوح بين 14 و36 شخصًا، ولم يتجاوز ذلك الرقم مطلقًا".
لكن صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية نشرت في 5 يوليو (تموز) الجاري، نقلاً عن محامٍ، أن قرابة 100 من السجناء المتحولين جنسيًا قُتلوا في الهجوم على سجن "إيفين".
ونفى مصدر لـ "إيران إنترناشيونال" هذا الرقم، وأوضح أن إجمالي عدد السجناء المتحولين جنسيًا في جميع سجون محافظة طهران لا يصل إلى 100 سجين.
وأضاف أن هؤلاء السجناء كانوا محتجزين في سجن "إيفين" لأسباب متعددة: "من قضايا مالية ومشاجرات وضرب، إلى تهم ارتداء ملابس نسائية وهم ذكور".
السجناء السياسيون يجهلون مصيرهم
قال أحد السجناء المتحولين جنسيًا، والذي قضى فترة عقوبته بين عامي 2020 و2024 في قبو القسم الأول المخصص لهؤلاء الأفراد، لـ "إيران إنترناشيونال": "إن عدد السجناء في هذا القسم كان يتغير؛ بسبب الإفراج عن البعض أو اعتقال آخرين. خلال فترة سجني، رأيت عددهم يتراوح بين 9 وأكثر من 30 شخصًا".
وأكد ثلاثة سجناء سياسيين، حاليين وسابقين، لـ "إيران إنترناشيونال"، عدم توفر معلومات عن السجناء المتحولين جنسيًا، أو الاتصال بهم.
وأشار أحد السجناء إلى احتمال نقل هؤلاء السجناء قبل الهجوم إلى مبنى مهجور قرب القسم الرابع من السجن، وأضاف: "لم نرَ هؤلاء السجناء أبدًا، ولكن في الأشهر الأخيرة، سمعنا شائعات عن نقلهم. وإذا كانت تلك الشائعات صحيحة، وكانوا في منطقة قريبة من القسم الإداري، فاحتمال إصابتهم أو مقتلهم وارد".
وأوضح موظف اجتماعي في سجن "إيفين" أن يوم زيارة السجناء المتحولين جنسيًا كان يُحدد بأحد أيام الاثنين من كل شهر. وفي يوم الاثنين 23 يونيو الماضي، الذي وقع فيه الهجوم، لم يكن لديهم زيارات، ومِن ثمّ لم يكونوا في صالة الزيارة المتضررة بشكل كبير.
وقالت عائلة أحد السجناء لـ "إيران إنترناشيونال"، نقلاً عنه، إن بعض موظفي سجن طهران الكبرى أخبروهم بأنه تم نقل السجناء المتحولين جنسيًا إلى ذلك السجن بعد الهجوم.
وأضافت: "تحدثت بعض الأخبار داخل السجن عن مقتل ثلاثة من السجناء المتحولين جنسيًا وإصابة عدد آخر في الهجوم".
ولم تتمكن "إيران إنترناشيونال" من تأكيد هذه الأرقام بشكل مستقل.
وكان السجناء المتحولون جنسيًا يُحتجزون منذ سنوات طويلة في غرف منعزلة بسجن "إيفين".
وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2019، كانوا محتجزين في زنازين فردية وجماعية ضمن القسم الأمني 240، لكن حسب تقرير نشره موقع "إيران واير" في مايو (أيار) 2021، ومتابعات "إيران إنترناشيونال"، فقد تم نقلهم في ديسمبر 2019 إلى قبو القسم الأول.
ويُشار إلى أن الطابق الأرضي للقسم الأول مخصص للحجر الصحي. وعند دخول السجناء، يُحتجزون هناك ليومين قبل نقلهم إلى أقسام أخرى، حسب نوع التهمة أو الحكم. وفي القبو، تم تخصيص مكان للسجناء المتحولين جنسيًا منذ 2019.
وبحسب صور منشورة بعد الهجوم الإسرائيلي، يبدو أن هذا المبنى لم يتعرض لأضرار مباشرة.
وقالت منظمة "هنغاو" الحقوقية، التي نشرت تقارير سابقة عن سجن "إيفين"، لـ "إيران إنترناشيونال": "لم نتلقَ حتى الآن أي تقرير موثق يشير إلى مقتل هذا العدد من السجناء المتحولين جنسيًا، رغم صدور تقارير رسمية عن سقوط عدد من الضحايا في الهجوم الإسرائيلي، وهناك من نجح في الفرار".
وفي 30 يونيو الماضي، أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، أصغر جهانغير، مقتل 79 شخصًا من موظفين، وزائرين، وجنود، وسجناء في الهجوم الإسرائيلي على سجن "إيفين"، وإصابة آخرين.
ونشرت السلطة القضائية أسماء وصور 41 من موظفي السجن، أبرزهم نائب المدعي العام لشؤون الأمن، علي قناعت كار، ونائب مدير سجن "إيفين"، روح الله توسلي. كما أُعلن مقتل 13 جنديًا.
ومن بين الضحايا أيضًا: مهرانغيز أيمن بور، زوجة الكاتب رضا خندان مهابادي، التي كانت قرب السجن لحظة الهجوم، وليلى جعفر زاده، التي كانت تزور زوجها المسجون.
كما أُعلن أيضًا عن مقتل مهرداد خيري، الطفل البالغ 5 سنوات، نجل زهرا عبادي، الموظفة في السجن.
وأعلنت السلطات الإيرانية أن العدد الرسمي لضحايا الهجوم الإسرائيلي على سجن "إيفين" بلغ 79 شخصًا، وهو ما لا يتطابق مع عدد الأسماء المنشورة، الذي وصل إلى 57 شخصًا، ومِن ثمّ فإن هناك 22 شخصًا مجهول الهوية.
وفي 12 يوليو الجاري، قالت السلطة القضائية الإيرانية إن خمسة من القتلى كانوا سجناء محكومين بقضايا مالية، دون ذكر أسمائهم.
وأشارت روايات من داخل السجن إلى مقتل عدد من المحققين الأمنيين، لكن لم يتم الإعلان عن أسمائهم.
ورغم التقارير المختلفة، فإن غياب الشفافية الرسمية بشأن مصير السجناء المتحولين جنسيًا يزيد من القلق والغموض في أوساط أسرهم. كما أن عدم نشر معلومات واضحة وعدم الوصول إلى أخبارهم يزيد من الشكوك والتكهنات ويحول دون فهم حقيقي لوضعهم.
ويعمق عدم الكشف عن هوية 22 من القتلى في الهجوم، الغموض حول مصير السجناء المتحولين جنسيًا، الذين كانوا محتجزين في "إيفين"، حتى يوم الهجوم الإسرائيلي.