وقد نُشر هذا البيان، الذي جاء بعنوان "نحن قلقون على مصير إيران"، يوم الجمعة 18 يوليو (تموز) في مجلة "دير شبيغل" الألمانية، وأكد الموقعون أن إيران "تقف اليوم عند مفترق طرق في لحظة هي الأخطر في تاريخها الحديث"، مشيرين إلى التوتر الداخلي وظلال التهديدات الخارجية.
وشدّد البيان على أن طريق إنقاذ البلاد لا يمر عبر التفاهم مع الحُكّام المحليين أو دعم الاستبداد، ولا عبر الحرب والارتهان للقوى الأجنبية، بل عبر "الطريق الثالث" وهو "طريق الشعب"، من خلال استعادة الفاعلية المجتمعية للشعب الإيراني، والتضامن لتحقيق أهداف مشتركة تُمكّنه من التصدي للقمع الداخلي والاستبداد، وكذلك للحرب والعدوان الخارجي.
وقد حذّر الموقعون من التداعيات الكارثية للحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل، معتبرين أن السياسات المكلفة للنظام الإيراني دفعت البلاد نحو الاضطراب والقمع والدمار.
وأضاف البيان أن إبقاء البلاد في أجواء الحرب، واستمرار السياسات العدائية والمغامرات النووية، لا يشكّل فقط تهديدًا لحياة المواطنين اليومية، بل يشكّل خطرًا وجوديًا على بقاء إيران نفسها.
كما أشار النشطاء الحقوقيون إلى أن الإصرار على عسكرة المجتمع، وقمع الأقليات والنساء والنشطاء المدنيين والنقابيين، واستمرار اعتقال السجناء السياسيين وأصحاب الرأي، وعمليات الاعتقال الواسعة، وازدياد الإعدامات، وحرمان الشعب من أبسط حقوقه كحرية التعبير وحق الاحتجاج، يدفع البلاد نحو مستقبل مظلم.
إنقاذ المعتقلين والتصدي لموجة القمع بعد الحرب
كان مير حسين موسوي، أحد زعماء "الحركة الخضراء"، قد أصدر بيانًا من مقر إقامته الجبرية، في 10 يوليو الجاري، أشاد فيه بـ "صمود" الشعب خلال الحرب، التي استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل، ودعا إلى إجراء استفتاء في البلاد، مؤكدًا حق المواطنين في تقرير مصيرهم.
وفي أعقاب ذلك، أعلن أكثر من 800 ناشط سياسي ومدني داخل إيران وخارجها دعمهم لمبادرة موسوي السياسية بشأن الاستفتاء.
ووصف موسوي حرب الـ 12 يومًا بين إيران وإسرائيل، بأنها نتيجة لـ "أخطاء جسيمة"، وطالب بإجراء استفتاء وطني.
كارثة إنسانية تلوح في الأفق
وجاء في جزء آخر من بيان النشطاء الـ 17 أن استمرار هذا المسار سيعرّض الشعب الإيراني لخطر كارثة إنسانية ستلقي بظلالها ليس فقط على الحاضر، بل على الأجيال القادمة أيضًا.
ووصف الموقعون الحالة الراهنة بأنها نتيجة "لسياسات النظام الإيراني الخاطئة والمُهدِّدة للوطن"، محذرين من أن تلك السياسات تدفع المجتمع الإيراني إلى مخاطر جدّية، وتحرمه بشكل متزايد من أبسط حقوقه، ومنها "الحق في حياة طبيعية" و"الحق في تقرير المصير".
استفتاء حرّ ومجلس تأسيسي
طالب الموقعون على البيان بإجراء استفتاء حر وشفاف بإشراف مؤسسات دولية بهدف استعادة حق الشعب الإيراني في تقرير مصيره، وتهيئة الأرضية لانتقال ديمقراطي إلى نظام وطني، ديمقراطي، وشامل، عبر تشكيل مجلس تأسيسي.
كما وجّه النشطاء الـ 17 دعوة إلى جميع التشكيلات والنشطاء السياسيين والمدنيين والثقافيين المستقلين للمساهمة في تمهيد طريق تحقيق هذا المطلب الوطني، عبر إعطاء الأولوية للنضال السلمي، والعصيان المدني، والجهود الجماعية.
دعوة لتحويل العمل من أجل التغيير إلى أولوية فورية
وفي ختام البيان، وبالتركيز على المسؤولية التاريخية للمجتمع المدني، دعا الموقعون جميع القوى والتيارات والنشطاء السياسيين والمدنيين والثقافيين إلى جعل العمل من أجل تغيير الوضع الراهن في البلاد "أولوية فورية" لأنشطتهم.
وأكدوا ضرورة استثمار كل إمكانات النضال المدني السلمي، بما في ذلك إصدار البيانات المشتركة، وإلقاء الخُطب، وتشكيل غرف التفكير والنقاشات الشعبية، واستعمال أدوات العصيان المدني والعمل الجماعي.
والموقعون على البيان هم: أبو الفضل قدیاني، برستو فروهر، حاتم قادری، حسین رزاق، سعید مدنی، صدیقه وسمقی، عباس صادقی، عبدالفتاح سلطانی، عبدالله مومنی، عطاء الله شیرازی، فریبا هشترودی، محمد سیف زاده، محمد رضا فقیهی، منظر ضرابی، مهدی محمودیان، نرجس محمدی، ونسرین ستوده.